البحث عن آلية جديدة
عُقد في موسكو في الفترة من الثالث حتى الخامس من شهر تموز / يوليو 2006 القمة العالمية للأديان. شارك في هذه القمة عدد كبير من رجال الدين من شتى أنحاء العالم لتحديد السبل الممكنة لوقف الإرهاب ووضع حد للتوتر القائم بين الحضارات وهو الأمر الذي لا يغيب عنه العامل الديني.
ولم يهدف هذا اللقاء إلى الدعوة إلى المشاركة في الطقوس الدينية أو المناقشات اللاهوتية، بل إلى إصدار إعلان مشترك قبل اجتماع الدول الصناعية الثماني الكبرى منتصف يوليو/ تموز في مدينة بيترسبورج، ليناقشه رؤساء دول وحكومات هذه الدول خلال قمتهم.
في هذا الصدد يقول المطران كيريل المسؤول عن العلاقات الخارجية في الإدارة الدينية لمنطقة موسكو إنه: "لا تتوافر في الوقت الراهن آلية للحوار بين الأديان والسلطة على المستوى العالمي."
وبعد افتتاح القمة الدينية برئاسة بطريرك موسكو وعموم روسيا للروم الأرثوذكس ألكس الثاني، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الأخطار الجديدة التي يواجهها العالم، وحذر من وقوع "صدام بين الحضارات" مندداً بالذين يوسعون الهوة بين المسلمين والمسيحيين وداعياً إلى إدراك "النتائج الكارثية التي يمكن أن تؤدي إليها مثل هذه المواجهة".
ويعود الفضل في تنظيم القمة إلى مجلس الأديان الذي يضم ممثلين للكنيسة الأرثوذكسية واليهود والمسلمين. وتناولت القمة أيضا مسائل متعددة كالموارد الطبيعية والحد من الانتشار النووي والبيئة والعائلة والعلاقات بين الأديان والحضارات في عصر العولمة.
أسس الأديان واحدة
"من بين المواضيع التي نتناولها الإرهاب والتطرف والخوف والتسامح مع الآخر، كما نناقش أيضاً ما يمكن للكنيسة القيام به لتخطي مناخ التوتر. كل الأديان تقوم على أسس واحدة ولذلك فإن رسالتنا لها صبغة أخلاقية ولا يجب أن تتحول إلى تصريحات سياسية"، هكذا عبر المطران كيريل عن هدف القمة الرئيسي. ويعد البحث عن النقاط المشتركة بين الأديان أول طريق للحوار كما أكد آسر آلييف أحد القيادات الممثلة للمسلمين في القمة قائلاً:
"في الإسلام هناك قاعدة تتعلق بالسلوك تجاه الثقافات الأخرى، بمعنى كيف يمكن أن يكون التعامل مع بيوت الدين الخاصة بالآخرين. والمهمة التربوية الأساسية في ذلك تتجلى في ضرورة خلق بيت مشترك لكل الديانات".
لا يهدف الأمر إلى توحيد جميع الأديان، وهو ما كانت تتوجس منه بعض الأوساط الأرثوذكسية المحافظة، فالقمة لا هدفت إلى إثارة المناقشات اللاهوتية، لكنها هدفت إلى إيجاد طريق مشترك، وهو ما صرح به المطران كيريل منذ انطلاق القمة، مضيفاً أن القمة تتمحور حول اهتمامات الإنسان المعاصر، وأنها تختلف عن الخطاب الذي ساد بعد 11 سبتمبر / أيلول، عندما كان إلزامياً القول إن لا علاقة للإرهاب بالدين، أو بكلام آخر بالإسلام. فالإرهابيون أنفسهم يقولون إن الحوافز الدينية هي التي تحركهم، وهذا انعكاس واضح لبروز العامل الديني في العالم.
إيجاد نقاط تماثل وبدء طريق الحوار
على سبيل المثال، يبرر المتطرفون الشيشان عملياتهم بالدين ويجتهدون في تفسير القرآن، لكنهم لم يتمكنوا من إقناع المسلمين الآخرين بآرائهم. ففي روسيا يقيم نحو 20 مليون مسلم، وهو ما يدفع الكرملين إلى العمل على إقامة توازن مع الدول الإسلامية المجاورة. ويعتقد المطران كيريل أنه يجب تخطي الفوارق القائمة بين العقائد المختلفة، ومن بينها الكنيسة الكاثوليكية، بالرغم من أنه لم توجه دعوة إلى بابا الفاتيكان بنيديكت السادس عشر.
إلا أن المطران كيريل يرجع هذا الأمر إلى ضرورة أن تكون زيارته إلى موسكو حدثاً تاريخياً وألا تقتصر على المشاركة في القمة. وأكبر دليل على الرغبة في المشاركة في الحوار هو أن الفاتيكان أرسلت بعثة رفيعة المستوى برئاسة الكاردينال فالتر كاسبر.
دالاي لاما الزعيم الديني البوذي لم يتلق دعوة أيضاً، لأن المنظمين تخوفوا من أن ترفض وزارة الخارجية الروسية إعطائه تأشيرة دخول نظراً لموقف الصين منه. لكن كل هذه الخلافات والاختلافات بين الأديان لا تمنع من إيجاد قاعدة مشتركة للحوار، وفي النهاية هناك اتفاق بين ممثلي الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية والمسلمين في عدد من المواقف، من بينها رفض المثلية الجنسية والإجهاض.
هيرمان كراوزه
ترجمة سمر كرم
حقوق الطبع دويتشة فيله 2006
قنطرة
الحوار في ألمانيا على المحك
يرى أيمن مزيك وجود توتر في العلاقة بين بعض ممثلي الكنيسة البروتستانتية والجالية المسلمة في ألمانيا ويقدم اقتراحات لدفع عجلة الحوار إلى الأمام.
تجارب في الحوار الإسلامي المسيحي في ألمانيا:
ضرورة تفعيل العمل المشترك
"شكلت اللقاءات بالنسبة للمسلمين المشاركين نافذة للانفتاح على المجتمع" هناك العديد من الإنجازات التي حققتها اللقاءات الإسلامية المسيحية، حسب رأي محمد أبو القمصان الناشط في جمعيات إسلامية في ألمانيا والمتحدث باسم المبادرة ضد الإرهاب "ليس باسم الإسلام"