"البرلمان اليمني مظلة للفساد والمفسدين"
ما هي أهم الأحزاب في مجلس النواب وما طبيعة النظام البرلماني اليمني؟
أحمد سيف حاشد: في اليمن يوجد مجلسان؛ هما مجلس نواب منتخب ومجلس شورى معين بالكامل من رئيس الجمهورية. ويشترك مجلس الشورى مع مجلس النواب في العديد من المهام مثل المصادقة على خطط التنمية والمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بالدفاع والتحالف والصلح والسلم والحدود وغيرها من القضايا التي يرى رئيس الجمهورية عرضها علي المجلسين. وللمجلس نظريا حق مساءلة الحكومة وسحب الثقة منها. ولكن الواقع العملي مختلف تماما، حيث تسيطر الأغلبية الساحقة في البرلمان التابعة للحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه رئيس الجمهورية) على القرار بما يحول البرلمان إلى تابع للحكومة وليس رقيبا عليها.
وتحول الأغلبية في البرلمان وهيئة رئاسته دون محاسبة أي وزير أو مسئول حكومي رغم وضوح المخالفات التي تستوجب المحاسبة. ولذلك لم يشهد البرلمان اليمني خلال عمره الطويل سحب الثقة من أي وزير أو حتى استجوابه أو مساءلته. كما تحول هيئة رئاسة البرلمان دون مناقشة أي تقارير مهمة يمكن أن تقدمها لجان المجلس ويمكن الاستشهاد في هذا الجانب على سبيل المثال لا الحصر بتقرير عن ظاهرة تهريب الأطفال اليمنيين إلى دول الجوار واستغلالهم جنسيا، حيث تتعمد هيئة الرئاسة عدم مناقشته وعرضه على النواب رغم انجازه منذ أكثر من أربع سنوات من قبل لجنة الحريات وحقوق الإنسان في المجلس والتي أنا عضو فيها.
أما رئيس الجمهورية فوفق الدستور هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويتمتع بصلاحيات واسعة وكبيرة بما فيها حل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ عند الضرورة ولا يستطيع البرلمان الرقابة عليه أو مساءلته إلا في حالة الخيانة العظمى، وتظل هذه الصلاحية نظرية بكل المقاييس. ومع كل ذلك يمكنني القول إن البرلمان في حال وجود توازن فيه من مختلف القوى في المجتمع يستطيع بالصلاحيات الممنوحة له أن يصنع شيئا لصالح ممثليه ولصالح البلد خلافا لما يقوم به في ظل الأغلبية الحالية.
النظام الانتخابي في اليمن قائم على أساس نظام الدائرة الفردية وهو نظام سيء بالنسبة لبلاد مثل اليمن لأنه يوطد نفوذ ومصالح المشايخ وزعماء القبائل والعشائر والقوى التقليدية التي يدعمها الحزب الحاكم ويعتمد عليها في الحصول على أغلبية كاسحة في البرلمان ويساعده في ذلك استخدامه للمال العام والوظيفة العامة بل وكل مقدرات الدولة في دعم مرشحيه. وهو ما أفضى إلى حصول حزب (المؤتمر الشعبي العام ) ـ وهو حزب الرئيس ـ في الانتخابات النيابية الماضية أكثر من مائتين وأربعين مقعدا من قوام (301) مقعد، فيما ذهبت بقية المقاعد إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الناصري وحزب البعث والمستقلين.
وأشار تقرير منظمة (idea ( الدولية حول بناء الديمقراطية في اليمن أن ما خصصه المؤتمر الشعبي العام الحاكم في الانتخابات البرلمانية الماضية التي أجريت في العام 2003 تتراوح بين أربعين إلى ستين مليار ريال بغرض شراء الأصوات. وأشار الدكتور مارشن، كبير خبراء التمويل السياسي بمؤسسة "ايفس"، بأنه على الرغم أن قانون الانتخابات اليمني يحرم شراء الأصوات الانتخابية واستخدام الأموال العامة وموارد الدولة في العملية الانتخابية، إلا إنه لا توجد أي مراقبة أو تحكم على عملية إنفاق الأموال في الحملات الانتخابية مضيفا "إن الضوابط والتشريعات اليمنية أشبه بالجبنة السويسرية المليئة بالثقوب، بل للأسف أن ما رأيته في اليمن عبارة عن ثقوب وليس جبنة مثقوبة".
