فرص تعاون جديدة لأوروبا والعالم العربي

ما هي الأهمية السياسية التي يتمتَّع بها الاتحاد من أجل المتوسط الذي تم تأسيسه في باريس بين الاتحاد الأوروبي وثمانية عشر بلدًا تقع على البحر المتوسط من أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط؟ خولة صالح حاورت فولكر بيرتيس، الخبير في شؤون الشرق الأوسط ومدير المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية في برلين للوقوف على أجوبة لتلك التساؤلات.

قوبلت قمة تأسيس "الاتحاد من أجل المتوسط" بالكثير من الترحاب والإعجاب. فكيف تقيِّم محصلة هذا الاتحاد وما هي الفوائد التي تجدها ممكنة ضمن إطار التعاون الإقليمي؟

​​فولكر بيرتيس: أعتقد أنَّ الوقت ما يزال مبكِّرًا للحديث عن محصلة، وذلك لأنَّه يجب في البدء أن يتم اتِّخاذ قرارات بخصوص كلِّ مشروع من مشاريع الاتحاد وتنفيذها. وأعتقد أنَّ الأمر الايجابي في هذه القمة يكمن حقًا في أنَّ جميع الدول الواقعة على حوض البحر المتوسط - باستثناء ليبيا - و/أو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد شاركت في هذه القمة. وبالتأكيد إنَّه لأمر جيِّد أيضًا أنَّ العلاقة السورية اللبنانية وعلاقة سوريا مع الاتحاد الأوروبي قد شهدت في هذه القمة انفراجًا من شأنه أن يمكِّن من الشروع في بعض مشاريع التعاون.

يبدو أنَّ قمة تأسيس "الاتحاد من أجل المتوسط" تعلن قبل كلِّ شيء عن إمكانية لإنهاء العزلة الدولية المفروضة على سوريا. فما هي الآثار التي يمكن أن تنجم عن مثل هذا التطوّر - وقبل كلِّ شيء فيما يتعلَّق بالمنطقة والخلاف مع إيران حول برنامجها النووي؟

​​بيرتيس: أعتقد أنَّه لن يكون لهذا التطوّر أيّ أثر إلى حين على الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني. إذ توجد هنا أزمة تعتبر أقدم بكثير من الأزمة النووية مع إيران؛ أي أزمة إسرائيل مع جيرانها العرب، هذه الأزمة التي يمكن أن تكون قد اقتربت الآن خطوة - أو خطوتين - من الحلّ. وإذا جرت في المستقبل محادثات سلام بنّاءة وجادة بين إسرائيل وسوريا فسيكون كذلك لهذه المحادثات آثار إيجابية على المفاوضات والجهود السلمية بين الفلسطينيين وإسرائيل. فكلّ انفراج يحدث في المنطقة سوف يفيد الذين يبذلون في إسرائيل وفي المناطق الفلسطينية جهودًا من أجل التوصّل إلى تسوية.

لقد لاحظنا ذلك عندما كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس في دمشق. وإذا أبرمت سوريا اتِّفاقية سلام مع إسرائيل فسوف يقلّ اهتمامها في تقديم الدعم لحماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية أو التنظيمات المتطرِّفة الأخرى في المناطق الفلسطينية.

يبدو الآن أنَّ التقدّم في علاقة سوريا مع إسرائيل أصبح أمرًا ممكنًا تمامًا مثلما هي الحال في علاقة سوريا مع لبنان والاتحاد الأوروبي. فهل يمكن القول حسب رأيك إنَّ الفضل في ذلك يعود إلى الدبلوماسية الفرنسية - وبذلك هل يمكن القول إنَّ هذا يعبِّر في الوقت نفسه عن حقِّ قيادي فرنسي في السياسة الأوروبية لشؤون الشرق الأوسط والبحر المتوسط؟

​​بيرتيس: لا شكّ في أنَّ الدبلوماسية الفرنسية قد لعبت دورًا بالاشتراك مع بعض الشركاء المحليين مثل حكومة قطر فيما يتعلَّق بعلاقة سوريا مع لبنان. غير أنَّ تنظيم العلاقة السورية الإسرائيلية وكذلك المحادثات بين إسرائيل وسوريا يتم بوساطة تركيا وليس بوساطة فرنسا. كما أنَّني أعتقد أنَّه يجب أيضًا الإثناء على الحكومة التركية لجهود الوساطة التي تبذلها؛ هذه الجهود التي كانت واسعة جدًا والتي يبدو أيضًا أنَّها كانت حتى الآن ناجحة.

