كيف يمكن منع انتشار فيروس كورونا المستجد في مخيمات اللاجئين؟
أعربت السلطات اليونانية عن خشيتها من تفشّي فيروس كورونا الجديد في الجزر اليونانية التي تأوي آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء. ومع اكتشاف أول حالة إصابة بالفيروس في جزيرة ليسبوس، تزداد المخاوف من إمكانية انتشار كورونا في مخيمات اللاجئين المكتظة في الجزر اليونانية.
فقد أكدت وزارة الصحة اليونانية إصابة امرأة من سكان جزيرة ليسبوس بالفيروس، وأضافت أن عدد المصابين في عموم البلاد بلغ 84 شخصاً بعد تسجيل 11 إصابة جديدة، مشيرةً إلى أن ثلاثة من المصابين أجانب دون أن تحدد جنسياتهم.
وتطرح التطورات الجديدة المتعلقة بفيروس كورونا تساؤلات عن الإجراءات التي تتخذها سلطات الدول التي تأوي اللاجئين للحد من وصول الفيروس إلى المخيمات.
اليونان: مراكز احتجاز مغلقة للاجئين لمواجهة كورونا!
من جانبها أكدت مفوضية شؤون اللاجئين في اليونان عدم تسجيل أي إصابة بين اللاجئين في البلاد حتى الآن. وعن الإجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا في المخيمات، قال متحدث باسم المنظمة في اليونان إنهم يعملون على البدء بدورات للاجئين حول كيفية الوقاية من الفيروس عبر الاهتمام بالنظافة الشخصية. وأضاف المتحدث أن "الفِرَق الطبية الموجودة في مراكز الاستقبال أيضاً تحاول توفير المزيد من المعلومات (للاجئين) لمنع انتشار الفيروس".
وتقوم اليونان ببناء مركز احتجاز للاجئين في جزيرة ليسبوس ليحل محل مخيم موريا، أكبر مخيم في الجزيرة، والذي يعيش فيه نحو 18 ألف لاجئ رغم أنه لا يتسع لأكثر من 3 آلاف. كما تنوي الحكومة اليونانية بناء مراكز احتجاز مماثلة في الجزر الأخرى التي تأوي اللاجئين وهي خيوس وساموس وكوس وليروس.
ورغم احتجاج السكان المحليين على بناء هذه المراكز المغلقة، تقول السلطات إنها ستوفر السلامة العامة بشكل أكبر، وتحد من المخاطر الصحية المحتملة. ويؤكد المتحدث باسم الحكومة اليونانية، ستيليوس بيتساس، أن هذه المخاوف تحظى بأهمية خاصة بسبب انتشار فيروس كورونا، وأضاف: "من الواضح أنه يمكن التعامل مع أمور مثل فيروس كورونا بسرعة وفعالية في منشأة مغلقة وليس في منشأة فوضوية مفتوحة تعتبر قنبلة موقوتة صحية".
لبنان: "خطط طارئة لتعزيز التدابير"
المخاوف من انتشار الفيروس في مخيمات اللاجئين لا تقتصر على اليونان، فملايين اللاجئين يعيشون في الدول المجاورة لسوريا. وانتشار الفيروس في أي مخيم قد يشكل كارثة صحية ويزيد من معاناة اللاجئين الذين يعيشون في مخيمات مكتظة، تفتقر أغلبها إلى الشروط الصحية المناسبة.
ففي لبنان، الذي يأوي نحو مليون ونصف مليون لاجئ، أعلن وزير الصحة حمد حسن انتقال فيروس كورونا المستجد من مرحلة الاحتواء، إلى مرحلة الانتشار، وهذا ما يزيد المخاوف من إمكانية انتشاره في المخيمات، خصوصاً مع ازدياد عدد حالات الإصابة في لبنان، والتي وصلت إلى 41 حالة.
وترى ليزا أبو خالد، المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان، أن تفشي كورونا "يشكل تحدياً لا بد من التصدي له من خلال التعاون"، وتضيف لـِ دي دبليو عربية: "تعمل المفوضية مع الحكومة وبالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى على وضع خطط طارئة لتكثيف التدابير وتعزيزها في حال انتشار الفيروس على نطاق أوسع في البلاد".