بالإضافة إلى ذلك يعمل الحزب الحاكم على إعطاء أعضائه في مجلس النواب إمكانية الحصول على مشاريع تنموية لدوائرهم ويقوم بإعطاء التسهيلات لهم بغرض كسب ولاء المواطنين في تلك الدوائر وبالمقابل يحرم الدوائر التي اختارت مرشحي المعارضة أو المستقلين من المشاريع أو يحول المشاريع المخصصة لها إلى مشاريع متعثرة وهكذا يفسد الحزب الحاكم وحكومته التنمية في اليمن وينشران الفساد ويوطدانه من أجل استمرارهما وخدمة مصالحهما.
أما بخصوص حقوق النواب فنجدها نظريا في القانون ولكن على المستوى العملي نجد حقوق النائب، لاسيما في الجانب الرقابي مستلبة ومصادرة من قبل هيئة رئاسة البرلمان والحكومة المنتميان في مجموعهما للحزب الحاكم. وتأكيدا للضعف الرقابي للمجلس أشير إلى أن اليمن ضمن 14 دولة نفطية في العالم متهمة باختفاء جانب كبير من عائداتها النفطية ولا يعلم أحد من أعضاء البرلمان اليمني حقيقة نفط الكلفة وكميته المبيعة، بل إن الرئيس الأسبق لمجلس النواب عبد الله الأحمر قد أعلن ذلك صراحة قبل وفاته.
ويعمل الحزب الحاكم على إفساد الحياة السياسية وإعاقة وإضعاف أحزاب المعارضة من خلال التضييق عليها وتفريخ الأحزاب الصغيرة وشق الأحزاب المعارضة وسلخ بعض عناصرها من خلال إغراء تلك العناصر أو الأحزاب المفرخة بالمال والنفوذ وتعيين عناصرها في مناصب مهمة في الدولة. لقد جاء البرلمان اليمني عمليا من واقع فاسد وصار أحد منظوماته ومكوناته. وقد أشار أحد تقارير منظمة الشفافية الدولية وفق مؤشرات رصد الفساد إن اليمن أحد البلدان الأكثر فسادا في العالم ولذلك نجد كثير من صفقات الفساد تمرر وتشرع من تحت قبة البرلمان.
هل تحترم الحكومة مميزات الدستور؟ وهل مثلاً يوجد فصل بين السلطات؟ وهل السلطة القضائية مستقلة؟
حاشد: الحكومة في الواقع العملي تمارس الخروقات للدستور بشكل يومي يساعدها في ذلك ضعف القضاء وتبعيته وضعف الأداء الرقابي للبرلمان بل وتواطؤه وفساده .. الحكومة تقمع الاعتصامات والمظاهرات السلمية بقسوة، إذ تطلق عليها الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع. تقتل بعضهم ولا تلاحق القتلة. وترمي بالسجون ببعض من يقع بقبضتها وتتركهم في السجون والمعتقلات أسابيع وشهور دون وجه أو مسوغ قانوني. الأمن يمارس أيضا الإخفاء القسري لفترات تصل في بعضها لسنة أو أكثر.. وهناك آخرون يقبعون في سجون الأمن سنوات ولا يستطع القضاء أن يفعل لهم شيء.
