الجماهيرية الليبية تدخل الشبكة
تدعم حكومات استبدادية مثل ليبيا توسيع انتشار الإنترنت، كرمز من رموز الحداثة. وكان زعيم الثورة الليبية معمر القذافي قد أعلن عام 2001 بأن هناك حاجة ماسة إلى "ثورة ثقافية" وأضاف " يجب أن نوجه اهتمامنا نحو خلق الإنسان الجديد وأعني بذلك إنسانا متحضرا حديثا. يجب أن يتحقق ذلك حتى قبل أن نلتزم بخلق تكنولوجيات حديثة باتت تشكل اليوم أمرا لا بد منه".
وطالب في مناسبة أخرى بتوفير "هاتف نقال وحاسوب لكل مواطن ليبي" وبتقوية قطاع تكنولوجيا المعلومات. واعتبر القذافي الإنترنت أهم أداة في هذا الصدد. وذكر بأنه لم يكتشف هذا القطاع إلا قبل ثلاثة أعوام فقط، أما اليوم فقد أصبح من المتحمسين للخوض في بحار الإنترنت.
مازال الإنترنت يمر في ليبيا في بداية مرحلة التأسيس، لكن الشباب هناك سرعان ما اكتشفوا هذا القطاع منذ أن أُسست ابتداء من عام 2000 أعداد هائلة من "مقاهي الإنترنت". ويزعم عادل شيتاو رئيس مبرمجي أكبر مؤسسة حكومية للإنترنت تمولها المنظمة العامة للصحافة بقوله مفتخرا "ليبيا هي البلد الوحيد في العالم العربي الذي له مدخل حر إلى الإنترنت".
بوجه عام تقوم البلدان العربية بدعم الإنترنت إلى حد ما حيث يوظف للتنفيس عن حالة الإحباط السياسي والاجتماعي وتخفيف درجة غليانه. من ناحية أخرى فإن الإنترنت يوفر منبرا لأفكار المعارضة الأمر الذي أدى في حالة الدولة المجاورة تونس مثلا إلى وضع رقابة صارمة على محتوى برامج الإنترنت بل واعتقال "المنشقين الإليكترونيين".
الرقابة الخفية والرقابة الذاتية
حتى في ليبيا كان من الممكن من الناحية النظرية من قبل مؤسسة الهاتف الحكومية تجميد صفحات إلكترونية معينة ذات محتوى معارض أو ممجد للعنف أو مثير للشهوة الجنسية، لكن ذلك لا يتم عمليا: وربما يعود ذلك إلى أن القذافي نفسه يريد انطلاقا من مطلبه الخاص ب "الثورة الثقافية" الجديدة تكريس مدخل حر تماما للإنترنت رغم معارضة عدد كبير من المسؤولين لهذا التوجه.
ولعل من الأسباب الأخرى أن الإنترنت ما زال في ليبيا حديث عهد للغاية وفي طور البداية مما لا يعطي مبررات للخوف من انعكاساته المحتملة. لدى مؤسسة الهاتف الحكومية حق احتكار توزيع خطوط شبكة الإنترنت وهذا يجعل وضعها اليوم مريحا وخاليا من المتاعب. لهذا فقد ازدادت الشكاوي العامة لعدم وجود برامج أل ISDN ولسوء نوعية وبطء عملية النقل الإلكتروني.
انتقدت جريدة حكومية هذه المؤسسة بقولها "هذه المؤسسة لا تملك القدرات التنافسية ولا تكسب زبائن جددا إلا لكونها تحتكر السوق". هذا وإن دخلت السوق منذ عام 1999 شركات أهلية تقدم خدمات أجهزة الهاتف النقالة وتؤجر لزبائنها خطوطا للإنترنت ذات مستوى مهني جيد.
أصحاب هذه الشركات هم إما ليبيون كانوا يعيشون سابقا في المهجر أو أشخاص يتمتعون بمعرفة تقنية جيدة بالإضافة إلى إتقانهم للغة الإنكليزية. ونظرا لأن استخدام الإنترنت في ليبيا يكاد يقتصر رغم ذلك على مقاهي الإنترنت أو أماكن العمل فإن الرقابة تتسم بطابع اخلاقي وسياسي.
ورغم عدم التأكد من وجود مراقبة من قبل الدولة على الصفحات الإلكترونية فإن هناك إحساسا دفينا من الريبة والشك لدى المستهلكين حيال السلطات الحكومية واحتمال لجوئها لأداة العقوبات. لهذا السبب فإن النقاش حول شبكة الإنترنت يجري في إطار رقابة ذاتية.
