''لا تتحقق أية مطالب للمصريين إلا بالنزول إلى الشارع''
يسود الساحة السياسية المصرية حاليا نوع من الضبابية من حيث المطالب التي ينادي بها المعتصمون في الميادين المصرية ومن ضمنها ميدان التحرير منذ 8 يوليو/ تموز الجاري. وبالرغم من حدوث نوع من الانفراج البسيط في الأوضاع، حيث قام رئيس الوزراء المصري عصام شرف بإدخال تعديلات على تشكيلة وزارته بعد أن طالب المعتصمون بإعطائه كافة الصلاحيات لتنفيذ مطالب ثورة 25 يناير عبر تشكيلة وزارية تتلاءم معها، إلا أن المعتصمين مازالوا يترقبون حدوث انفراج سياسي فعلي تجاوبا مع مطالبهم. دويتشه فيله أجرت حوارا مع المتحدث الرسمي باسم شباب الثورة زياد العليمي.
كيف يرى المعتصمون حالة الجمود التي سادت الساحة السياسية في مصر حاليا وتفاعلها مع مطالب الثورة؟
زياد العليمي: المعتصمون يرون أن عددا كبيرا من المطالب التي نودي بها منذ الأشهر الستة الماضية قد تحقق في مقدمتها وضع مبادئ ومعايير حاكمة لصياغة الدستور وطريقة تشكيل اللجنة التي ستصوغ الدستور بالإضافة إلى وضع حد أدنى وأقصى للأجور. كذلك إحالة عدد كبير من ضباط الشرطة المتهمين بالتقاعس عن عملهم وبقتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير إلى الاستيداع إضافة إلى علانية جلسات المحاكمات لرموز النظام السابق وتخصيص دائرة قضائية للنظر في قضايا تحتاج إلى سرعة الفصل فيها. كل ذلك تحقق بفضل الاعتصام التي شارك فيها الناس منذ أكثر من عشرة أيام حتى الآن. إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في أنه لا تتحقق أية مطالب إلا بالاعتصام والنزول إلى الشارع. من الطبيعي، أن يكون للوزارة سلطات واسعة لتحقيق مطالب الثورة، وهذا لا يحدث.
هناك مما لا شك فيه فارق واضح في السرعة بين مطالب المعتصمين في ميادين المدن المصرية والجهات المسئولة عن تلبية هذه المطالب، بماذا تفسر ذلك؟
العليمي: مصر قامت فيها ثورة أسقطت نظام مبارك، إلا أن الثوار لم يصلوا إلى الحكم ويطالبون بإحداث تغيير جذري؛ في المقابل توجد قيادة عملت بالفعل في ظل النظام السابق لمدة 30 عاما تقود البلاد خلال الفترة الانتقالية الحالية. ومن الطبيعي أن تدار الفترة الحالية لمصلحة الثورة والثوار والمصريين، وهذا لا يحدث إلا من خلال الضغط.
هل ترى أن هناك نوعا من التجاهل لشرعية ثورة 25 يناير؟
العليمي: هناك مما لا شك فيها محاولات مستمرة للتغاضي عن شرعية الثورة. وزارة عصام شرف السابقة كانت شرعيتها من ميدان التحرير وأصر المجلس العسكري على الحد من صلاحياتها وهذا ما دفع الناس بعد 6 أشهر إلى النزول إلى الشارع مجددا للمطالبة مجددا بمطالب ثورة 25 يناير. عمليا الشرعية الوحيدة في مصر هي شرعية الملايين الذين ينزلون إلى الشوارع وهي الطريقة الوحيدة للضغط وتحقيق المطالب، فالمجلس العسكري أيا كان لا يتحمل الانفجار.
ولا أحد يريد حدوث انفجار شعبي آخر في مواجهة أحد وبالتالي جميعنا نريد الاستقرار القائم على تطبيق مطالب الثورة. فقد حدث تراخ شديد فيما يتعلق بمحاكمة رموز النظام السابق وحين نزل المصريون في الأول والثامن من أبريل إلى الميادين بدأت محاكمات رموز النظام السابق تأخذ منحى آخر وهذا ينطبق أيضا على الاعتصام الحالي . لذلك يجب إعطاء الحكومة الحالية صلاحيات واسعة لتطهير مؤسسات الدولة وإدارة العملية الثورية لحين نقل السلطة إلى أيد مدنية منتخبة. والوحيد القادر على فرض أجندته هو الشعب المصري.
البعض يرى أن المعتصمين في المدن المصرية لا يمثلون الغالبية العظمى من الشعب،على سبيل المثال هناك من يتساءل"من انتخب المعتصمين للحديث باسم مصر"ما هو تعليقك على ذلك؟
العليمي: ومن انتخب الـ 20 مليون مصري، الذين نزلوا إلى الشوارع والساحات لإسقاط حكم مبارك، للحديث باسم مصر؟ هذه كانت الدعاية التي توجه ضد المعتصمين وقت ثورة 25 يناير....
ولكن هناك فارق في الأعداد. ثورة 25 يناير شارك فيها الملايين والمعتصمون حاليا عددهم بالآلاف.
العليمي: أنت تتحدثين عن معتصمين بمئات الآلاف في 16 محافظة في مواقيت مختلفة مع مراعاة درجات الحرارة المرتفعة حاليا وأن العديد من المعتصمين يتم نقلهم للمستشفيات لمعالجتهم من تبعات تواجدهم في أوقات ترتفع فيها الحرارة. كما أنني أتساءل مَن مِن الشعب المصري يقول إنه لا يريد عدالة اجتماعية أو حدا أدنى وأقصى للأجور وقيام محاكمات عادلة والقصاص من قتلة المتظاهرين؟. هذا شيء من العبث. إذا كان الشعب المصري لا يريد كل هذا، فماذا يريد إذاً؟!
هناك أنباء متباينة عن مسار الاعتصام، هل هو مستمر؟
العليمي: فض الاعتصام متعلق منذ 3 أيام بقرار أهالي الشهداء. فالقوى السياسية ترى أن الاعتصام حقق جزءا كبيرا من المطالب، إلا أن القرار الأخير يعود إلى أهالي الشهداء ومطالبهم. وهم من سيتخذون قرار فض الاعتصام من عدمه.
أجرت الحوار: هبة الله إسماعيل
مراجعة: أحمد حسو
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011