الأمن يعتقل أيضا أطفال أبرياء لسنوات دون جريمة أو مسوغ قانوني. ونظام الرهائن لا زال قائما في اليمن وهو حجز أشخاص أبرياء بذمة جرائم ارتكبها أقرباؤهم أو أشخاص من قبائلهم أو عشائرهم.. فقبل العام الماضي حصلت بصعوبة على إحصائية تشير إلى وجود خمسمائة وأربعين رهينة موجودين بسجون الأمن أبرياء. الحكومة أيضا تحجب المعلومة عن المواطن والصحفي، بل وعلى عضو البرلمان أيضا ولا يوجد قانون نافذ يرتب عقوبة حيال الشخص أو الجهة التي تحجب المعلومة عنهم. والحكومة ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الإعلام تصدر قرارات خلافا للدستور والقانون تمنع بموجبها منح تراخيص لإنشاء منظمات المجتمع المدني وإصدار الصحف ويستمر هذا المنع لأكثر من عامين.
منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات التي أرأسها وفي عضويتها تظم احدى عشر برلمانيا وعشرات من الكوادر من صحفيين وناشطين حقوقيين وأستاذة جامعة وأطباء وأصحاب رأي رفضت وزارة الشؤون الاجتماعية إشهارها أو إعطائها ترخيص مزاولة عمل منذ أكثر من عام دون أن يكون لديها أي مسوغ غير أنها منظمة تحظى بتأييد شعبي ومصنفه أنها غير موالية للحكومة.
وفي جانب الإعلام وحق الرأي والتعبير ترفض الحكومة منح تراخيص صحف أو حتى خدمة إخبارية للرسائل القصيرة عبر الهاتف النقال لأولئك الذين لا يوالونها. فإن كنت من هؤلاء عليك أن تتابع سنوات وقد لا تجدها. أما تراخيص إنشاء الإذاعات والفضائيات لا يزال ممنوعا. أما بصدد الفصل بين السلطات في اليمن فلا وجود له ولا أثر. فالرئيس تتركز بيده كل السلطات الثلاث والتفتيش القضائي المعني بمحاسبة القضاة وتعينهم ونقلهم يتبع وزارة العدل. ولذلك نجد السلطة القضائية أكثر السلطات تبعية وضعفا وفسادا. ويظل كل ما ذكرته هنا ما هو إلا غيض من فيض.
كيف العلاقة بين القبائل، خصوصاً في شمال اليمن، و هياكل النظام النيابي؟ وهل التعايش السلمي شيئاً مستطاعاً؟
حاشد : يمارس النظام الاجتماعي والتكوين القبلي المتخلف حضورا قويا في بنية النظام السياسي اليمني، بل إن هذا الأخير يلوذ إليه ويحتمي به كلما دعت الحاجة أو حامت المخاطر عليه. وبنية النظام النيابي القائم غير مؤهل البتة لبناء دولة حديثة. فالمشايخ وزعماء القبائل والعسكريون المنحدرون من تلك البنى التقليدية يشكلون أغلبية أعضاء البرلمان.
ويعمد نظام الحكم في اليمن إلى دعم وتكريس نظام العرف القبلي وتقديمه على الدستور والقانون أو بعبارة أخرى نجد السلطة الحاكمة تدعم نفوذ القبيلة وأعرافها وتقاليدها على حساب نفوذ الدستور والقانون والحداثة. وعندما تتعارض مصالح الحاكم مع بعض القبائل يلجأ إلى إضعافها ليس من خلال نشر الثقافة والحداثة وإنما من خلال إتباع سياسة فرق تسد بين القبائل وضرب بعضها بعضا وإذكاء الصراعات القبلية الدامية بينها بالقدر الذي يوفر له قدرا أكبر من ضمان الولاء له.
