سقط الفرعون!
لأول مرة في تاريخ مصر الحديث يتم الحديث عن رئيس سابق. فقبل أقل من شهر من اليوم لم يكن أحد يتوقع سقوط نظام الرئيس المصري محمد حسني مبارك، حيث أعلن مساء اليوم نائب الرئيس عمر سليمان تنحي محمد حسني مبارك بعد 30 سنة من الحكم وتسليمه السلطة إلى المجلس العسكري. ريم نجمي تستعرض اللحظات الأخيرة من الثورة المصرية.
" الشعب أسقط النظام" هكذا تعلو هتافات المتظاهرين في ميدان التحرير مختلطة بأصوات الطبول وأبواق السيارات، تعبيرا عن فرح استثنائي وكبير بإسقاط نظام الرئيس المصري محمد حسني مبارك بعد 30 سنة من توليه السلطة في مصر في أكتوبر 1981، مباشرة بعد اغتيال الرئيس المصري محمد أنور السادات في حادث المنصة الشهير.
"إنه فرح لم تشهده مصر منذ زمن طويل" يقول أحد المتظاهرين من ميدان التحرير. فمنذ انتصار مصر في حرب أكتوبر 1973 لم تشهد العاصمة المصرية هذه الأجواء الاحتفالية. ولأول مرة في تاريخ مصر الحديث يتم الحديث عن رئيس سابق.
قصة ثورة سلمية
بعد نجاح الثورة في تونس، شعر المصريون بمشاعر متضاربة ما بين فرح بنجاح الثورة التونسية وبين شعور بالمرارة مصدره الرغبة في القيام بنفس الخطوة الثورية سرعان ما تحولت هذه الرغبة إلى خطوة ملموسة تحققت على أرض الواقع.ففي الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني اندلعت أولى شرارات الثورة المصرية، حيث استجاب عدد كبير من الشباب المصري إلى دعوات التظاهر كان قد دعا إليها ناشطو الفايسبوك.
اتسعت دائرة الاحتجاجات وارتفع معها سقف المطالب لتصل إلى حد المطالبة بإسقاط النظام وتنحي الرئيس. ولم تكن القرارات التي اتخذها الرئيس مبارك كافية لتهدئة الشارع المصري فلا إسقاط الحكومة و لا تعيين نائب للرئيس ولا التزامه بعدم الترشح لولاية سادسة ولا تفويضه السلطات لنائبه، كانت كفيلة بعدول المتظاهرين عن مطلبهم الرئيسي والقاضي بتنحي حسني مبارك. ولعل تمسك المتظاهرين بهذا المطلب جاء بعد أن أسفرت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن عن 300 قتيل حسب إحصائيات المنظمات الدولية." دم الشهداء لن يذهب هدرا" شعار لطالما رفعه المتظاهرون في الأيام الأخيرة.
الأنفاس الأخيرة لنظام دام 30 سنة
صورة معبرة تلك التي تناقلتها الوكالات للمتظاهرين وهم يلوحون بأحذيتهم أثناء مشاهدتهم لخطاب الرئيس حسني مبارك. معبرين عن سخطهم الكبير وخيبة أملهم.ولعل المتتبع لأحداث الأمس قد يتفهم سبب هذه الخيبة الكبرى للمطالبين بتنحي الرئيس المصري . فبعد ظهر يوم العاشر من فبراير- شباط أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيانه رقم 1 أنه اجتمع في إطار الالتزام بحماية البلاد والحفاظ على مكتسبات الوطن بل وتأييدا لمطالب الشعب المشروعة.
ولم يكن البيان وحده يحمل إشارات بنهاية الرئيس مبارك، بل إن انعقاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بدون قائد القوات الأعلى (حسني مبارك) يحمل دلالات واضحة على أن الرئيس صار في خبر كان. كما أن إعلان الجيش عن إصدار بيان رقم واحد واحتمال إصدار بيان ثان يحيل على نفس الطريقة التي سلكها الجيش المصري في ثورة 22 يوليو 1952. وهو الشيء الذي عزز آمال المتظاهرين في رحيل الرئيس حسني مبارك.
ثم توالت التصريحات من هنا وهناك مؤكدة أن الرئيس المصري سيتنحى الليلة لا محالة وسيسلم سلطاته إلى الجيش و أكدت الخبر جهات رسمية أمريكية. كما صرح الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم حسام بدراوي أن الرئيس المصري سيعلن الليلة خبر تنحيه، قبل أن يقرر هو أيضا الاستقالة من منصب الأمين الذي شغله لأيام معدودة فقط. وليطمئن أكثر قلب المتظاهرين في ميدان التحرير اعتلى قائد ميداني من الجيش خشبة المسرح في ميدان التحرير و أكد أنه ستتم الاستجابة لجميع مطالب الشعب خلال ساعات وأنهم سيسمعون ما سيسرهم.