تعلّم من خلال الممارسة
يقول عادل شيتاو وهو أحد طلائع الإنترنت إن الإنترنت أصبح على الرغم من كونه في طور التأسيس "في هذه الأثناء ضروريا مثل الأوكسجين". فبناء على تقديراته يستخدم 70% من الشباب ممن ولدوا في الثمانينات الإنترنت. الأفراد الذين دخلوا هذا القطاع لتوهم يفضلون التسلية الخفيفة و"التشات" Chats أي الدردشة عبر الإنترنت.
أما من مارسوا ذلك منذ فترة طويلة فإنهم يستخدمون الإنترنت لأغراض التعليم وكمصدر للمعلومات. وهنا يستخدم شيتاو عبارة "الثقافة عبر الإنترنت" ولو بحدود ما. هذا ويتطلب استعمال الإنترنت وجود درجة عالية نسبيا من التعليم، الأمر المتوفر في ليبيا لدى فئات واسعة نظرا للسياسة التعليمية القائمة هناك.
الإنترنت والفروق بين الأجيال
وبعد أن أهمل التعامل مع الإنترنت فترة طويلة في الجامعات تم دمجه في الدراسة منذ الإعلان عن "الثورة الثقافية" الجديدة. ويشكل الإنترنت للشباب العرب في الدرجة الأولى وسيلة للتغلب على الحواجز القائمة في العلاقة بين الجنسين، وهذا يشكل طاقة كبيرة لتغيير المجتمع على أسس اجتماعية مستقبلا.
لهذا السبب على وجه خاص توجد لدى من تخطوا سن الشباب أو من كانوا كبارا في السن أحكام مسبقة حيال الإنترنت. وقد عبرت سيدة تبلغ من العمر 29 سنة في رسالة لها موجهة إلى جريدة حكومية عن استيائها بقولها "لم استعمل الإنترنت على الإطلاق ولن استعمله في المستقبل أيضا، إذ علمت من زميلاتي بأنه يصدّر أفكارا بشعة وأشياء لا أخلاقية ولا تمت لمجتمعنا بصلة".
بالنسبة لجيل الأشخاص الذين ولدوا في السبعينات هناك مشكلة أخرى كبيرة وهي أنهم لم يتعلموا الإنكليزية في المدرسة ولهذا فإنهم يواجهون إزاء دخول شبكة الإنترنت الحديثة صعوبات أكبر من الأجيال الأصغر سنا.
والكثيرون من الأشخاص العاملين في القطاع الحكومي المعني بشبكة الإنترنت الليبية والذين يعدون الصفحات الإلكترونية ينتمون إلى جيل السبعينات كما أنهم لم يتلقوا تعليما في قطاع الإنترنت.
ويوجد في طرابلس مجموعة صغيرة من المبرمجين (150 شخصا) تقوم بتدريب وتأهيل نفسها بنفسها ويساعد أفرادها بعضهم البعض. في هذه الأثناء أصبح خريجو كليات الهندسة أيضا من رواد إعداد الصفحات الإلكترونية. وأصبحوا يشكلون مع الأفراد الذين تم تدريبهم في الخارج الجزء الأكبر من أصحاب مقاهي الإنترنت وغير ذلك من قطاع الخدمات الإلكترونية.
ويتسم المبرمجون على وجه خاص بكونهم يهتمون اهتماما خاصا بالتقنية ويسعون إلى البقاء على مستوى فني متطور وتعلم أحدث المصطلحات اللغوية للبرمجة وإخراج صفحات إلكترونية ذات مستوى فني رفيع قدر الإمكان وتوظيف معرفتهم في تغطية الثغرات القائمة في الأسواق المحلية. أما محتوى صفحاتهم فإنها لا تلعب دورا يذكر حتى بالنسبة للمبرمجين العاملين في قطاع أجهزة الإعلام. الأهم من ذلك هو تبويب الصفحة الإلكترونية وتصميم شكلها التقني.
داخل شبكة الإنترنت الليبية
الصفحات الإلكترونية الليبية نادرا ما تظهر تحت الملكية الخاصة للدولة أي online.ly وكان مواطن ليبي يعيش في المهجر البريطاني قد حفظ لنفسه عام 1997حقوق ملكية هذا العنوان وبدأ في تأجير تلك الملكية. وتحاول ليبيا اليوم حيازة حق الملكية لكي تقوم بنفسها بعملية النشر والتوزيع ولكي تستخدم هذا العنوان على صفحاتها الإلكترونية الرسمية.
