رحلة من أجل السلام
قام عشرون راكب دراجة من مدينة درسدن برحلة تناهز ثمانية آلاف كيلومترا راكبين دراجاتهم من ألمانيا إلى مصر تحت شعار "السلام والتفاهم". وقطعوا العام الماضي المرحلة الأولى من الرحلة ووصلوا إلى مدينة أثينا، وبوصولهم القاهرة في التاسع من يناير/كانون الثاني يكونوا قد أنهوا المرحلة الثانية. وفي طريقهم إلى الشرق الأوسط وصل السكسونيون إلى دمشق قبيل أعياد الميلاد. تقرير مانوئيلا رومر
استقبل المحافظ هواة رياضة الدراجات القادمين من درسدن، وارتمى جميعهم على الكراسي الفخمة في قاعة مبنى محافظة دمشق. تركوا دراجاتهم خارج المبنى، وجوههم قمحية اللون من أشعة الشمس، يظهر عليهم الإعياء جليا. أخذوا يستريحون من عناء الرحلة من بيروت إلى دمشق المكللة بالتلال.
يلبسون جميعا زيّا رياضيا أصفر، وكل منهم يعتبر فائزا لأنه صمد ثلاثة آلاف كيلومتر طوال الأربعة أسابيع الماضية. وعند وصولهم القاهرة تكون "رحلة السلام" التي يبلغ طولها 4500 كيلومترا أطول من رحلة سباق الدراجات الفرنسي السنوي "تور دو فرانس".
يقول عضو المجلس البلدي في مدينة درسدن السيد ديترش إفرز، البالغ من العمر ستة وستون عاما ويعد أكبر المشاركين في الرحلة سنا: "إنه تحدِّ من نوع رياضي نريد به أن نبرهن على أننا نستطيع تحمل مشاق الرحلة وفي نفس الوقت نحاول أن نهيء أسباب التفاهم مع الشعوب الأخرى.
عندما نسافر عبر المدن والقرى يقابلنا الأطفال بالتهليل، وعندما نقول أننا ألمان يفرحون لأننا جئنا من بعيد لِنمر عبر بلدهم. ولا يجب أن نغالي في تقدير ذلك، فما نقوم به لن يؤدي إلى قيام ثورة".
إشارات تضامن
وقد رحب محافظ العاصمة السورية السيد بشار المفتي بالزيارة الألمانية غير المألوفة، فسوريا التي تخضع لضغط عالمي ترحب بكل إشارة للتضامن، خاصة إذا جاءت من المدينة التي أتم فيها دراسته، ويعبر عن ذلك بقوله:
"هؤلاء الناس يزورون بلدنا لأول مرة. إنه لشيء في غاية الأهمية، وهم بهذه الطريقة يمكنهم أن يتعرفوا على أهلنا وعلى أسلوب حياتنا وعلى حضارتنا". وتسلم السيد المفتي رسالة تحية بعث بها رئيس الوزراء السكسوني السيد جورج ميلبراد.
وكان عمر حسنين بين هواة رياضة الدراجات الألمان، حيث قد انضم إلى المجموعة في مدينة حلب شمال سوريا. وعمر حسنين يعتبر السوري الوحيد في رياضة الدراجات، فقد حصل على كأس المركز الثاني في سباق آسيا.
وعمر حسنين من المعجبين جدا بـ"يان أولرش" كما أنه معجب بالمشاركين في الرحلة لأنهم ليسوا شبابا وعلى الرغم من ذلك قطعوا هذه الرحلة الطويلة، فكثير منهم تخطى الخمسين من العمر وبعضهم بلغ السادسة والستين، والناس يموتون هنا إذا بلغوا السادسة والستين".
حملة ترويجية لمقاطعة ألمانية شرقية
قام السيد المفتي محافظ دمشق بتقديم الشكر باللغة الألمانية لقائد المجموعة السيد شتيفان فروتشنر الذي قام بالإعداد لهذه الرحلة. وقد قام شتيفان فروتشنر الذي يعمل كمهندس في شركة درفلة كوسفيج Coswig بشرح محتوى تحية رئيس الوزراء بلهجة مقاطعة ساكسونيا وبمصطلحات كانت دارجة في ألمانيا الديمقراطية السابقة، حيث قال: "إن هذا يعني أن السلام مسألة تستحق التقدير ...".
ولكن كيف يجتمع ميلبراد وسكسونيا ورسالة السلام على دراجة؟ هل هذه دعاية من نوع آخر لولاية ألمانية؟ ويرد فروتشنر قائلا: إن ميلبراد ما هو إلا راعي هذه العملية.
ويتابع فروتشنر: "إننا لا نريد دعاية خاصة لولاية سكسونيا ولا نريد أن نتدخل في سياسة البلاد. إن هذه ليست مهمتنا. نحن لا نريد إلا تقوية العلاقات بين ألمانيا وبين البلاد التي ننزل فيها ضيوفا. وقد أدهشتنا سوريا جدا والناس هنا في غاية الإستعداد للمساعدة".
ويستطرد فروتشنر "إن ما نقوم به ما هو إلا مساهمة بسيطة، ولن نستطيع أن نحرك أكثر من ذلك، وقد يكون هذا كافيا إذا قام كثير من البشر بمساهمات بسيطة، عندئذ سوف تصبح شيئا كبيرا. فعلى سبيل المثال شاهدنا صورا فسيفائية كبيرة عند زيارتنا للمسجد وهذه الصور تكونت من قطع صغيرة كثيرة العدد".
بقلم مانوئيلا رومر
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2006