مطعم شاورما وورشة خياطة
شاورما وورشة خياطة
يبلغ عدد أصحاب الشركات الأجانب في ألمانيا (وفق إحصائيات عام 2001) حوالي 257,000. وتتزايد منذ نهاية حقبة الثمانينات باطراد أعداد الأجانب الذين يبادرون بإنشاء مشاريع تجارية خاصة بهم في ألمانيا، فيحققون بذلك كياناً مستقلاً خاصاً بهم، ويخلقون فرص عمل جديدة. ولكن الوعي العام كثيراً ما يغفل هذه الظاهرة. وهو الأمر الذي حدا ببنك التسوية والتعويض الألماني إلى الدعوة إلى حلقة مناقشة يشارك فيها خبراء في هذا الموضوع.
لا تزال صورة العمال الأجانب- الذين يكدون في ألمانيا بضع سنوات، ليتمكنوا بعدها بواسطة هذا الدخل من بناء منزل في وطنهم- عالقة في الأذهان. ولم يعد هذا الكليشيه المستمد من حقبتي الستينات والسبعينات يطابق الواقع. وهناك الكثير من الأجانب الذين يحققون كياناً مستقلاً خاصاً بهم في ألمانيا ويبادرون في العمل لحسابهم. ويبلغ عدد أصحاب الشركات من الأجانب في ألمانيا حوالي 257,000 شركة بالفعل، كما يزيد الاستعداد لتأسيس الشركات الخاصة لدى المهاجرين عن مثيله لدى الألمان بوضوح.
ولكن لا يكاد يوجد من هو على علم بهذه الحقيقة، بل أن هذا الاستعداد الكامن لا يجد التشجيع اللازم، كما يشكو ريتزو شلاوخ أحد السياسيين من أعضاء حزب الخضر، ووكيل وزارة الاقتصاد قائلاً: "يتم التهويل من وجود عدد كبير من العاطلين عن العمل بين المهاجرين، بينما كثيراً ما يغض النظر عن المبادرات الاقتصادية الخاصة التي يقدمون عليها. وتوضح الأرقام أن الهجرة لم تجلب مجرد الأيدي العاملة، بل وأصحاب الشركات، والمستثمرين، وأصحاب الأعمال إلى ألمانيا أيضاً."
وتتزايد منذ نهاية حقبة الثمانينات باطراد أعداد المهاجرين الذين يبادرون في العمل لحسابهم الخاص، وتحديداً في مجالات المطاعم والتجارة، بينما يقل عددهم في الأعمال الإنتاجية. صحيح أن هذه المشاريع الخاصة هي في شكل شركات صغيرة الحجم تماماً، لا يزيد عدد العاملين فيها عن فردين أو ثلاثة، كما يوضح راينهولد شتراتمان من بنك التسوية والتعويض الألماني، إلا أنه لا يجب التهوين من حجم دورهم كعامل اقتصادي: "توصل المرء إلى أن تلك الأكشاك الصغيرة، إن صح هذا التعبير، البالغ عددها 10.000، والتي تبيع سندوتشات الكباب التركي هنا في ألمانيا تصل مبيعاتها السنوية إلى حوالي اثنين مليار يورو، وهذا يفوق مبيعات ماكدونالدز!"
ومن الأمور الطبيعية أن يذهب الألمان إلى مطعم أحد الإيطاليين لتناول البيتزا، وأن يحضر أحدهم حلته إلى ترزي تعديل الملابس التركي. أما إذا أراد أحد الأجانب أن يفتتح عملاً خاصاً به، فإنه يواجه لدى الإدارات الحكومية والبنوك صعوبات أكثر من تلك التي يواجهها الألماني الذي يريد تأسيس شركة خاصة به. ويقول ريزو منتقداً: "عادة ما يكون رأس المال الذاتي الذي يتوفر لدى أصحاب الشركات الأجانب قليلاً، أما ما يزيد من حدة تعقيد الأمر فهو صعوبة وصولهم إلى قروض لتوفير رأس مال خارجي. ولذلك ترتفع حصة التمويل عن طريق الأقارب، وهذا لا يكفي في كثير من الحالات، ويؤدي بالتالي إلى قلة رأس مال الشركة عن اللازم."
وتود الحكومة الألمانية بالتعاون مع بنوك الدعم الحكومي، مثل بنك التسوية والتعويض الألماني، إيجاد ظروف أفضل لتشجيع أصحاب الشركات الأجانب. غير أن نظرة المجتمع ككل إلى الأجانب بصفة عامة من الأمور الهامة أيضاً، على حد تعبير ماري لويز بيك، المفوضة من قبل الحكومة الألمانية الاتحادية بشئون الأجانب، والتي ترى أن تلك النظرة لا تزال في أحيان كثيرة شديدة السلبية: "لا يمكننا أن نقف مكتوفي اليدين مجدداً بينما يتم بث الاحتقار وشحنه في النفوس، وأن يستمر النظر إلى، والتعامل مع جزء من مجتمعنا بطريقة رد الفعل الدفاعي هذه."
إذ كلما تم دمج الأجانب في المجتمع بشكل أفضل، كلما زاد مردود طاقات العمل التجاري الكامنة لديهم بما يعود بالنفع والفائدة على المجتمع كله، ومد القناطر إلى الأسواق الخارجية أيضاً، إلا أن هذه المعلومة لم تنتشر بعد بدرجة كافية في ألمانيا.
نينا فركهويزر، دويتشه فيلله يونيو/حزيران 2003
ترجمة: حسن الشريف