هل يعبِّر هذا التطوّر عن حقّ قيادي فرنسي جديد في السياسة الأوروبية لشؤون الشرق الأوسط والبحر المتوسط؟

بيرتيس: أعتقد أنَّ السيد نيكولا ساركوزي يعمل على إعادة تأسيس هذا الحقّ القيادي الذي طالب به بوضوح سلفه جاك شيراك. أما إذا كانت الدول الأوروبية ودول الشرق الأوسط ستقبل بذلك، فهذا أمر يتوقَّف قبل كلِّ شيء على مدى قدرة فرنسا على القيام بهذا الدور. وفي البداية عندما كان وزير الخارجية الفرنسي يفكِّر أنَّ بإمكانه - إن صحّ التعبير - السفر بهيئة ديبلوماسية إلى لبنان وزيارة كلِّ أطراف الأزمة وثم العودة بحلّ، عندما تم القيام بهذه المساعي على هذا النحو - لم يكن هذا يَعِدُ بالنجاح ولم يتم أيضًا الاعتراف بهذا الحقّ القيادي.

هل ترى أنَّه من الممكن قريبًا إجراء محادثات مباشرة بين سوريا وإسرائيل؟

بيرتيس: أعتقد أنَّه لا بدّ من إجراء هذه المحادثات المباشرة. وعلى الأرجح أنَّها لن تجرى بشكل مباشر، بل سوف ينتظر السوريون والإسرائيليون حتى يكون هناك أيضًا وسيط أمريكي مستعد للمشاركة في هذه المحادثات وربما للعب دور قادي ضمن هذا السياق. ويبدو كأنَّ الإسرائيليين والسوريين متَّفقون على أنَّه لا بدّ لهم في هذا الصدد من انتظار الإدارة الأمريكية القادمة.

أجرت الحوار: خولة صالح
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: دوتشه فيله 2008

قنطرة
الاتحاد من أجل المتوسط
فرنسا...مركز ثقل أوروبا الجديد؟
من الممكن لنيكولا ساركوزي أن يحقِّق بتأسيس الاتحاد من أجل المتوسط نجاحًا باعتباره وسيطًا للسلام في الشرق الأوسط. ولكن ما هو حجم قدرات هذا الاتحاد وما هي الأفكار الإستراتيجية الكامنة خلفه؟ بيرنارد شميد في قراءة تحليلية للاتحاد من أجل المتوسط.

الاتحاد من أجل المتوسط:
تراجع في الطموحات وشكوك في تحقيق التوقعات
تعد إقامة المشاريع الانتقائية في مجالات البنية التحتية من أبرز مكونات "الاتحاد من أجل المتوسط"، لكن التحدي الأكبر يكمن في تنفيذ هذه المشاريع بعد فشل عملية برشلونة في تحقيق أهدافها التنموية والسياسية. وسيدعم تنفيذ هذه المشاريع عملية التنمية في بلدان الجنوب بشكل ينعكس إيجابيا على الأمن الأوروبي، مثلا من خلال الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية. منصف السليمي في قراءة للتحديات التي تواجه الاتحاد.

الاتحاد المتوسطي بعيون فرنسية:
حلم للسلام والثقافة
قبل أسبوع من تولي بلاده مهام الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي قام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بزيارة إلى إسرائيل والمناطق الفلسطينية، حاملاً في جعبته ملفات عدة في مقدمتها الترويج لمشروع الاتحاد المتوسطي. راينر زوليش في قراءة تحليلية لطموحات ساركوزي المتوسطية.