شكل جديد للحوار بين الغرب والعلم الإسلامي

دعى مركز الشرق الحديث في برلين ممثلين عن أحزاب وجمعيات إسلامية من إندونيسيا وماليزيا، يتم تجاهلهم عادة في فعاليات الحوار، لتبادل الآراء مع نظرائهم الألمان. أنّا تسفينغر ألتقت ببعض المشاركين.

تأُسّس مركز الشرق الحديث في عام 1996 كمركز غير جامعي للدراسات والأبحاث العلمية النظرية. يهتم المركز بأسلوب متناظم وتاريخي مقارن بالمجتمعات التي يغلب عليها الطابع الإسلامي في الشرق الأدنى وإفريقيا وجنوب وجنوب-شرق آسيا.

بدل الحوار التقليدي

قام الدكتور فاريش نور ضمن إطار أبحاثه حول عولمة المؤسّسات الإسلامية في الفترة ما بين الـ19 من تشرين الثاني/نوفمبر حتى الـ3 من كانون الأوّل/ديسمبر بتنظيم رحلة دراسية وتعليمية لبعض الناشطين في مجال الإسلام القادمين من ماليزيا وإندونيسيا.

يهدف هذا المشروع الجديد من نوعه والخاص بالحوار إلى استخدام المشاكل والنزاعات العملية الخاصة بالمشاركين من نشطاء وسياسيّين كمنبر للتواصل. فمن المفترض أن يتم اختيار موضوع الحوار بوضوح وعناية مع من يمثّلون العالم الإسلامي من الذين يوسمون في الغرب بسمة الإسلامويين والذين كثيرًا ما يجدون الأمر صعبا عليهم.

يجب استبدال الحوار التقليدي الذي يجرى ما بين متخصّصين مثقفين بالإسلام وبين مسلمين معتدلين "مثلما جرت العادة ليومين أو ثلاثة أيّام في فندق بخمس نجوم" - على حدّ تعبير فاريش نور، بشكل جديد للحوار مع مزيد من الوقت وبمشاركة الأطراف التي جرى تجاهلها حتى الآن.

طيف واسع من الآراء

لهذا السبب قام نور بعقد لقاء ما بين ضيوفه الذين يؤيّدون بشدّة أسلمة مجتمعاتهم - سواء أكان ذلك في النظام القضائي أو في القطاع التعليمي أو في المجالات الاجتماعية - وبين ممثّلين عن مجموعات من الأوساط الديموقراطية العلمانية في ألمانيا يمكن مقارنتها بهم.

لقد أتاحت الخلفيات المختلفة لكلّ مشارك من بين المشاركين - وهم ناشطون من أجل حقوق الإنسان ومحامون وصحفيون وأعضاء في أحزاب - وجود طيف واسع من الآراء. وقد تمّ توسيع هذا الطيف من خلال برنامج منوّع وحافل بالمحاضرات والحلقات الدراسية والندوات والحوارات العامة.

بالإضافة إلى لقاءات أُجريت مع ممثّلين عن أحزاب ألمانية، مثل الحزب الاشتراكي الألماني SPD وحزب الاشتراكية الديموقراطية PDS أو حزب الخضر، ومع صحفيين وممثّلين عن منظّمات وجمعيّات مسيحية.

حوار مع ناشطين إسلاميين من ماليزيا:
"نظام الدولة الإسلامي يؤدّي وظيفته"
شجّعت ماليزيا في الإعوام الماضية أسلمةالمجتمع. وهو أمر أدى الى نقاشات كثيرة حول العلاقة مع الأديان العديدة الأخرى الموجودة في هذا البلد. ناشطان ماليزيان مسلمان يتحدثان في الحوار التالي عن الديمقراطية وأسلمة المجتمع.
المزيد هنا

يُعنى فاريش نور بصفته "يساريا علمانيا" - مثلما يصف نفسه بنفسه - منذ ما ينيف عن عشرة أعوام بالحوار ما بين العالمين الإسلامي والغربي. ومن خلال تجاربه الطويلة والعميقة التي خاضها في عمله الأكاديمي مع نشطاء إسلاميين ومدافعين عن حقوق الإنسان وعلماء وباحثين في الإسلام السياسي - أدرك فاريش نور ضرورة تطوير شكل جديد للحوار.

يقول نور موضحًا: "لا شكّ في أنّ الإسلام السياسي هو موضوع معقّد جدًا"، ويتابع قائلا: "يوجد عدد كبير من المنظّمات والأحزاب التي تتبنّى أهدافًا وتصوّرات مختلفة".

مواضيع غير محرّمة

إن أمعن المرء نظره في الحزب الإسلامي PAS في ماليزيا أو حزب العدالة PKS في إندونيسيا، اللذين يدافعان عن الدولة الإسلامية، "فسوف يلاحظ على أية حال أنّ الحزبين يهتمان على المستوى السياسي بالمواضيع الأساسية عينها، مثل الأحزاب الأوروبية"، حسب تعبير فاريش نور.

وبناءً على ذلك فإنّ الأحزاب الإسلامية تعمل أيضًا من أجل العدالة الاجتماعية أو تحسين نظامي التعليم والتأمين الصحي. "غالبًا ما يتم إغفال هذه الحقيقة في الحوار الراهن، الذي يتناول بشكل رئيس موضوع الدين أو الاختلافات التي لا يمكن التغلّب عليها في ظاهرها".

لقد ركّز فاريش نور طيلة الأسبوعين اهتمامه بالدرجة الأولى على أن لا تكون هناك "مواضيع محرّمة ولا مجاملات مصطنعة". وهذا ما حدث وفي بعض الأحيان جرى تبادل نقد لاذع.

شبكة جديدة للحوار

وعلى الرغم من ذلك فإنّ الحوار كان ناجحًا من دون مفاهيم إضافية ذات دلالة عدائية. تكرّر المرّة تلو الأخرى في كثير من الأحاديث والندوات طرح موضوع ألمانيا باعتبارها دولة تعنى بالرفاه الاجتماعي. "لقد ظهر" على حدّ قول فاريش نور "أنّ هناك اهتمامًا كبيرًا لدى الضيوف المدعوّين في تحقيق مثل هذا النظام في الدولة والمحافظة عليه في زمن العولمة الاقتصادية".

من الواضح أنّ هذا المشروع كان ناجحًا. "لقد جنى كلّ المشاركين من ذلك فوائد كبيرة جدًا" حسبما يصف عالم السياسة الماليزي الأصل فاريش نور هذا اللقاء: "إذ تسنّى لنا أن نتبادل الآراء في كثير من المواضيع وبإسهاب"، في حوار بعيد عن الأحكام المسبقة والكليشيهات والمفاهيم التقليدية المقولبة.

يبقى الهدف الذي ترمي إليه هذه النشاطات هو إقامة شبكة مستقبلية، تتم فيها مواصلة هذا النوع من الحوار الجديد. وبذلك يفترض أن يُستحدث في آخر الأمر عمل تعاوني ما بين الأطراف المتشدّدة، يؤدّي على الرغم من الإختلافات إلى الفهم والإنصاف وتبادل الرأي.

بقلم أنّا تسفينغر
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2006

www

مركز الشرق الحديث