فتاوى «صادمة» في السعودية أشهرها «الرجل كله عورة ما عدا وجهه وكفيه»
تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة «الفتاوى» المثيرة للجدل، وخاصة وسط انتشار القنوات الفضائية والمواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، وعلى رغم السعي الرسمي إلى قطع الطريق على «فوضى الإفتاء» و«أخذ الفتوى من أهلها»، لا تزال تلك الظاهرة مستمرة.
شهد العام 2015 فتاوى عدة «صادمة» ومثيرة للجدل في السعودية، منها فتوى الشيخ عبد الله السويلم بأن «جميع أعضاء الرجل عورة ما عدا الوجه والكفين، وأن صدر الرجل وبطنه وفخذه عورة، مثله مثل عورة المرأة بين النساء»، بالإضافة إلى فتوى أخرى بأن «عمل المرأة إلى جانب الرجل يُعتبر خلوة، ويجب أن تعيش في كنف الزوج وأن تكون رهينة له».
ومن فتاواه المثيرة للجدل، «تحريم السفر إلى بلاد الكفار نهائياً»، محذراً المسافرين من أنه «يخشى على من مات في بلاد الكفار أن يدخل النار».
واعتبرت الإعلامية بدر البشر في برنامج يحمل اسمها على قناة «إم بي سي»، ان كلام السويلم «عجيب وغريب» وأثار استغراب الكثيرين في المجتمع السعودي ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفةً: «ترقبوا حملة لحجاب الرجل».
وعلّقت على موقع «تويتر»: «كأن انتقاده عمل المرأة المختلط من العصور الجاهلية المظلمة». فيما علّق آخر على «فايسبوك»: «أساءني جداً ما سمعته من هذا الداعية الذي طلب أن تُدرس المرأة لتقرأ فقط، وطالب المرأة بأن تمكث في بيتها لخدمة زوجها وأولادها، على أن يقدم لها زوجها 400 ريال، ولم يتطرق لمن لا معيل لها»، مضيفاً: «لست عالم دين ولا فقيه كي أرد على الشيخ، ما قاله يتنافى تماماً مع شرعنا وديننا الحنيف».
فوضى الفتاوي
وتابع: «إذا فرضنا أن المرأة لا تتعلم، فمن سيعالج النساء في أمراضهن النسائية، أم أنهن خُلقن بلا أمراض ولا حاجات»، مردفاً: «لا تنسى يا شيخ أن المرأة هي أمك وابنتك واختك وزوجتك وجدتك وعمتك وخالتك، فاتق الله في النساء».
وأصدر الداعية محمد صالح المنجد فتوى بـ«تحريم» العمل في التحليل الرياضي أو الفني، لأنه «مضيعة للعمر في أمور دنيوية لا تنفع في الدين»، بعكس العمل محللاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً. وأحدثت الفتوى انقساماً في صفوف السعوديين، بين مؤيد ومعارض.
وعلق البعض: «الشيخ لم يقل إنها حرام، وإنما قال لا يجب ذلك وهو مجرد رأي»، فيما اعتبر آخرون مثل هذه الفتاوى «تشويه للدين الإسلامي»، بالإضافة إلى فتواه السابقة التي أجاز فيها قتل «ميكي ماوس»، باعتباره فأر الفئران «جنود الشيطان».
وقوبلت الفتاوى «الشاذة» بانتقادات رسمية، فأبدى وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ، عدم رضاه عن «عدم اتزان» الفتوى، خصوصاً عند التطرق إلى أمور «نادرة الوقوع أو لا تقع إلاّ مرة في العمر».
وطالب آل الشيخ بأن «يتريث أي شيخ قبل شروعه في إعلان فتواه، وعرضها أولاً على الجهة المختصة بالإفتاء، لعرضها تالياً على المتخصصين قبل أن يُصرح بها لوسائل الإعلام، فخلاف ذلك يؤدي إلى ريبة العامة تجاه تلك الفتاوى».
وقال الوزير أن صدور هذه الفتاوى «يجعل العالم الغربي ينظر إلينا باستغراب، كون بعض تلك الأمور ليست في صميم همومنا وتطلعاتنا الأساسية»، مؤكداً حرص المفتي العام للمملكة على «ضبط الفتوى».
ضبط الفتوى
وأكد أمير منطقة القصيم فيصل بن مشعل قبل أيام، أهمية أخذ الفتوى من أهلها، من «العلماء المشهود لهم بالعلم الشرعي والعقل والحكمة، وفي مقدمتهم أعضاء هيئة كبار العلماء»، منوهاً بدور التقنية في تسهيل الوصول إلى الفتوى من العلماء المعتمدين.
وحذّر عضو اللجنة الدائمة للإفتاء عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح الفوزان خلال لقاء مع أمير القصيم، من «الإصغاء إلى الفتوى التي لا تقوم على أساس شرعي واضح، أو تلك التي لا يُعرف مصدرها»، مستشهداً بما يُنشر في المواقع الإلكترونية، «والاستناد عليها من غير تمحيص أو ردها إلى العلماء وأهل الدراية»، ومؤكداً ان أمر الفتوى «عظيم، خصوصاً وأنها من القول على الله، والقول على الله بغير علم من أشد المحرمات».
ورأى المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في القصيم عضو الافتاء الشيخ الدكتور خالد المصلح ان من يفتي بغير علم «من المفسدين»، مؤكداً أهمية توعية الناس إلى ممن يأخذون الفتوى، ومحذراً من خطورة التهاون في الاستفتاء.
وصدرت توجيهات عليا أخيراً بتعديل نظام هيئة كبار العلماء، وذلك بمنحها إصدار الفتاوى في الشؤون الخاصة للجهات الحكومية والشؤون الخاصة للأفراد من خلال «اللجنة الدائمة للفتوى».
وشمل التعديل المسمى، وذلك بتغييرها من «اللجنة الدائمة للبحوث والفتوى» إلى «اللجنة الدائمة للفتوى»، على أن تتبع إلى هيئة كبار العلماء المكونة من 20 عضواً، وأن تكون الهيئة متفرغة في أداء عملها، ويتم اختيار أعضائها من بين أعضاء الهيئة، وذلك بموافقة الملك.
يذكر أن أمراً ملكياً صدر في العام 2010، بقصر الفتوى على أعضاء الهيئة، واستثنى البيان الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة بشرط أن تكون «بين السائل والمسؤول». وأكد البيان الملكي آنذاك على ضرورة الالتزام بذلك، موضحاً أن مخالف الأمر سيُعرّض نفسه إلى «المحاسبة والجزاء الشرعي الرادع كائناً من كان، فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار».
وشدد الأمر الملكي على أن «يُمنع منعاً باتاً التطرق إلى أي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء، ومفردات أهل العلم المرجوحة، وأقوالهم المهجورة». (المصدر: الحياة اللندنية)