تغيرات في المفاهيم- الخروج من دائرة "الفضائحيات"

منذ فترة طويلة تتعالى الشكاوى حول ندرة الكتب العربية المترجمة إلى الإنكليزية وإذا ما حدث ذلك فيتم من خلال اختيار روايات فضائحية أو كتب ترسخ الصور النمطية الشائعة. غير أن هناك الآن بوادر إيجابية تنبئ برياح التغيير وفق قراءة سوزانا طربوش لحركة الترجمة من العربية إلى الإنجليزية.

​​عندما فاز الروائي المصري نجيب محفوظ بجائزة نوبل عام 1988 كأول أديب عربي (وآخرهم حتى الآن) انتابت الجميع الآمال بأن تساهم الجائزة في رواج في ترجمة الأدب العربي في بلاد الغرب، ومنها بريطانيا العظمى. غير أن ذلك بقي مجرد أمنيات طوال سنوات عديدة.

بالطبع هناك بعض الكتاب العرب الذين حققوا الشهرة عبر ترجمة أعمالهم إلى الإنكليزية، غير أن ذلك لا يقارن على الإطلاق بعشق البريطانيين لأعمال "الواقعية السحرية" من أمريكا اللاتينية مثلاً، أو حبهم لأدباء روسيا وشرق أوروبا أو للروايات التي يكتبها أدباء من شبه القارة الهندية.

الأدب العربي في دائرة الضوء

في الوقت الراهن تتغير هذه الصورة تغيراً يكاد يكون درامياً، وهو ما اتضح مؤخراً خلال معرض لندن للكتاب الذي استمر ثلاثة أيام، مُسلطاً الضوء في هذا العام على أدب العالم العربي. نحو مئة دار نشر وهيئة ثقافية عربية كانت حاضرة في لندن، كما نظم المعرض – بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني – برنامجاً ثقافياً مصاحباً استضاف أكثر من ستين كاتباً وناشراً وباحثاً عربياً، جاء معظمهم من الخارج.

ومن ضمن أبرز النشاطات كان "الفطور مع بهاء طاهر" في المقهى الأدبي لنادي القلم الإنكليزي حيث أجرت الصحفية مايا جاغي حواراً مع الروائي المصري الشهير. وكان طاهر قد حاز حديثاً الجائزة الدولية للرواية العربية التي تمنح للمرة الأولى، وذلك عن روايته "واحة الغروب".

إشعاعات ثقافية من منطقة الخليج

ويحصل الفائز بجائزة الرواية العربية على ستين ألف دولار أمريكي، تمنحها "مؤسسة الإمارات" في دبي بالتعاون مع مؤسسة جائزة "بوكر" البريطانية. وقد وجه المعرض والمجلس الثقافي البريطاني الدعوة للروائيين الستة الذين وصلت أعمالهم إلى القائمة المصغرة للجائزة. وستساهم الجائزة في تنشيط حركة الترجمة من العربية، فهي تضمن للفائز ترجمة عمله إلى اللغة الإنكليزية.

وليست هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تنقل الأدب العربي إلى مركز اهتمام الجمهور العريض، ففي الوقت ذاته شهد معرض لندن للكتاب التعريف بمشروعين طموحين تقدمت بهما الإمارات العربية لترجمة الأدب المكتوب باللغة الإنكليزية إلى العربية.

المشروع الأول هو مشروع "كلمة"، وهو مبادرة من هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، ويهدف إلى ترجمة مئة كتاب سنوياً. أما المشروع الثاني بعنوان "ترجِم" فهو برنامج أعدته مؤسسة محمد بن راشد المكتوم في دبي ويهدف إلى ترجمة 1000 كتاب إلى اللغة العربية عبر ثلاث سنوات.

هذه المشروعات أثارت النقاش والحديث بين الحاضرين، وهو ما فعله أيضاً حضور الروائي المصري علاء الأسواني الذي حقق في العالم العربي نجاحاً أسطورياً بروايته "عمارة يعقوبيان" التي ترسخ نجاحها بعد تحويلها إلى فيلم عرض بالعنوان نفسه.
كان الأسواني بلا شك "كاتب اليوم" خلال ثاني أيام المعرض. ويترقب الجميع الآن صدور الترجمة الإنكليزية لروايته الثانية "شيكاغو" في سبتمبر (أيلول) المقبل. الأسواني درس طب الأسنان في جامعة إيلينوي في شيكاغو، ومن مصادفات القدر أن روائية عربية أخرى حققت أعلى المبيعات تدرس في الجامعة نفسها، بل في الكلية ذاتها، وهي الكاتبة السعودية رجاء الصانع التي أثارت هي أيضاً اهتماماً كبيراً خلال معرض لندن للكتاب.