وعن تدابير الوقاية، تقول أبو خالد إن جهودهم "تنصب على نشر المعلومات الصحيحة وتوعية اللاجئين بهذا الخطر الصحي العالمي". ومن تلك التدابير، كما تذكر أبو خالد، نشر المعلومات المتعلقة باحتياطات النظافة الشخصية والوقاية، وتوفير موظفين للإجابة عن أي أسئلة لدى اللاجئين حول الفيروس، بالإضافة إلى توفير منتجات النظافة الصحية ومواد التعقيم، فضلاً عن برامج التوعية للاجئين.
ويشير ريني فيلدأنغل، الباحث في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، إلى أن خطر الإصابة بفيروس كورونا لدى اللاجئين، الذين يقيمون في المدن الكبرى، قد يكون أكبر منه مقارنة باللاجئين الذين يعيشون في المخيمات الكبيرة.
ويضيف في حديث لدويتشه فيله: "في مخيم الزعتري بالأردن مثلاً، الخطر أقل لأنه من السهل على اللاجئين الحصول على الخدمات الصحية، أما بالنسبة للاجئين الذين يعيشون في مدن كبرى في لبنان مثلاً، فالخطر أكبر لأنهم غير مسجلين ولا يستطيعون الوصول إلى أي خدمات صحية".
الأردن: إجراءات وقائية
ويرى المتحدث باسم مفوضية اللاجئين في الأردن، محمد حواري، أن "وجود فيروس كهذا بحد ذاته أمر مقلق"، ويضيف في حديث لـ دي دبليو عربية: "إذا حصلت أي إصابة في تجمعات اللاجئين القريب بعضها من بعض، مثل المخيمات، فإن الانتشار يكون أسرع".
لكن "ما يدعو إلى الاطمئنان" في الأردن، بحسب حواري، هو أن "المستشفيات داخل المخيمات مهيئة للاستجابة لأي حالة"، ويتابع: "الوصول إلى المستشفيات داخل المخيمات أسهل منه في المناطق الحضرية".
ويعتقد حواري أن نسبة خطورة انتشار الفيروس في المخيمات "أقل" منها في الخارج، ويوضح: "المخيمات لا يوجد فيها حالات سفر للخارج كما أننا كموظفين في منظمات الأمم المتحدة نخضع لرقابة كبيرة فيما يتعلق بالسفر، وذلك لكي لا ننقل المرض لأي شخص".
وقد سجل الأردن أول حالة إصابة بالفيروس، كما تم وضع 80 شخصاً قيد الحجر الصحي. ولمواجهة خطر انتشار الفيروس خصصت وزارة الصحة الأردنية رقماً موحداً للطوارئ (وهو 111). ويقول حواري لـِ دي دبليو عربية إن "الرقم يشمل من في المخيمات أيضاً. فعند وجود أي اشتباه يمكن للاجئين الاتصال بالرقم". كما خصصت الحكومة الأردنية ستة مستشفيات معتمدة لفحص الحالات المشتبه بإصابتها وعزلها.
وعن إجراءات الوقاية يقول حواري إن الإجراءات التي يتخذونها في المخيمات شبيهة بتلك المتخذة خارج المخيمات وعلى رأسها الحملات التوعوية للمحافظة على النظافة الشخصية.
النازحون في شمال سوريا: "الأنظمة الصحية هشة"
ورغم أن سوريا لم تؤكد بعد أي حالة إصابة بالفيروس، إلا أن التقارير -التي تتحدث عن انتشار فيروس كورونا في أربع محافظات سورية "وسط تكتم السلطات" (بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان)- تزيد من مخاوف انتشاره في مخيمات النازحين شمال البلاد.
وقد حذر المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية في أنقرة هيدين هالدرسون من أن "الأنظمة الصحية الهشة (في سوريا) قد لا تملك القدرة على رصد الوباء والتصدي له". وقال هالدرسون إن منظمة الصحة العالمية -التي لا يمكنها تقديم الخدمات عبر الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة من داخل سوريا- تقدم المساعدة إلى إدلب عبر الحدود التركية.
وترى ميستي بوسويل من لجنة الإنقاذ الدولية أنّ الوضع في إدلب "مهيأ بشكل خاص لانتشار الفيروس"، مشيرة إلى أن "تفشي المرض سيكون كاسحاً لدى آلاف الأشخاص الذين تتعرض حالتهم الصحية للخطر أصلاً بسبب نقص الغذاء والمياه النظيفة والتعرض للطقس البارد".
وقالت بوسويل إن اللجنة تصب جهودها على "تعزيز التدابير الوقائية" من خلال زيادة الوعي وتوفير الإمدادات الطبية والأدوية اللازمة.
محيي الدين حسين
حقوق النشر: دويتشه فيله 2020