شعبان ...رحلتان...دليلا سفر
زارت الصحفية الألمانية زيلكه تيمبل إسرائيل للمرة الأولى قبل 25 عاماً، ثم عملت من عام 1993 حتى عام 2003 مراسلة في منطقة الشرق الأوسط. وها هي تحمل حقيبة السفر على ظهرها وتتجول في ربوع البلاد لكي تقابل "الناس العاديين". أما الكاتب الفرنسي إريك هازان فيريد عبر كتابه أن يتيح الفرصة للفلسطينيين كي يعبروا عما في أنفسهم، إذ إنه يرى أن وسائل الإعلام الغربية لا تنصفهم.
برحلة إلى ما يسمى بـ"جبل التجلي" تبدأ زيلكه تيمبل كتابها. وفقاً للتوراة ظهر الرب للنبي موسى على هذا الجبل. فسيناء جزء من مصر، هذا صحيح، ولكن المؤلفة تعمدت أن تبدأ من هناك، لأنها تريد أن تضع الحياة في إسرائيل في إطار التاريخ اليهودي. غير أنها تبتعد عن الحماسيات الدينية الأصولية، كما تنأى بنفسها عن أيديولوجية المستوطنين الراديكاليين الذين تعتبرهم متطرفين دينيين محدثين لا يتورعون عن استخدام العنف.
تريد المؤلفة الكثير: إنها تريد التعريف بأناس من كافة المناطق، من الجليل والقدس وتل أبيب. أناس يمثلون بيئات مختلفة، سواء أولئك الذين يعيشون في "الكيبوتس" أو في مدينة كبيرة أو في الصحراء؛ أناس يمثلون مجموعات مختلفة من السكان، مثل العرب الذين يعيشون في إسرائيل، أو يهود من بلدان أخرى من الشرق الأوسط، أو مهاجرين روس وأثيوبيين. وختاماً، فإنها تقوم بإعادة رسم تاريخ الحركة الصهيونية.
بأي شيء نحتفل هنا؟
كانت المؤلفة موفقةً للغاية في رسم صورة للجيش الإسرائيلي، كما أنها قامت في الوقت نفسه بتصوير تاريخ حركة السلام الإسرائيلية. ورغم تعاطفها احتفظت الكاتبة بمسافة نقدية عما تصفه، مثلاً عندما تحدثت عن خوف الناس في إسرائيل بعد سلسلة العمليات الانتحارية التي وقعت في مارس/آذار عام 2002، أو خلال مقابلتها مع يورام، الجندي الإسرائيلي الذي يخدم في وحدة الصفوة.
خلال إحدى الحملات التي شنتها وحدة الصفوة على مخيم فلسطيني أطلق أحد الجنود النار على صبي فلسطيني فأرداه قتيلاً. بعد انتهاء العملية نظم رؤساء يورام حفلاً، فكاد يفقد صوابه: "كل ما فكرت فيه هو: بأي شيء نحتفل هنا؟ لقد قتلنا لتونا إنساناً."
"كسر الصمت" في مدينة الخليل
إريك هازان يرى الجيش الإسرائيلي من منظور الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية. إن هدف "الماكينة العسكرية البيروقراطية الضخمة" هو الاستيلاء على أراض واسعة من الضفة الغربية.
تحدث هازان مع سكان المدن الثلات، نابلس وقلقيلية الخليل. في الخليل يواجه السكان الفلسطينيون الصلف على يد المستطونين المتطرفين، وهو ما عايشه أيضاً نواب من البرلمان الألماني (البوندستاغ) في أبريل (نيسان) من هذا العام، وتعرضوا هم أنفسهم للمضايقات دون أن يتدخل جنود الجيش الإسرائيلي أو قوات الشرطة.
دون قصد يقدم هازان معلومات عن خلفية هذا الحادث: أحد ممثلي منظمة السلام الإسرائيلية "كسر الصمت"، إذ يقول إن الجنود كانت لديهم أوامر بحماية المستوطنين، لا الفلسطينيين. أما الشرطة فإنها تخاف من المستوطنين.
