وفاء لشعب في طي النسيان
يعد الأكراد أكبر شعب في العالم من دون دولة. وأماكن توطنهم متفرقة بين إيران والعراق وتركيا وسوريا، أضف إلى ذلك بعض المناطق الصغيرة في لبنان ومناطق الاتحاد السوفيتي سابقا. وطبقا لذلك تقلّب تاريخهم وتنوع موروثهم الحضاري. مجلّد صور سوزان ميزيلاس، ذات الحجم الكبير المجلد بالقماش المشمع والثقيل الوزن، يفتح للقارئ والمتفرج نافذة جديدة على التاريخ الكردي المتقلب خلال الـ120 سنة الماضية.
رحلة تاريخية متنوعة
في نحو 400 صفحة مقسمة إلى ستة أبواب كبيرة بدأت ميزيلاس بحالة الأكراد قبيل الحرب العالمية الأولى، ومرت بعملية تقسيم الشرق الأوسط التي تبعتها، ثم الثورة الإسلامية في إيران والانقلاب العسكري في تركيا، وانتهت بغارات الغاز السام التي قام بها النظام العراقي بقيادة صدام حسين مع نهاية حرب الخليج الأولى وسقط ضحيتها آلاف الأكراد.
وقد ركزت الكاتبة على الدول الثلاث التي يتمركز فيها الأكراد بكثافة، ألا وهي تركيا وإيران والعراق. كما عالجت الثورات الكردية التي قامت في تركيا بداية القرن العشرين، وكذلك الأمر تأسيس وانهيار الدولة الكردية - الوحيدة حتى الآن - وهي "جمهورية مهاباد" التي أُسست في إيران عام 1946، وأيضا الوضع الحالي في شمال العراق، حيث أقامت الأمم المتحدة عام 1991 منطقة أمنية خاضعة للإدارة الكردية، مما يجعل اليوم إقامة دولة مستقلة ممكنا.
ولم يفُت ميزيلاس أن تقدم الشخصيات الكردية الشهيرة، أمثال على أغا، زعيم عشائر ديبوكري في النصف الأول من القرن العشرين، الذي منحه شاه إيران لقب أغا. كما قدمت أيضا ليلى زنا، الناشطة السياسية التي كانت متزوجة محافظ مدينة ديار بكر ورُشّحت مرتين للحصول جائزة نوبل، وتقضي حاليا عقوبة حبس في أحد السجون التركية.
حوارات مع الصحف المعاصرة
لقد جمعت ميزيلاس في عمل صغير مضني صورا ونصوصا تاريخية، وأكملت الكثير من الصور غير الملوّنة والمرسومة باليد بالصور التي التقطتها في شمال العراق عام 1991 والفترة اللاحقة، حيث قامت بتصوير المقابر الجماعية عند فتحها للتوثيق.
وإلى جانب الأحاديث الصحفية القصيرة مع الجرائد المعاصرة اعتمدت ميزيلاس في أجزاء كبيرة من كتابها على المذكرات اليومية ومقالات الرحّالة والمغامرين السابقين، أمثال فرايا شتارك والمبشّرين والمهندسين والأطباء الذين أتى بهم القدر إلى المنطقة الكردية. إن الأكراد ليس لهم دار محفوظات قومية ولا حتى القليل من الوسائل والأمان للإنفاق على المكتبات ودور المحفوظات. وهذا أدى إلى أن الجزء الأكبر من الوثائق التاريخية والصور لم يُحفظ في المناطق الكردية، ولكن في الغرب وفي الجامعات والمتاحف الخاصة. إن عملية البحث بلا كلل التي قامت بها سوزان ميزيلاس ساعدتها هنا أيضا على اكتشاف الكثير لدرجة أنها استطاعت أن تضيف إلى كتابها وثائق تاريخية مختلفة.
حُبّ التفاصيل
في كل صفحة من صفحات الكتاب يلمس المرء حُب الكاتبة للتفاصيل والجهد الذي بذلته في هذا المشروع، حتى إن المرء يلاحظ ذلك في الأشياء الصغيرة، وما أكثرها! منها على سبيل المثال أنها ترجمت المقدمة في ملحق باللغة التركية واللغة السورانية، وهي لهجة كردية مركزية تنتشر في إيران وشمال العراق. إن كتاب "كردستان: في ظل التاريخ" ليس فقط متعة للعين، لكنه فضلا عن ذلك مفيد جدا لأنه يبين علاقات لا تتعلق بالشعب الكردي فقط، بل أيضا بالشرق الأوسط كله.
إلينا أيلمس
ترجمة: عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع: قنطرة 2009
درست سوزان ميزيلاس الاتصالات البصرية بجامعة هارفارد، ومنذ ذلك الحين اشتهرت كمصوّرة. وهي عضو في وكالة التصوير المشهورة "ماجنوم" منذ عام 1976. وصدر لها بالفعل عدة مجلدات تصويرية. وقد شكلت مجموعتها الشاملة من الصور والوثائق التاريخية في كتابها "كردستان: في ظل التاريخ" باكورة أعمالها.
سوزان ميزيلاس: "كردستان: في ظل التاريخ" دار النشر University of Chicago Press, 2008
قنطرة
الأكراد في سوريا:
حجب الحقوق المدنية
يعيش أبناء الأقليَّات العرقية والدينة المختلفة في سوريا غالبا بسلام مع بعضهم البعض. ومع ذلك تشكو الأقلية الكردية من التمييز الموجه ضدها. تقرير كتبته مانويلا رومر بعدما اطَّلعت عن كثب على وضع الأكراد في كلٍّ من مدينة القامشلي والعاصمة دمشق.
المشكلة الكردية في تركيا:
بين القمع والحل الديمقراطي
تقف تركيا أمام العديد من الخيارات الصعبة تجاه القضية الكردية: إما اللجوء الى الإصلاح او انتهاج سياسة قمعية ضد الأكراد في تركيا والعراق في نفس الوقت، وهو خيار قد يؤدي الى إشعال حرب إقليمية. بقلم مسعود يكن
الأقلِّيات في تركيا:
مخاوف من القرن التاسع عشر
لم تنجح تركيا حتى اليوم في حل الكثير من القضايا الثقافية المتعلقة بحقوق الأقليات، فهي لا تعترف إلا ببعض الأقليات "غير المسلمة" أما الأقليات المسلمة من غير الأتراك فتنكر عليهم معطم حقوقهم الطبيعية وتعتبرهم مجرد مواطنين أتراك. تقرير من سميران كايا.