كيف تؤثر دول الجوار على مجريات الأحداث والسياسة في اليمن؟
حاشد: قدرة السعودية على ممارسة ضغط وتأثير على صعيد القرار السياسي للسلطة صار ملحوظا على نحو واضح. كما تمارس السعودية أيضا تأثيرا على بعض القبائل اليمنية من خلال اعتماد دعم مالي ورواتب شهرية أو سنوية لزعمائها. ونجد كذلك القوى الإسلامية السلفية في اليمن والتي يصطلح عليها البعض اسم (الوهابية) تحظى بدعم سعودي يمني مشترك بغرض مواجهة القوى والمذاهب الأخرى، ولاسيما المذهب الزيدي. وترى بعض النخب المثقفة أن هؤلاء السلفيين أكثر ظلامية وخطرا على الحداثة والتطور من غيرهم وثقافتهم صالحة لإنتاج تطرف جهادي خطير يهدد اليمن مستقبلا.
ويقابل دعم السلطة للسلفيين اضطهاد للمذهب الزيدي القريب من الشيعة والتضييق الشديد عليه وقمعه وملاحقة أنصاره ومنعهم من الاحتفال بأعيادهم الدينية وهو ما أسفر عن ظهور حركة سياسية ومذهبية قوية ومؤثرة قريبة من إيران صارت تهدد السلطة في اليمن بصورة متزايدة.
لقد خاضت السلطة الحاكمة خمسة حروب في السنوات الماضية مع هؤلاء الذي أصطلح تسميتهم بالحوثيين، أسفرت عن قتل الآلاف وجرح عشرات الآلاف وتشريد مئات الآلاف وتكبدت الدولة مليارات الدولارات من الخزينة العامة التي تعاني أصلا من الضعف والوهن والهشاشة. لقد فشلت فشلا ذريعا في القضاء عليهم، بل صار هؤلاء اليوم أكثر تأثيرا وقوة من السلطة ويهددون بإسقاطها، إذ كادت الحرب الخامسة تدق أبواب العاصمة صنعاء. والملاحظ أن السلطة في كل حرب تخوضها تزداد ضعفا وفشلا مقابل زيادة قوة ونفوذ الحوثيين الذين صاروا يحظون بتعاطف شعبي ملحوظ حتى خارج مناطق نفوذهم.
أنت نائب مستقل في مجلس النواب اليمني منذ عام 2003 حتى الآن: ما هي الفوائد ألاّ تكون عضوا في أي حزب؟ وكيف تمول عملك البرلماني، مثلاً الحملة الانتخابية؟
حاشد: أجد في الاستقلال حرية أكبر وأوسع مما لو كنت منتميا لحزب، غير أنني أجد دعما وتضامنا أقل من الأحزاب في مواقفي بسبب عدم انتمائي لأي منها، بل أجد الأحزاب أحيانا تتحالف ضدي. فمثلا عند انتخابات رؤساء ومقرري لجان البرلمان في عام 2003 رشحت نفسي لمنصب مقرر لجنة الحريات وحقوق الإنسان، ولم يكن يوجد مستقل غيري في عضوية اللجنة، فتحالفت ضدي كل الأحزاب في اللجنة لأحصل على صوتي فقط، فيما فاز لمنصب المقرر منافسي ابن وزير الداخلية العضو في البرلمان.
أما تمويل حملتي الانتخابية الماضية فلازلت إلى الآن أقضي دينها. لقد نجح أربعة عشر نائبا مستقلا لعضوية المجلس، انضم عشرة للحزب الحاكم بمقابل دعم مالي ومعنوي من قبل السلطة وحزبها الحاكم ولم يبق مستقلون غير أربعة أعضاء فقط رفضوا الانضمام وكنت أنا أحدهم.. وقد دفعت كثير من الثمن بسبب هذا الرفض وبسبب فضح كثير من انتهاكات الحقوق والحريات التي تقوم بها السلطة وأجهزتها الأمنية ضد خصومها السياسيين وأصحاب الرأي والمواطنين.
كيف يمكن أن تصف وضع حقوق الإنسان في اليمن؟
حاشد: أولا قوانيننا لا زالت مثقلة وحافلة بالنصوص التمييزية والعنصرية بسبب الجنس والمعتقد. ثم نجد آليات حماية حقوق الإنسان الرسمية مثل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة ولجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب ولجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى لا زالت معطلة وفارغة من المضمون الحقوقي وتعاني من خلل بنيوي. فعلى سبيل المثال أغلب أعضاء لجنة الحريات وحقوق الإنسان في البرلمان مشايخ وضباط أمن ومنتهكي حقوق وحريات.