ولكن عادل شيتاو يقول: "ليست لدينا رغم ذلك مشاكل إزاء الحصول على "هوستس" Hosts من الولايات المتحدة أو كندا".على سبيل المثال قامت كندا بإعداد الإنترنت الخاص ب AOP كما استخدمت شركة أمريكية لتكون "هوست" Host بالنسبة لصفحات AOP. وبرر ذلك بقوله "لأنهما أسرع مقدمي العروض".
لهذا فإن معظم العروض الليبية في الحقل الإلكتروني تتبع ملكية com أو org أو net، بناء على المعلومات الليبية حملت أول صفحة إلكترونية لهذه الدولة عام 1997 عنوان libyaonline.com وبدئ في تشغيلها لليبيا من كندا "لأنتا اعتقدنا بأننا نفعل من خلال ذلك شيئا مفيدا لبلدنا".
هذه الصفحة غير الحكومية الصادرة بالإنكليزية تستخدم شهريا بناء على معلومات أصحاب إعدادها بمتوسط 11 مليون دخول. وعلى نمط هذه الصفحة الخاصة بالمعلومات والخدمات تم في هذه الأثناء إعداد معظم الصفحات الإلكترونية التابعة للدولة، وهي تتضمن مقالات ومعلومات حول البلاد والمجتمع والحالة الجوية.
يهتم معدو هذه الصفحات كذلك بإظهار بلدهم على نحو إيجابي ومتطور من الناحية التقنية. يقول المبرمج نادر السباعي: "الصفحات الأجنبية الخاصة بليبيا تهيمن عليها صور الجمال والخيم. ولقد حرصت على ألا يكون ذلك على نفس الحال في الصفحات الصادرة عنا".
الصحافة الليبية والإعلام الإلكتروني المفتوح
أول وجود إعلامي إلكتروني لليبيا تحقق في 1/7/2001 حيث نقلت صفحة AOP الإلكترونية كل الصحف الليبية المركزية المنتشرة في كل أنحاء البلاد. يذكر نادر السباعي بأن المسؤولين في المنظمات الإعلامية وداخل القيادة السياسية نفسها كانوا لسنوات طويلة يشعرون" بالخوف تجاه التطور التقني" وتجاه الأعداد التي لا حصر لها من المحتويات "غير المرغوب بها القادمة من شبكات الإنترنت".
وحتى هذا اليوم يكتب معظم محرري الصحف مقالاتهم بخط اليد وتقوم السكرتيرات بمهمة الطباعة. ومما يزيد من صعوبة الأمر منع استيراد التقنية المتطورة من الولايات المتحدة بسبب الحظر المفروض على ليبيا.وقد تطلب الأمر مرارا استخدام دول ثالثة بغرض شراء التقنيات والمبرمجات مما أدى إلى رفع الأسعار دون مبرر موضوعي.
ولكي يزيل المخاوف القائمة حيال التقنية قام عادل شيتاو الذي يعتبر التدريب التقني أمرا لا غنى عنه بالنسبة لتقدم الدولة، بإعداد حلقات دراسية مبسطة للمسؤولين في مؤسسة AOP ووضع في كل هيئة تحرير جريدة أو مجلة حاسوبين اثنين وجعل المتدربين عليهما يعلّمان زملاء آخرين لهم.
في هذه الأثناء التحق كل العاملين في المؤسسة المذكورة من أكبرهم حتى السائق بدورات دراسية حول الحاسوب. بطبيعة الحال كان مطلب القذافي الخاص بالثورة الإلكترونية عاملا مساعدا فيما يتعلق بفرض تلك الخطط، فلولا ذلك لما جلبت أية مبادرة ذاتية مهما كبر وزنها نتيجة تذكر.
في هذه الأثناء يبلغ عدد الدخول إلى الصفحة الإلكترونية شهريا مليوني زائر، منها 500000 دخول إلى أكبر جريدتين هما الجماهيرية والشمس حيث ينقل 70% من محتواهما عبر الإنترنت. هذا العرض الحافل بالافتخار والتمجيد حول العدد الذي يزعم بأنه مرتفع والمقدم من مؤسسة AOP تجاه المسؤولين في القطاع الإعلامي يخدم غرض الإفراط في المديح الذاتي.
