الأكثرية الصامتة والمهملة
يمتد تاريخ الشرق الأوسط لآلاف السنين. بيد أن المنطقة اليوم في ريعان شبابها أكثر من أي وقت مضى من تاريخها، حيث لا يتجاوز نصف السكان في الدول العربية سن الثامنة عشرة، وقرابة 70% هم دون الخامسة والثلاثين. لكن بالرغم من ذلك، لا حضور لليافعين في الكثير من برامج البحوث المتعلقة بالشرق الأوسط.
"معرفتنا عن أفكار وأمنيات وقيم وتخيلات اليافعين في البلدان العربية ضئيلة"، بحسب تعبير يوهانس إبرت، مدير معهد غوته في القاهرة، أمام مئتي مشارك لدى افتتاح مؤتمر "القيم المتغيرة بين الشباب: تجارب من ألمانيا، مصر والعالم العربي"
عقد المؤتمر ليومين متتاليين (21 و 22 حزيران/يونيو 2005 )، في معهد غوته في القاهرة، بالإشتراك مع معهد الشرق الحديث في برلين ومؤسسة كونراد أدناور الألمانية، وبحضور باحثين من ألمانيا والعالم العربي.
دور العائلة في تطور الشباب
وشكّل المؤتمر فرصة للباحثين المشاركين من ألمانيا والعالم العربي لكي يتبادلوا فيما بينهم مناهج البحوث التي تعنى باليافعين. فشرح البروفسور مختار الحراس من جامعة الرباط، كيف أن الوالدين في المغرب يفقدان دورهما المركزي في نقل المعرفة والقيم لأبنائهم وبناتهم.
ماتزال العائلة المؤسسة الأكثر أماناً وثقةً بالنسبة لليافعين، لكن فردانية هؤلاء تزداد باضطراد، بحسب الدراسة التي قدمها البروفسور برنار سَبلا من جامعة بيت لحم. وقال إن الانتفاضة الأولى كانت فيما كانت، ثورة الشباب اليافع على الجيل القديم.
ووصّف سَبلا بوضوح، كيف أن العائلة في فلسطين لا تزال تلعب دوراً أكثر تأثيراً في تشكيل الوعي والرأي السياسيين لدى جيل الشباب من الدور الذي تلعبه في الغرب أو المغرب. وأنهى مداخلته بمطالبته الملحة ليس لهيئات البحوث وحسب بل وللجهات السياسية أيضاً قائلاً: "على السياسة أن تصغي لليافعين، ونحن لا نقوم بواجباتنا تجاه هؤلاء".
عجز السياسة
لقد تكرر توصل المؤتمر إلى نقطة التقاطع بين البحوث والسياسة، حيث طرحت سونيا حجازي من معهد الشرق الحديث السؤال التالي: "لماذا لا يثور الجيل الشاب في مصر؟". يتعين على البحوث أن تجد إجابة على اسئلة من هذا النوع، كما تقول حجازي.
أما ميشئيل لانغه، مدير مكتب مؤسسة كونراد أدناور في القاهرة، فوصف اليافعين بـ "الأكثرية الصامتة" التي يهملها أصحاب القرار. سيكون لفائض عدد اليافعين تأثيراً كبيراً على المنطقة لسنوات طوال، وعلى السياسة أن تراعي ذلك.
بالرغم من وجود نشاطات شبابية للحزب الوطني الديمقراطي، الحزب الحاكم في مصر، وكذلك للأحزاب الحاكمة الأخرى في الشرق الأوسط، وبالرغم من الإطلالة الشابة للعاهل المغربي، بالنظارات الشمسية والجاكيت الجلدية، إلا أن ضياء رشوان من مركز الأهرام للبحوث الإستراتيجية والسياسية، شرح في مداخلته عجز نظام الأحزاب المصري عن استقطاب اليافعين، وقال إن الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة وحرب العراق هما اللذان سّيسا الجيل الشاب.
الاستفادة من الخبرة الألمانية
إنطلاقاً من هذين الحدثين الخارجيين تمت التعبئة حول المواضيع السياسية الداخلية، مما دفع الجيل الشاب للتوجه إلى المعارضة غير البرلمانية، كحركة كفاية أو الإخوان المسلمين.
ويقول باسم سمير من منظمة الأندلس غير حكومية: "تدّعي الأحزاب أن الجيل الشاب هو مستقبلها، لكننا في الحقيقة بالنسبة لهم سيان".
وقدم البروفسور ريشارد ميونشماير في بداية المؤتمر "دراسة شِل" الأخيرة الخاصة بالشباب في ألمانيا وشرح خبراته. وكرر المشاركون التعبير عن أملهم وطموحهم بإجراء دراسات بهذا الشمول في مصر لسد العجز القائم في مجال البحوث.
وأشارت سونيا حجازي إلى أن هناك مباحثات بهذا الخصوص مع الدوائر الرسمية المصرية المعنية. إلا أن كلمة صفاءالدين خربوش الختامية وهو أحد الأساتذة العاملين في جامعة القاهرة ومستشار وزارة الشباب المصرية، كانت محبطة للآمال.
لا بد أن خربوش قد غاب عن جلسات المؤتمر، كونه لم ير أي نقص في البحوث، على عكس جميع المشاركين الآخرين، بل رجّحَ أن هناك الكثير من الدراسات والمراكز في مصر، وقال إن الجهود المبذولة لا ينقصها سوى التنسيق الكافي.
بقلم فريدريك ريشتر
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع قنطرة 2005
قنطرة
منظمات المجتمع المدني المتنفس الجديد لشباب مصر:
لتزايد ظاهرة المنظمات الشبابية المدنية في مصر قام معهد غوته في القاهرة بالاشتراك مع جمعية نهضة المحروسة بتنظيم يوم لهؤلاء الشباب ليتعرفوا على بعضهم البعض وليعرضوا مبادراتهم وأنشطتهم ولدعم التعاون فيما بينهم. تقرير نيللي يوسف
مقاهي الإنترنيت... محطات للرحلة الى خارج التقاليد
الباحثة الألمانية إنيس براونة تلقي نظرة فاحصة على مقاهي الإنترنت في المغرب وما يجري داخلها للتعرف على المرتبة التي تحتلها الشبكة العنكبوتية في حياة الشباب اليومية والفرص الكامنة في هذه الوسيلة الإعلامية
www