ولذلك نجد تلك الآليات تتماهى مع السلطة وتنحاز إلى القمع في كثير من الأحيان. أما آليات حقوق الإنسان الوطنية الأخرى فإنها تعاني من القمع والتضييق عليها من قبل السلطة، فضلا عن حجب المعلومة عنها وإعاقة الوصول إليها. السجون الخاصة مثل سجون المشايخ والسجون التي تعمل خارج نطاق قانون السجون أكثر من أن تحصى. آلاف المشتبه فيهم والأبرياء يقضون السنوات داخل سجون الأمن والمخابرات دون محاكمة أو إحالة للقضاء. والقضاء ضعيف جدا ولا يستطيع أن يفرض سلطته وسيادته على الأجهزة الأمنية. كل هذا غيض من فيض وقليل من كثير.
هل لك أن تطلعنا على حال حرية التعبير في اليمن؟
حاشد: على الرغم من أنني نائب في البرلمان لم أستطع حتى الآن الحصول على موافقة على طلبي المتعلق بترخيص خدمة إخبارية للرسائل القصيرة عبر الموبايل، علما بأني قدمت طلب الترخيص قبل أكثر من عام. لدي موقع "يمنات" الإخباري على شبكة الإنترنت حجبته وزارة الاتصالات عن متصفحي النت في اليمن أكثر من عام، ثم رفعت الحجب عنه فترة قصيرة، ثم عادت لتحجبه بعد يومين من عودتي إلى اليمن من سويسرا التي كنت قد طلبت اللجوء السياسي لديها في وقت سابق. كما بقيت أكثر من عام أتابع من أجل استخراج ترخيص لصحيفتي "المستقلة" ولم أحصل عليه إلا بعد شق الأنفس. كل هذا يحدث مع نائب في البرلمان والحال يكون أشد وأصعب مع المواطن العادي.
كما لا يزال إلى الآن في اليمن محظورا امتلاك وسائل إعلام خاصة مثل الإذاعة والتلفزيون والقنوات الفضائية. وزارة الإعلام فرضت قيودا مشددة ورقابة صارمة على التغطية الإخبارية وتداول المعلومة خلال الخمسة الحروب الماضية التي خاضتها السلطة في محافظة صعدة وغيرها. ومثل هذا حدث أيضا مع الحراك السلمي في الجنوب والذي يعيش عامه الثاني. وعلاوة على ذلك فإن قانون الصحافة والمطبوعات النافذ مثقل بكم هائل من المحظورات على النشر وتداول المعلومة.
هل عودتك من سويسرا إلى اليمن تعني أن سويسرا رفضت لك اللجوء؟
حاشد: هذا غير صحيح .. لقد تواصلت الأمانة العامة ولجنة حقوق الإنسان في اتحاد البرلمان الدولي مع السلطات السويسرية وتم إخباري أنهم سيبتون بطلب لجوئي في موعد من أسبوعين إلى ثلاثة أشهر أي في تاريخ أقصاه الأسبوع الأول من شهر مارس 2009 غير أنه قبل شهر من هذا الموعد سحبت طلب اللجوء بعد أن علمت أن "الفلاحي" وهو من أهم موظفي مكتب اللواء يحيى الراعي، رئيس مجلس النواب، يتابع قضية شخص يدعي أنني أخذت منه قبل سفري إلى جنيف عشرين ألف دولار والأكثر من هذا يدعي أن لديه شهودا وهو إدعاء باطل كالباطل نفسه. وعندما سحبت طلب اللجوء وعدت إلى الوطن تفاجأت بأن المدعي يتأسف ويعتذر ويدعي أنه غرر عليه وأنه أخطأ وحرر لي اعتذاره كتابيا.