كما أنه يحاول إعطاء دور النشر التقليدية الانطباع غير الواقعي بأن محتوياتها تقرأ عبر الإنترنت أكثر من مجال الصحافة المطبوعة بالشكل التقليدي. ولو راعى المرء بأن لكل زائر 30 أو 40 مدخلا لبلغ مجموع الرقم 50 إلى 70 ألف شهريا أي معدل 2000 يوميا وهو رقم أدنى من الأرقام المعطاة من تلك المؤسسة (30000).
يقول عادل شيتاو إن هذه الأرقام المنمقة جاءت مع ذلك بنتيجة وهي جعل رؤساء التحرير "يعيدون النظر بمحتويات جرائدهم. فعبر الإنترنت يمكن للعالم كله أن يرانا، لهذا بدأ رؤساء التحرير يفكرون في مقاييس الإنترنت أكثر من المقاييس التقليدية للطباعة". المقصود من ذلك الانتقال من الأفق المحلي إلى الأفق العالمي.
مواقع إلكترونية عن ليبيي المهجر: شرائح متعددة
تتألف المعارضة الليبية من شرائح متعددة من حيث الخلفية السياسية، وهي ناشطة على نحو خاص في الخارج، حيث يقمع النظام في الداخل المحاولات الرامية إلى إنشاء الأحزاب السياسية والتوجهات البرلمانية والإسلامية. بناء على المجلة السنوية لشمال أفريقيا توجد 27 منظمة معارضة ليبية تعمل من خارج البلاد وتملك 12 منظمة منها أجهزة معلوماتية.
أهم مراكز هذه المنظمات هي الولايات المتحدة وبريطانيا. أصدرت أكبر هذه المنظمات أي "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" المحافظة ومعها "الإنقاذ" و"الاتحاد الليبي" (وهي الفرع الليبي لحركة الإخوان المسلمين) في التسعينات مجلات مطبوعة تحت عنوان "المسلم" كما قدمت أنماطا متعددة من المعلومات حول ليبيا وتاريخها ومشاكلها السياسية الراهنة وما يجري فيها من المساس بحقوق الإنسان.
وقد تركت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بصماتها على هذه المجموعات المعارضة أيضا وذلك على نحو درامي، حيث أدت إلى إنهاء التحالف الذي كان قائما بين المنظمات المحافظة والإسلامية من جهة وبين الولايات المتحدة من جهة أخرى. بعد ذلك اتضحت ضرورة إعادة تنظيم هذه المجموعات والبحث عن مصادر جديدة لتمويل نشاطاتها بعد انقطاع المصدر السابق.
وهنا اكتشفت هذه المجموعات شبكات الإنترنت كجهاز إعلامي قليل التكلفة وله توزيع في كل أنحاء العالم. يقول قطب المعارضة في المهجر، إبراهيم القراضة، إن الإنترنت "قام بتسهيل رسالتنا على نحو كبير للغاية". في هذه الأثناء تحولت كافة صحف المعارضة الصادرة تقليديا إلى صفحات إلكترونية.
معظم هذه الجرائد الإلكترونية المعارضة تكرس جل اهتمامها لانتقاد النظام السياسي القائم في البلاد. تتألف صفحات جرائد المعارضة من مواقع تتضمن أخبارا وبيانات سياسية ومعلومات إضافية حول ليبيا بالإضافة إلى التعقيبات والتحليلات المتعلقة بالتطورات الراهنة في ليبيا.
إذن فإن هذه الصفحات الإلكترونية هي مزيج من المعلومات الدقيقة حول ليبيا والهادفة في المقام الأول إلى إعطاء صورة سلبية عن النظام السائد في ليبيا. ولا تتوفر في أي من تلك الصفحات منابر حقيقية للحوار بين المجتمع الليبي وبين ليبيي الشتات. وتزعم الفئات الليبية المعارضة دوما بأن السلطات الليبية تمنع وصول صفحاتها إلى البلاد، لكن هذا المزعم ليس صحيحا.
ولعلها تريد أن تبرر أسباب ضآلة الصدى الذي تتركه تلك الصفحات في داخل البلاد. أسباب الضآلة هي الرقابة "الذاتية" من قبل المستخدمين بسبب خشيتهم من الدخول علنا في قنوات المعارضة، كما أن المعارضة لا تهدف إلى الوصول إلى السكان الليبيين عبر منابرها، بل تريد بناء على مقولاتها تقوية شبكاتها الإلكترونية مما يؤدي إلى الضغط على ليبيا من الخارج.
