منع الأزياء الدينية هو انتهاك لحقوق الإنسان

تتضمن المادة الـ١٨ من البيان العام لحقوق الإنسان حق الحرية الدينية؛ إلا أن عدد البلدان التي تعتبر ارتداء الأزياء الدينية ممنوعًا يزداد يوماً بعد يوم. وقد يأتي هنا دور مؤسسة بيكيت للحرية الدينية لكي تناهض هذا الاتجاه السائد. تقرير من إموغين فولكيس

تتضمن المادة الـ١٨ من البيان العام لحقوق الإنسان حق الحرية الدينية؛ إلا أن عدد البلدان التي تعتبر ارتداء الأزياء الدينية ممنوعًا يزداد يوماً بعد يوم. وقد يأتي هنا دور مؤسسة بيكيت للحرية الدينية The Becket Fund for Religious Liberty لكي تناهض هذا الاتجاه السائد. تقرير من إموغين فولكيس

في الدور الـ١٨ لأحد أفضل فنادق جنيف، ثمة معرض غير عادي يجذب الزوار - حيث تعرض في داخل الخزانات الزجاجية قطع ملابس عادية جدًا ومستعملة. وقد يحظى منديل رأس عضوة البرلمان التركي مروى كاواجي Merve Kavakci بمكانة خاصة بين هذه المعروضات. ففي عام ١٩٩٩ طردت من البرلمان التركي، وذلك لأنها كانت ترتديه.

حق العقيدة

بادر في إقامة هذا المعرض مؤسسة بيكيت للحرية الدينية، أي المنظمة التي كرست نفسها للدفاع - بطرق قضائية أيضًا إذا اقتضت الضرورة - عمن يُـمنعون من ارتداء أزياء دينية. وهي منظمة إنجليزية، تعود في الأصل إلى "توماس آه بيكيت" – الأسقف بولاية كانتيربيري الإنجليزية – الذي منع الملك البريطاني (هنري الثاني حينذاك) من التدخل في الكنيسة. ويقول أنطوني بيكارولّو Anthony Picarello، رئيس مؤسسة بيكيت للحرية الدينية، إن منع الأزياء الدينية هو انتهاك لحقوق الإنسان.

يقول بيكارولّو: »نعتقد أن ممارسة الدين جزء من الإنسانية. فمن طبيعة البشر أن يطرحوا أسئلة ويجدوا أجوبة عليها ويعبروا عن هذه الأجوبة. نرى أن إظهار الدين بصورة سلمية يجب أن يكون مسموحًا، ولذا ننزعج عندما تسعى دول لفرض قيود على هذا الحق«.

منديل الرأس

ومنديل الرأس هو المثال الأشهر على الأزياء الدينية، لكنه ليس المثال الوحيد الذي يواجه منعًا في بلدان مثل فرنسا أو تركيا. إذ يشمل الكثير من أحكام المنع الأخرى المزيد من قطع الملابس. وذلك في الكثير من دول العالم - على حد قول بيكارولّو:

»تمنع فرنسا كل نوع من ارتداء الملابس الدينية منعًا قاطعًا، بما فيها عمامة الشيوخ والقبة اليهودية والثوب الكهنوتي وثياب الراهبات. كما تُـمنع في الشرق الأوسط، مثلاً في إيران، ربطات العنق وذلك لأنهم يرون بها علامة تدل على الصليب. تكمن المشكلة المتصلة بذلك في إمكانية تحول ملابس دينية بسهولة أيضًا إلى سمة، إلى علامة يمكن من خلالها تمييز أقلية ما، بحيث تغدو علامة عدم الترحيب بهذه الأقلية«.

حكاية دوغاني

جاءت سينّيت دوغاني Cennet Dogany إلى جنيف، لكي تخبر الناس عن مدى شعورها بعدم الترحيب بها، عندما دخلت في شهر أيلول/سبتمبر المنصرم حجرتها المدرسية. لقد كانت التلميذة ابنة الـ١٥ عاماً تعرف أن منع الحجاب كان ساري المفعول ولهذا السبب بذلت ما في وسعها، لكي تمتثل لهذا المنع.

»وبالطبع ارتديت قبعة، إذ أني كنت على علم بأنه لا يجوز لي ارتداء الحجاب. وفي الأحوال العادية لا يشكل ارتداء قبعة في مدرستي مشكلة، لكن قبعتي كانت مشكلة. لقد وضعوني وحيدة في حجرة، من دون زملاء ومن دون كتبي، واستمر ذلك طيلة شهر. وفي يوم من الأيام استسلمت وحلقت شعر رأسي كله - كان والداي تعساء جدًا لذلك، وكانت والدتي تبكي«.

دلالات الحجاب المتناقضة

لكن لا يعتبر الحجاب بالنسبة للكثيرين في الغرب فقط كعلامة تدل على اعتناق الاسلام؛ بل يعتبرونها أيضاً علامة دالةً على قمع النساء. فلماذا يطلب المرء من نساء شابات مسلمات أن يخفين رؤوسهن، في حين أصبحت اليوم الموضة هي أن تظهر الفتاة الحُلي الموجودة على بطنها وكذلك ما أمكن من لباسها الداخلي؟ تؤيد مروى كاواجي ذلك - لكن فقط إلى حد معين:

»لا أعتقد أنه يُنظر إلى ذلك في أوروبا من وجهة النظر السليمة. نعم يوجد بالطبع نساء يجبرن على ارتداء الحجاب، وكذلك على نزعه. لكن كلا الأمرين غير صحيح. ينبغي بنا أن نترك المرأة تتخذ قرارها في هذه المسألة، فهي مسألة تتعلق بحرية اتخاذ القرار«.

