عمل دؤوب من أجل السلام
" لسنا ضد الإسرائيليين مبدئياً، لسنا ضد اليهود مبدئياً، بل نحن ضد الإحتلال"، انسجاماً مع هذا الموقف، يعمل نوح سلامة منذ التأسيس عام 1999 كمدير لمركز وئام لحل النزاعات في بيت لحم. سلامة، البالغ من العمر 52 عاماً، عمِل قبل ذلك كناطق رسمي في وزارة شؤون العمل الفلسطينية.
"يجب أن يقابل الإسرائيليين والفلسطينيين بعضهم كمدنيين"، هذا ما يتمناه نوح سلامة. فأغلب الفلسطينيين لا يعرفون الإسرائيليين إلا كجنود. ومنذ فشل اتفاق اوسلو للسلام واندلاع الانتفاضة الثانية قبل حوالي أربعة أعوام و الحوار يكاد يكون معدوماً بين الشعبين.
يريد نوح سلامة أن يساهم في إعادة فتح هذا الحوار، ويتعاون في سبيل تحقيق ذلك مع مجموعات مبادرات السلام الإسرائيلية المختلفة. كما ويعمل مركز وئام لحل النزاعات الذي يترأسه نوح سلامة في مجال التثقيف السلمي في المدارس الفلسطينية.
"نحاول زرع قيم السلام و اللاعنف في صدور الناس. نحن نعمل داخل المجتمع الفلسطيني من خلال توجُهنا للمدارس، حيث نقدم دروساً في السلام وتدريبات في اللاعنف. نعمل هذا العام مع 15 مدرسة فلسطينية حكومية وخاصة. ويشترك في هذه التدريبات أكثر من 600 مُدرس وبضع الآلاف من التلاميذ."
من ضمن نشاطات المركز، تنظيمه لاستشارات نفسية للفلسطينيين حديثي السن، المصابين بصدمة نفسية من جراء العنف الذي يمارس على أقرب المقربين إليهم على سبيل المثال:
" ندعو هؤلاء الفتية والفتيات للتحدث عن معايشاتهم وعن أفكارهم ومشاعرهم، ليتفاعلوا مع الوضع بطريقة أخرى، وبالتالي يتفادوا طريق العنف."
تكاد لا توجد عائلة فلسطينية واحدة، لم تطالها ممارسات العنف اليومية للاحتلال، كما يقول نوح سلامة. لذلك لا غرابة في أن يتغلب شعور الانتقام على العديد من الشبان الفلسطينيين ويدفعهم -كمنفذي عمليات انتحارية- لاستخدام العنف.
" العنف يولد عنفاً آخراً. وعنف الحكومة الإسرائيلية –من تدمير للمساكن، وإستمرار للاحتلال – يولد عنفاً آخر. لذا نبذل جهدنا في العمل بالطرق الخالية من العنف. وأحيانا ننجح في ذلك."
نوح سلامة وجد في أموس غفِرتس – كما يقال على الطرف الآخر للمتراس – حليفاً له. أموس غفِرتس، العامل البالغ من العمر 58 عاماً، ناشط منذ عدة سنوات في حركة السلام الإسرائيلية. ويعمل منذ عام 1997 في "اللجنة الإسرائيلية ضد تدمير المنازل" – أي ضد الإستراتيجية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي باستمرار، وفي الأيام الأخيرة في إجتياحاته لجنوب قطاع غزة.
ينتمي غفِرتس إلى أقلية ضئيلة جداً في إسرائيل. ولكن حسب قوله فإن حركة السلام قد تصاعدت في الفترة الأخيرة داخل إسرائيل: ما يعرف بمبادرة جينيف التي أطلقها بعض السياسيون الإسرائيليون اليساريون الرفيعي المستوى وممثلون عن السلطة الفلسطينية قد أظهرت للرأي العام الإسرائيلي أنه يوجد شركاء للتفاوض على الطرف الآخر. ويعتبِر غفِرتس الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي يعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون "غير مقبول" منذ زمن طويل، من جملة هؤلاء الشركاء.
"بالإمكان إبرام إتفاقية سلام. يتوقف هذا فقط على إرادة كلا الطرفين. بالنسبة لنا يُعتبر عرفات القائد السياسي الفلسطيني، الذي دفع بالحركة الوطنية الفلسطينية، للتخلي عن رفضها التام لإسرائيل ولعقد تسويات تاريخية معها."
لا يرى غفِرتس جدوى من إنسحاب الجيش والمستوطنين الإسرائيليين الأحادي الجانب من غزة كما يخطط شارون: "عندما ينسحب الجيش ستعم الفوضى، ولأن المنطقة لن تُسلم لأحد، سيعود ثانية." " إسرائيل الكبرى هو مُخطط شارون. و هو مسؤول عن بناء معظم المستوطنات. هذا إنجاز عُمرِه وأنا متأكد من أنه لن يغيره." كما يقول غفِرتس.
لنوح سلامة تخوفاته أيضاً. إذ أن ركود المفاوضات في الشرق الأوسط لا يمكن إنهائه إلا بإدخال طرف ثالث محايد: "أتمنى أن تقوم الأمم المتحدة بهذه المهمة – وكذلك الأوربيون."
فلادمير موللر، دويتشه فيلله 2004
ترجمة يوسف حجازي
صفحة المركز الفلسطيني لحل النزاعات - وئام هنا