لقد عدت من أجل أن أدافع عن سمعتي ورصيدي الحقوقي، بينما هم ربما قصدوا حملي على العودة لتصفيتي جسديا لاحقا وفي أفضل الأحوال الإساءة إلى سمعتي وليقولوا إن سبب لجوئي كان النصب والاحتيال لا ما أدعيه من مخاطر وإهدار يومي لحقوقي كبرلماني من قبل السلطة.
لِمَ تستمر في عملك البرلماني وأنت تتعرض وعائلتك لتهديدات؟ هل تهتم بالمقعد البرلماني أكثر من حياتك؟
حاشد: ضريبة الحرية ومقاومة الظلم والانتصار للحقوق والحريات في بلد مثل اليمن مكلفة جدا. إن الحرية بالنسبة لي رسالة يجب أن أؤديها، سوائ كنت مواطنا أم نائبا وبغض النظر عن الثمن.
في رأيك، ما أهم التغييرات المطلوب إحداثها في اليمن اليوم؟
حاشد: يعاني اليمن اليوم بسبب تغول الفساد فيه على كل المستويات والأصعدة من انهيار سياسي واقتصادي بل وقيمي أيضا. كما يعيش أزمة حادة وانسدادا في أفق التغيير السياسي السلمي والديمقراطي ووجود مخاطر جدية تهدد وحدته ومستقبله. السلم الاجتماعي مهدد ووحدة اليمن ومستقبله تعاني مخاطر جدية كثيرة. الجوع والفقر على أشده والأوضاع الاقتصادية متردية وسيئة للغاية.
اليمن باختصار أمام مفترق طرق؛ إما التغيير الكبير نحو مستقبل جديد مغاير لما هو قائم الآن من قمع وقهر وتسلط وفساد وجوع وإما الطريق الأخر الذي بات يصطلح عليه البعض طريق "الصوملة" والتحول إلى بؤرة تهدد الأمن والسلام في المنطقة. أتمنى أن يعمل الجميع دون أن يحدث هذا الأخير. وأول المعنيين في هذا دون شك هي السلطة الحاكمة التي تغرق اليوم وتريد أن تغرق الجميع معها.
أجرت الحوار: ساره ميرش
حقوق الطبع قنطرة: 2009
قنطرة
حرية الصحافة والإعلام في اليمن
"اليمن في حد ذاته كوكب من نوع خاص"
نادية السقاف رئيسة تحرير صحيفة "اليمن تايمز" اليومية المستقلة الصادرة باللغة الإنجليزية التي تأسست عام 1990 وتعتبر من الناشطات أيضا في مجال الدفاع عن حقوق المرأة اليمنية ومحاربة الفساد والدعوة إلى تعزيز مؤسسات المجتمع المدني. ألفريد هاكنسبرغر تحدث إلى الإعلامية السقاف حول الإعلام وحرية الصحافة، وكذلك أيضا حول ثقافة العشائر في اليمن.
الأزمة السياسية والاقتصادية في اليمن:
بلد على شفير الهاوية
المعارك المستعرة في شمال اليمن واحتجاجات الفقراء، بالإضافة إلى ظاهرة الزواج المبكر تلفت حاليًا أنظار وسائل الإعلام إلى هذا البلد الذي يبدو غير مستقر والذي يتَّجه منذ عهد ليس بقريب نحو التدهور. فيليب شفيرس من صنعاء في تحليل للأوضاع التي يعيشها اليمن.
غوي هيلمنغر وقصص من الحياة اليومية في اليمن:
اليمن- بلاد الغرق السعيدة؟
عاش الكاتب غوي هيلمنغر أربعة أسابيع في اليمن. في مقاله الذي كتبه لموقعنا يسرد قصصه عن الصومالية السعيدة وسائق التاكسي ذي الأخلاق الحميدة والإمام البشوش، وعن كتّاب لم يقوموا بتأليف كتب ولا أحد يتبتانهم ولا يرعاهم.