"هنا يستطيع الأطفال أن يتعلموا شيئاً ما"

يحاول بعض الطلبة الألمان، من خلال التعليم، فتح آفاق جديدة لسكان مخيم الدهيشة للاجئين. المخيم الذي نشأ داخل حدود مدينة بيت لحم في العام 1949. كريستينا برامزمان إطلعت على المشروع.

​​يحاول بعض الطلبة الألمان، من خلال التعليم، فتح آفاق جديدة لسكان مخيم الدهيشة للاجئين. المخيم الذي نشأ داخل حدود مدينة بيت لحم في العام 1949. كريستينا برامزمان اطلعت على المشروع.

الطريق الذي يُوصِل إلى بيت الكرامة مُتسِخ. في الزقاق الضيّق بين جدران المساكن الرمادية تتبعثر القمامة، وبقايا الطعام، وقطع من الأقمشة الممزقة، وعلب من الكرتون، وأوعية بلاستيكية. وبجانب جدار أحد المنازل تقبع ثلاجة معطلة.

فجأة تُسمَع أصوات أطفال. الزائر يدخل من باب حديدي، ويصعد بضع درجات، ليقف بين أطفال يرسمون. بين هؤلاء الذين اكتشفوا للتو، أنه بإمكانهم تلوين الوجه أيضاً بالألوان المائية.

في حجرة مجاورة وفي نفس الوقت، تُدَرََّس اللغة الانكليزية. وفي حجرة أخرى مليئة بالوسادات والأغطية، تُحضِّر متطوعتان ألمانيتان لنشاط مسرحي.

تسمية "بيت الكرامة"

لم تكن تصورات شتيفان لانتسيغر وياسر الحاج واضحة تماما قبل ثلاثة سنوات، عندما فكرا بمشروع لصالح الشبيبة والنساء.

و لكن كان هدف ما يقف أمام أعينهم، و إسم الكرامة لازال يُذَكِر حتى اليوم بهذا الهدف. يقول شتيفان لانتسيغر: "سمّينا المشروع بيت الكرامة، لأن هدف المشروع: إعادة الكرامة للناس أو تمكينهم من أن لا يفقدوا كرامتهم."

الطالب البرليني، البالغ من العمر 25 عاما،ً أراد تأسيس منظمة تعمل بإستقلال، ولا تتأثر بأحزاب أو مجموعات أخرى.

يعمل في فرع المنظمة الألماني – كرامة المانيا–Karama Germany طلاب، يحاولون من المانيا، جمع المساعدات المالية لمشاريع مثل المعسكرات الصيفية، أو لتغطية مُرتَبات المعلمين والمرشدين الاجتماعيين، ويتقدمون بطلبات إلى جهات معنية مختلفة، مثل الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، أو يقوموا بجمع تبرعات من الأفراد، من أجل تحقيق هذا الغرض.

متطوعون المان

هناك متطوعون يساعدون بإستمرار في مشروع مخيم الدهيشة في بيت لحم، ليس بالتبرع بالمال، بل بقوة عملهم.

طالب الجغرافيا توم ايكهوف يتواجد للمرة الأولى في فلسطين. حتى الآن دعم توم عمل بيت الكرامة من المانيا. والآن يلوِّن مع الأطفال بيوتاً من الكرتون، ويُدرِّس الانكليزية، ويسعى مع العاملين الآخرين الى تطوير خطط لمشاريع جديدة.

الصور التي كانت في مخيلته عن الشرق الأوسط اختفت بسرعة، يقول توم ايكهوف:" اعتقد أن ما نراه في الأخبار هو قتال الشوارع أو الهجمات في اسرائيل. إلا أن ما يعايشه المرء هنا، هو عوز ملموس قائم، ومشاكل يومية شتى."
"و لكن المرء يلقى أيضاً حسن ضيافة الناس الرائعين. ويُستقبل بحميمية في بيوت العائلات التي تستضيفه، والتي تدعوه لتناول الطعام ولشرب الشاي."

و لكن خلال الوقت الذي يقضيه المتطوع لدى العائلة الفلسطينية المُضيفة، يستطيع أن يستوعب ما يُخفى للوهلة الأولى: "بالفعل يضيق المرء بالمكان بعد بضعة أسابيع. فالأمكنة هنا مكتظة، إذ يعيش 12000 إنسان على مساحة قدرها كيلومتر مربع واحد."

إبعاد الأطفال عن الحرب

يعاني الأطفال هنا بشكل خاص من ضيق المكان. فلا توجد أماكن للّعب، ولا حتى ساحة ليلعبوا فيها كرة القدم. بينما تتقاسم عائلات كبيرة بيوتاً صغيرة، غالباً ما تكون غير مكتملة البناء.

لذلك يقول تامر، الذي يبلغ السابعة عشر من العمر، وهو تلميذ من المخيم، أنه يجد في الكرامة مجالاً رحباً للأطفال: "بهذا يُجلَبون من الشارع، ويَتوَقون القتال والحرب."

ياسر الحاج، مدير الكرامة في فلسطين Karama Palestine، سعيد أيضابالبديل الذي يُقدَم للأطفال: " هنا يوجد أطفال يستطيعون أن يتعلموا شيئاً ما، ويريدون أن يتعلموا شيئاً، وهذا ما يزودهم بالأمل. اعتقد أن الكثير من أهالي الأولاد في المخيم سعيدون ببساطة، لأن بناتهم و أبناءهم يستطيعون في بيت الكرامة، إختبار وتعلم مسائل جديدة."

وتحاول الكرامة من خلال التعليم، فتح آفاق جديدة للناس في مخيم الدهيشة. حسبما يقول شتيفان لانتسيغر: "من المفروض أيضاً أن يتوفر للنساء متابعة تأهيلهن، من خلال المحاضرات مثلاً".

دورات تأهيلية للنساء

" المشكلة تكمن في أن الكثير من النساء لا زلن معزولات نسبياً. إذ لا زال المخيم يحافظ على طابعٍ تقليدي، وهذا يعني أن المنزل هو مجال المرأة التقليدي، و ليس الرجال أو العائلات هم دائماً السبب في ذلك، بل النساء أنفسهن احيانا، فهن غير معتادات على القيام بزيارة أنشطة كهذه، خارج المنزل."

من خلال محاضرات، تتناول مواضيعا كتربية الأطفال، والعنف في العائلة، والتعامل مع الأطفال المصابين بالرضّ النفسي، تُتاح للنساء إمكانية تبادل الأفكار بين بعضهن البعض.

يحلم فريق الكرامة بالقيام مستقبلاً، بمشاريع في مخيمات أخرى للاجئين. ولكن قبل ذلك هناك مخطط للإنتقال إلى مبنى أكبر في مخيم الدهيشة، ليتوفر لعدد أكبر من الأطفال والنساء، إمكانية الإشتراك بالمشروع.

وفي صيف 2005 سيدعوا الطلاب البرلينيون، زملاءً لهم من بيت لحم لزيارة ألمانيا، بهدف التبادل لأول مرة.

كريستينا برامزمان

ترجمة يوسف حجازي

قنطرة 2004

موقع كرامة في الانترنت