محمد صلاح...أيقونة عربية وأسطورة كروية

قبل أسابيع من بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018، ثارت في مصر حالة هوس حقيقية بمهاجم نادي ليفربول محمد صلاح، الذي اعتبره خبراء أفضل لاعب كرة قدم في العالم. مصريون وعرب كثيرون لديهم أمل في أن يؤثر المسلم المتدين محمد صلاح -الذي غالبا ما يسجد بعد أهدافه وكأنه يصلِّي- تأثيرا إيجابيا على صورة الإسلام لدى الرأي العام الغربي. الصحفي بشير عمرون يسلط الضوء على هذا اللاعب المصري الاستثنائي.

الكاتبة ، الكاتب: Bachir Amroune

بهدفين وتمريرتين، شارك "الملك" مو صلاح [مثلما يُعرف في الغرب] مشاركةً أساسية في فوز نادي إف سي ليفربول الإنكيزي على نادي إي إس روما الإيطالي بنتيجة 5-2 في مباراة الذهاب في الدوري قبل النهائي من دوري أبطال أوروبا نهاية شهر نيسان/أبريل 2018.  منذ عدة أشهر يتم الاحتفال باللاعب المصري محمد صلاح كظاهرة مميَّزة في عالم كرة القدم. وحتى أنَّ الكثيرين من خبراء كرة القدم يرون فيه أفضل لاعب كرة قدم في العالم، وأفضل من رونالدو وليونيل ميسي. كذلك تظهر نتائج الإحصائيات لصالحه: فقد سجَّل ثلاثةً وأربعين هدفًا في سبع وأربعين مباراة تنافسية خلال الموسم الحالي. 

محمد صلاح وهو يلعب لصالح نادي ليفربول الإنكليزي ضد نادي روما الإيطالي بتاريخ 24 / 04 / 2018.  Foto: Reuters
Enormes fußballerisches Potenzial: Mohamed Salah ist deshalb so beliebt, weil er auch neben dem Platz ein Vorbild ist. Der Muslim ist völlig frei von Allüren, er spendete bereits Millionen Euro für Krankenhäuser, Schulen und Fußballplätze in Ägypten. "Mo ist ein fantastischer Junge", erklärte FC-Liverpool-Trainer Jürgen Klopp.

 يُعَدُّ شراؤه صفقة جيِّدة: فقد انتقل اللاعب محمد صلاح ذو الخمسة والعشرين عامًا مقابل اثنين وأربعين مليون يورو في الصيف الماضي 2017 من نادي إي إس روما الإيطالي هذا إلى نادي الدرجة الأولى الإنكليزي إف سي ليفربول، الذي ضمن لنفسه الآن فرصًا جيِّدة للانتقال إلى نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا الأكثر عراقة ووجاهة في كرة القدم على مستوى العالم. لكن محمد صلاح كان قد أحرز أولى انتصاراته في كرة القدم الأوروبية للمحترفين في نادي بازل السويسري. وبعد موسم انتقل إلى نادي تشيلسي الإنكليزي، ثم تمت استعارته من قِبَل نادي فلورنسا الإيطالي ومن ثم وصل إلى نادي إي إس روما. ملك القلوب من البديهي أنَّ مثل هذا النجاح يثير المشجِّعين. غير أنَّ مو صلاح، المعروف باسم "الملك" أو "الفرعون"، يُمثِّل أكثر من ذلك. فهو مجتهد ومتواضع، ولا توجد لديه نزوات مثل النجوم الآخرين.وحتى أنَّه قد اعتذر في مباراة نصف النهائي ضدَّ نادي روما عن هدفيه لمشجِّعي ناديه السابق. والرومان بالذات يذكرونه بالخير. فبعد قرعة الدور قبل النهائي لأبطال أوروبا كتبوا له على موقع تويتر: "سنكون خصومًا لمدة مائة وثمانين دقيقة، ولكن بصرف النظر تمامًا عمَّا سيحدث سنبقى أصدقاء مدى الحياة". يبدو من بعض أغاني مشجِّعي نادي إف سي ليفربول أنَّ شعبية "مو صلاح" قد باتت تتَّخذ معالمَ غير عادية. ففي أغنية مخصَّصة له، يغنِّي المشجعون أنَّه إذا سجَّل المزيد من الأهداف، فسيعتنقون الإسلام ويُصَلّون معه في المسجد. وهذا الكلام بطبيعة الحال ليس جادًا وقد جاء بعضه بسبب القافية، لكنه يفصح عن الكثير، نظرًا إلى حقيقة أنَّ الدوري الإنكليزي يتم تصنيفه فيما عدا ذلك كأحد أكثر بطولات كرة القدم عنصرية في أوروبا. 

 ولذلك فإنَّ الكثيرين من العرب والمصريين لديهم أمل كبير في تمكُّن المسلم المتديِّن محمد صلاح -الذي غالبًا ما يسجد بعد أهدافه وكأنه يؤدِّي الصلاة- من التأثير إيجابيًا على صورة الإسلام لدى الرأي العام البريطاني (والغربي) المصبوغة عدا ذلك بصبغة الإرهاب والعنف. بطل مصر القومي الجديد بات اللاعب محمد صلاح في وطنه مصر بالذات حديث الجميع. ويُقال افتراضيًا إن محمد صلاح، الذي يُعَدُّ أفضل لاعب في أفريقيا، قد حصل في الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة عام 2017 على مليون صوت، من دون أن يترشَّح للانتخابات.وفي مباريات التأهيل لنهائيات كأس العالم في روسيا انفرد تقريبًا في نقل وطنه مصر بتسجيله خمسة أهداف (وبالمناسبة فقد ساعد في تسجيل الأهداف الأخرى) إلى الجولات النهائية، بعد أن اضطر مشجعو كرة القدم المصريين إلى الانتظار ثمانية وعشرين عامًا للتأهل لكأس العالم. 

 

وبما أنَّ "مو صلاح" قد ظهر أوَّل مرة في نادي المقاولون العرب، الذي يلعب ضمن الدوري المصري الممتاز، وقد غادر وطنه مصر فقط بعدما بلغ سن العشرين إلى سويسرا، فإنَّ أبناء وطنه فخورون به بشكل خاص. وعلى العكس من نجوم كرة القدم العرب الآخرين، فقد تعلم محمد صلاح حرفته في مصر، وليس في أحد الأندية الأوروبية البارزة. وهذا سبب عظيم يدعو للأمل بالنسبة لبلد لا ينتج في العادة سوى القليل من الأخبار الإيجابية، وذلك نظرًا إلى المشكلات الاقتصادية الكبرى والقمع السياسي الضخم والإرهاب.   بشير عمرونترجمة: رائد الباشحقوق النشر: دويتشه فيله / موقع قنطرة 2018ar.Qantara.de