لكن هذا النمط من الضغط الهادف إلى استعجال إسقاط النظام لا يتفق إلا بمقدار ضئيل مع تصورات وتطلعات الليبيين في الداخل. بين الحين والآخر توجد على صفحات المعارضة مقالات أو بيانات قصيرة صادرة عن ليبيي الداخل ممن يجدون في هذه القنوات مجالا للتنفيس عن إحباطهم وسخطهم على النظام.
وفي الواقع فإن المعارضة تدرك وضعها الراهن هذا. يقول الصحفي المعارض مصطفى اسكندر المقيم في المهجر، ثم يضيف بأن الحالة تتطلب من المعارضة في الداخل خطا تكتيكيا يتعرج بين طرح المطالب السياسية وتقديم التنازلات للثورة والنظام، أما من الخارج فعلى المعارضة أن تتبنى خطا صارما تجاه القيادة الليبية لكي يتسنى لها تحقيق أهداف ما.
إضافة إلى المنابر السياسية هناك عدد من الصفحات الإلكترونية المتضمنة معلومات حول ليبيا لا سيما حول تاريخها الطويل وحضارتها العريقة. وهنا يتم استخدام الكليشهات المعهودة كصور الجمال والصحراء، أما عرض تاريخ ليبيا فإنه ينتهي غالبا في الستينات فيما ينصب الاهتمام على المواضيع الاجتماعية.
هذه الصفحات بالإنكليزية أي على عكس صفحات المنابر السياسية. يشارك في المناقشات الواردة على الصفحات الاجتماعية خاصة مهاجرون ليبيون حيث يسردون تجاربهم بشأن زيارات قاموا بها لبلدهم أو يعبرون عن حنينهم لوطنهم. مما لا شك فيه أنه من الأسهل سيكولوجيا على ليبيي الداخل أن يشاركوا في الصفحات غير السياسية، بمعنى أنها تتضمن مقالات صادرة عن أفراد ليبيين.
يبقى الحماس قائما
يمكن الإجمال بأن الدخول إلى شبكة الإنترنت في ليبيا يشكل أمرا إيجابيا بالنسبة لعمليات التحول الاجتماعية. ومع أن العاملين في شبكات الإنترنت الحكومية لا يملكون بأنفسهم إمكانية للتأثير المباشر على محتويات الأجهزة الإعلامية التي ينتجونها، إلا أن تفانيهم في عرض أشكال ونماذج جديدة وفي تحصيل المعرفة في حقل التكنولوجيا البحت يؤدي بصورة خفية غير مباشرة إلى تغيير أشكال المحتويات المعروضة وبالتالي إلى تغير المحتويات نفسها.
لا شك أن نجاح المبادرات الذاتية أيضا فيما يتعلق بتقوية شبكة الإنترنت في ليبيا يظل في نهاية المطاف معتمدا دائما على آلية التعليمات والدعم من قبل قيادة الدولة السياسية. من ناحية أخرى فقد بلغ في هذه الأثناء حجم استخدام الإنترنت درجة عالية مما يزيد معدلات التجاوب مع الإنترنت رغم الرقابة الذاتية التي يضعها كل من الصانعين والمستعملين على أنفسهم.
فليس من الممكن بعد حتى في حالة احتمال تشديد القواعد المفروضة أو في حالات تفاقم الأزمات لدى النظام إعادة مجرى استعمال الإنترنت إلى الوراء وتصعيد حدة فلترة المعلومات إلى حد كبير. في هذا الإطار تساهم كذلك الصفحات الإلكترونية للمعارضة في الخارج مساهمة كبيرة كمؤشر للتحولات التي تطرأ على الأوضاع السياسية في البلاد.
فهذه الصفحات السياسية تشكل جهازا إعلاميا مضادا لأجهزة الإعلام الرسمية الليبية المتسمة بالتحيز. وحتى لو لم يطلع المواطنون الليبيون كثيرا على صفحات المعارضة، فلا شك أن السلطات الرسمية المسؤولة توليها اهتماما قويا.
بقلم كارولا ريشت، صدر المقال في مجلة إنامو
ترجمة عارف حجاج
كارولا ريشت متخصصة في الدراسات العربية وتعمل باحثة في قسم علوم الإعلام المقارنة لدى جامعة إرفورت.