ألف وردة

وفيما بين يوضح أنطوني بيكارولّو، أن منع الملابس الدينية لا يمكن أن يؤدي إلى أي شيء إيجابي. »بماذا يتعلق الأمر؟ إنه أمر مبدأ. وهذا المبدأ هو الحق في التعبير عن الرأي. إذا كان الأمر يتعلق بقمع النساء فهناك أساليب أفضل لمواجهة هذا القمع من هذا القانون. يجب علينا أن نترك ألف وردة تزهر وأن نكون منفتحين على كل مظاهر القناعات الدينية«.

الحجاب والعقيدة

تعتبر سينّيت ارتداء الحجاب أمرًا هامًا جدًا، بيد أنها تصر على أن اتخاذ القرار فيه هو أمر شخصي ويجب أن يبقى كذلك.

»يعني الحجاب بالنسبة لي كرامتي وشخصيتي. فأنا أمارس ديني، وأنا شابة مسلمة. لكن رغم ذلك هناك الكثير من الفتيات المسلمات، اللواتي يشاركنني في ديني ولكنهن لا يرتدين الحجاب. فالحجاب هو ليس المؤثر في العقيدة. وهو بالنسبة لي مهم جدًا، لكن لكل فرد أسلوبه في ممارسته عقيدته. فإذا رفضت بناتي ارتداءه، فلن أغضب، لأن هذه المسألة تخصهن أولاً وأخيراً«.

مكان للدين

وعلى الرغم من ذلك يرتاب ممثلو منع الأزياء الدينية في الأماكن العامة من منظمات مثل مؤسسة بيكيت. إذ يتهمونهم بأنهم ضد العلمنة بشكل كامل وأنهم يحاولون عبر هذا المنفذ، أن يدخلوا الدين إلى المدارس، حيث - بحسب آرائهم - لا يوجد للدين مكان هناك. وأنطوني بيكارولّو يعارض ذلك:

»لا، نحن مع الدولة العلمانية من دون دين. لكننا سنتدخل في المستقبل، حيث تريد الدولة أن تقمع الممارسة الحرة للدين«.

لا تستطيعوا حرماني من ديني
وسينّيت غير متأكدة مما يخفي لها المستقبل. إذ لا زالت تحاول إخفاء منديل رأسها في المدرسة، باستخدام قبعة صغيرة أو عصبة قراصنة. وحتى أن ذلك سبب لها مشاكل - لكنها كانت مشاكل لم تقدر على إخراجها عن دينها.

»الآن، حتى وإن تحقق لهم أن يمنعوني من ارتداء حجابي، فلن يستطيعوا حرماني من ديني أبدًا. يبدو أن لا أحد يدرك ذلك. من الواضح أنهم يعتقدون أنني لن أكون مسلمة من دون حجاب، لكن هذا مضحك. فعلى الرغم مما سأرتدي لن يستطيعوا حرماني من ديني«.

حرية الإختيار

ومروى كاواجي لم تنزع حجابها قط. كما لا تزال تعتقد أنه يجب أن يسمح لنساء مسلمات أن يخترن، إن كن سيرتدين الحجاب أم لا، من دون ضغط من الخارج. وحتى يومنا هذا لا تستطيع فهم هذا الهيجان الذي يثار حول الحجاب.

»إذن نحن نقف هنا، بعد مرور ستة أعوام، ننظر إلى منديل رأسي؛ وحتى الآن لا أكاد أصدّق، أن حجابي سبب هذا القدر من المشاكل؛ وأن هناك أناساً بهذا العدد اهتموا بما أرتدي، ولم يهتموا بالطريقة التي أفكر بها، أو بالطريقة التي أستطيع بها خدمة بلدي«.

وفي جلسته السنوية سيقوم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمراجعة حق ممارسة الدين بحرية. حيث يأمل ممثلو الأزياء الدينية أن يقنعوا أعضاء المجلس بأن ارتداء هذه الأزياء هو حق جوهري من حقوق الإنسان.

بقلم إموغين فولكيس، دوتشه فيلّة 2005 ©
ترجمة رائد الباش

قنطرة
مبادرة
منظمات المسلمين في ألمانيا تدعو لعدم منع الحجاب
وجهت عدة منظمات تمثل جزءً من المسلمين في ألمانيا نداء إلى حكومات الولايات الألمانية للسماح للمعلمات المسلمات في
قطاع التعليم الرسمي بارتداء الحجاب خلال عملهن. تقرير إسكندر الديك

تعليق
قانون "حظر الحجاب" في فرنسا
سيسعى الشباب الإسلامي وعالم الأزياء في فرنسا إلى التحايل على قرار البرلمان في باريس، هذه إحدى النتائج المتوقعة حسب رأي الصحفية بربارا شولته