حققت رواية الصانع الأولى "بنات الرياض" نجاحاً ضخماً وترجمت حتى الآن إلى ثلاث وعشرين لغة. وستصدر طبعة الجيب الإنكليزية في يونيو (حزيران) عن دار نشر بنغوين. بكل حماس يبحث الناشرون الآن، سواء من العالم العربي أو من الغرب، عن أسواني آخر أو رجاء أخرى.

مبادرات متنوعة

مارغريت أوبانك، رئيسة تحرير مجلة "بانيبال" للأدب العربي، تقول في هذا الصدد: "في الوقت الحالي يتزايد عدد دور النشر البريطانية التي تنشر ترجمات لأدباء عرب." بالإضافة إلى ذلك هناك دار النشر الجديدة "آرابيا بوكس"، وهي شركة مشتركة بين دار نشر "أركاديا بوكس" و"هاوس بابليشنيغ"، وتعنى بالروايات والقصص من المنطقة العربية، وتهتم خصوصاً بانتقاء أعمال من بين العدد الكبير الذي نشرته الجامعة الأمريكية في القاهرة.

ولا شك أن أحد أسباب رواج ترجمة الأدب العربي هو تأسيس مجلة "بانيبال" قبل عشر سنوات التي بدأت بنشر الأدب العربي مترجماً إلى الإنكليزية، كما أسست المجلة "جائزة سيف غباش – بانيبال لترجمة الأدب العربي". وآخر مشاريع "بانيبال" هو تأسيس مكتبة للأدب العربي الحديث في لندن بالاشتراك مع المركز العربي البريطاني.
ومن أبرز المؤشرات على تزايد الأهمية بالأدب العربي في العالم كله هو وجود ثلاثة كتاب من أصل عربي من بين ثمانية أدباء على القائمة المصغرة لجائزة هي ربما أهم الجوائز الأدبية دولياً، "جائزة دبلن الأدبية الدولية". وتبلغ قيمة الجائزة مئة ألف يورو، وتمنح للكتاب الذين يكتبون بالإنكليزية أو الذين ترجمت أعمالهم إلى لغة شكسبير.

إحدى الروايات الموجودة على القائمة المصغرة هي رواية "لعبة دي نيرو" للكاتب اللبناني راوي حاج الذي يعيش في كندا ويكتب بالإنكليزية، أما الكاتب الجزائري ياسمينة خضرة فترجمت روايته "الانتحارية" من الفرنسية، في حين يكتب الفلسطيني سيد كاشوا باللغة العبرية، وهو وصل إلى القائمة المصغرة بروايته "هناك كان الصباح". كل هذا يبين التنوع والثراء الذي يشهده الأدب العربي المعاصر.

سوزانا طربوس
ترجمة: صفية مسعود
قنطرة 2008

قنطرة

علاء الأسواني يقرأ من "شيكاغو" في ألمانيا:
محفوظ الثاني أم محطم التابوهات؟
بعد صدور الترجمة الألمانية من رواية "شيكاغو" قام علاء الأسواني صاحب رواية "عمارة يعقوبيان" بجولة في ألمانيا للتعريف بروايته هذه، وقد استهل جولته بقراءة في مهرجان كولوينا للأدب، أكبر مهرجان أدبي في أوروبا. سمير جريس التقاه هناك.

المستعربة الإيطالية إيزابيلا كاميرا دافليتو:
"بعد معرض فرانكفورت لم يتغير شيء!"
في الحوار التالي تتحدث المستعربة الإيطالية إيزابيلا كاميرا دافيلتو عن مدى رواج الأدب العربي في إيطاليا وأوربا وتقييمها لفن الرواية العربية ورؤيتها للاتجاهات الحديثة في الأدب العربي وعن موضوع دعم العرب ترجمة أدبهم إلى اللغات الأوروبية

حوار مع كريم ناجي الرئيس التنفيذي لمشروع "كلمة":
أبوظبي تحيي حركة الترجمة في العالم العربي
تم الاعلان خلال المعرض الدولي للكتاب بفرانكفورت عن مشروع طموح للترجمة يحمل إسم "كلمة"، تهدف من خلاله هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث احياء حركة الترجمة في العالم العربي. التقى محمد مسعاد بكريم ناجي الرئيس التنفيذي للمشروع فكان الحوار التالي