الطريق المسدود
هذا الكتيب الذي يثير شعوراً مُقبضاً لدى قارئه يتمحور حول العنف والأزمة الاقتصادية كظاهرة مصاحبة للاحتلال. نص الكتاب متخم بكافة أنواع "الحواجز و"الأسوار". خلال القراءة يحس القارئ هو أيضاً بأنه يسير في طريق مسدود، وأنه سيصطدم بجدار في نهايته لا محالة.
ومع ذلك، هناك عدد كبير من المتحدثين يؤيدون المقاومة الخالية من العنف. أحد ممثلي حماس في الخليل يقول: "نحن موافقون على دولة فلسطينية داخل حدود عام 1967، غير أننا لا نعترف بدولة إسرائيل التي استولت على نصف أراضي الضفة الغربية وكل مدينة القدس." في هذا الحديث نوع من الخروج عن الخطاب التقليدي لحماس رغم ما فيه من نبرة الفكر السياسي الكلاسيكي لهذه الحركة. ولكن رغم هذا فإن هازان يقدم في بعض الأحيان صورا إيجابية للغاية لحركة حماس.
راديو "نجاة"، حقوق المرأة ولجنة الدفاع عن الأ رض
لكن هازان يوجه النقد أيضاً، فمثلاً عندما ينكر أحد المحرقة (الهولوكوست) أو يهون من أمرها. فهذا التزييف للتاريخ يمثل عبئاً جسيماً على "مستقبل الشباب الفلسطيني" في رأي الكاتب.
وتمثل أحاديث المؤلف مع الناشطين في المشهد الإعلامي والمجتمع المدني جزءا شيقاً من الكتاب للغاية، مثلاً حديثه مع مقدم برامج شاب في راديو "نجاة" الذي يسخر من ممارسات الساسة من كافة الحركات السياسية، أو ممثلة احدى المنظمات النسائية التي تطالب برفع الحد الأدني للزواج إلى 18 عاماً، إذ يتم في كثير من الحالات تزويج البنات في سن الخامسة عشرة أو أقل من ذلك. كما يطلعنا المؤلف على أنشطة "لجنة الدفاع عن الأرض" التي تعطي مشورات للفلسطينيين الذين هدمت السلطات الإسرائيلية بيوتهم أو صادرت أراضيهم. هذا أيضاً نوع من أنواع المقاومة، يقول هازان.
مارتين فوربيرغ
ترجمة: صفية مسعود
قنطرة 2008
Sylke Tempel: Israel. Reise durch ein altes neues Land. Rowohlt Berlin 2008, 19,90 Euro
Eric Hazan: Reise nach Palästina. Notizen aus Nablus, Kalkilia, Hebron. Aus dem Französischen übersetzt von Sophia Deeg. Mit einem Vorwort von Michael Warschawski. Edition Nautilus Hamburg 2008, 10 Euro
قنطرة
حوار مع الكاتب الإسرائيلي آساف غافرون:
لعبة كمبيوتر في خدمة السلام
وضع الكاتب الإسرائيلي آساف غافرون نصوص لعبة كمبيوتر تحمل اسم "صانع السلام" في محاولة منه لتعزيز رؤية السلام في الشرق الأوسط. غافرون عرض كذلك في روايته "اغتيال جميل" وجهات نظر غير معتادة بسبره غور العالم الداخلي الخاص بشخص إسرائيلي وقع ضحية الإرهاب وبشخص انتحاري فلسطيني. أريانا ميرزا تحدَّث مع هذا الكاتب الإسرائيلي.
فلسطيني وإسرائيلي في كتاب مشترك:
التحرر من الهوية الجمعية
بغية إنقاذ الخاص من ولوج الإيديولوجية كتب كل من الإسرائيلي إدغار كيريت والفلسطيني سمير اليوسف نصوصًا تناهض تسييس مجتمعيهما. صدر مؤخرًا كتاب يجمع قصصًا قصيرة للكاتبين. تقرير من إعداد لويس غروب
السيرة الذاتية لساري نسيبة:
"كان لي موطن اسمه فلسطين"
تشكل سيرة "كان لي موطن اسمه فلسطين" لساري نسيبة تعبيرا عن فضاءات حالمة تتنقل بين الذاكرة المكانية والزمانية في فصول من الأحداث السياسية والمحطات التاريخية التي تشكل نقاطا مفصلية في تجسيد الحالة الفلسطينية بكل مدخلاتها وانعطافاتها. أندرياس بفلتش في عرض لهذه السيرة