وبعد أن أعلن التلفزيون المصري الرسمي أن مبارك سيتوجه بخطاب إلى الأمة خلال ساعات قليلة ، تأكد الخبر وبدأ الكثير من المتظاهرين في ميدان التحرير بالاحتفال بل وتوافدت أعداد أخرى من المتظاهرين التي ترغب في أن تعيش لحظة لطالما انتظرها الكثيرون.
رحيل آخر الفراعنة
ولكم كانت خيبة المتظاهرين في ميدان التحرير كبيرة، حيث أصابتهم حالة من الذهول والصدمة وهم يستمعون إلى خطاب الرئيس مبارك الذي لم يعلن تنحيه كما كان متوقعا واكتفى بتفويض سلطاته إلى نائبه عمر سليمان والتأكيد على التزامه بإجراء الإصلاحات الدستورية. كما حمل الخطاب نبرة عاطفية، حيث استعرض حسني مبارك تاريخه السياسي والحربي، باستحضاره للضربة الجوية التي شنها على إسرائيل في حرب أكتوبر 1973 كقائد لسلاح الطيران المصري، كما ذكّر المصريين بمواجهته للموت في أديس أبابا ، في إشارة إلى محاولة اغتيال فاشلة كان قد تعرض لها مبارك سنة 1995 في العاصمة الإثيوبية.
لم يتأخر الشعب المصري في الرد على حسني مبارك، فبدأ عدد كبير من المصريين بالتوافد على ميدان التحرير حتى يضمنوا مكانا لهم في المظاهرة التي كان من المقرر أن تنطلق بعد صلاة الجمعة ليوم 11 فبراير/ شباط والتي أطلق عليها المتظاهرون اسم جمعة الطوفان والشهداء. وكانت المظاهرة التي انطلقت من العديد من المدن المصرية مظاهرة طوفانية بالفعل، حيث شارك فيها الملايين من المصريين مطالبين بالرحيل الفوري لرئيس عنيد لطخت يديه بالدماء. امتدت هذه المظاهرات لأول مرة لتصل لقصري الرئاسة في القاهرة والإسكندرية.
ساعات قليلة بعد ذلك أعلن نائب الرئيس عمر سليمان بشكل مفاجئ تنحي الرئيس المصري محمد حسني مبارك، وهو قرار حظي باحترام الجيش الذي أعلن في بيان له أنه لن يكون بديلا عن الشرعية، التي ستحددها انتخابات رئاسية قادمة لم يتحدد وقتها بعد.
سقوط نظام الرئيس حسني مبارك سيكون له تأثير على باقي دول المنطقة، التي تشهد العديد منها في الوقت الحالي حالة من الغليان قد تفضي إلى تغييرات سياسية كبرى في الأيام المقبلة. والآن يطرح العديد من المتتبعين للشأن العربي السؤال الآتي: "من التالي؟"
ولعل النكتة التي انتشرت على صفحات الانترنيت خير تعبير عن هذه الحالة، إذ تقول النكتة أن عددا من الحكام العرب يتباحثون قرارا بإلغاء يوم الجمعة من أيام الأسبوع، لأنه اليوم الذي شهد سقوط نظام الرئيس المصري حسني مبارك ونظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وتبقى الأيام القادمة وحدها الكفيلة بالرد على السؤال: "من التالي؟"
ريم نجمي
مراجعة :لؤي المدهون
حقوق النشر:قنطرة 2011
Qantara.de
المثقفون المصريون والانتفاضة الشبابية المصرية:
" ما يحدث في مصر أكبر من حلم المثقفين"
كان صوت الكتاب والفنانون المصريون خافتاً في أيام الغضب التي تشهدها مصر– فهل يعني هذا أنهم بعيدون عن أحداث هذه الثورة الشعبية؟ سمير جريس استطلع رأي عدد من الكتاب والفنانين، ومنهم إبراهيم أصلان ومحمد عبلة وجرجس شكري.
شباب الفايس بوك في مصر
وائل غنيم رمز "ثورة جيل الفيسبوك"
الناشط المصري وائل غنيم اختفى في اليوم الأول من حركة المظاهرات التي تشهدها مصر منذ ما يعرف بـ"يوم الغضب". وأفرج عنه منذ بضعة أيام ليصبح بعد ذلك رمزاً من رموز "ثورة جيل الفيسبوك .هبة الله اسماعيل تسلط الضوء على هذا الناشط المصري".
قراءة في ثورة الشباب المصري:
فجر جديد بقيادة الشباب في الشرق الأوسط؟
ترى الكاتبة والمدونة اللبنانية فرح عبد الساتر أن الشباب العربي أصبح اليوم ليس مسلّحاً فقط بهاتف البلاك بيري النقال والآي فون والمدوّنات والفيسبوك، وإنما كذلك بالقناعة بأن التغيير أصبح ضرورة حتمية في المنطقة العربية في مؤشر على بداية صحوة شاملة