ليس فقط الكنيسة بل حتى ديكارت رأى ضرورة شجب ابن رشد
كان للعالم الإسلامي دور في تاريخ الفكر العالمي. فهل يعيد الغرب تدريس تاريخه بشكل موضوعي يعطي التأثير الإسلامي العميق في الفكر الأوروبي حقه؟ مثلاً: كان ابن رشد من أهم الفلاسفة المسلمين وأكثرهم شهرة، وأثار عقله النقدي نوعا من الزلزال الفكري في أوروبا.
أحدث ابن رشد ما يمكن وصفه بالزلزال الفكري في أوروبا، وكانت أطروحته أن هناك حقيقة واحدة فقط يمكن الوصول إليها عن طريقين مختلفين: عن طريق الإيمان، وعن طريق الفلسفة. وعندما يتعارض الطريقان فهذا يعني أن علينا قراءة النص المقدس بطريقة تأويلية، وبكلمات أخرى، البحث عن فلسفة الحقيقة (أو العلم) أكثر أهمية من الإيمان. وبصرف النظر عن ذلك، فإنه ضد القول بخلود الروح، وضد القول بحدوث العالم.
دُرِّست الأطروحات التي قدمها ابن رشد، وتم تبنيها في الجامعات الأوروبية الأولى: في باريس، وبولونيا، وبادوا، وأكسفورد، وهذا ما تسبب بإثارة ذعر في الكنيسة، فقد كانت قوة حججه وفهمه لفلسفة أرسطو قويتين للغاية. في عام 1277، أدان أسقف باريس، وحظر أفكار ابن رشد، وإن لم يكن بكلماته الخاصة، فقد كان عليه أن ينسخ حجج خصم الفلسفة الغزالي. ومع ذلك، كان توما الإكويني هو من انتقد أطروحات ابن رشد في كتابه "ضد ابن رشد"، و"الخلاصة اللاهوتية" الذي وضع اللاهوت مرة أخرى أعلى من الفلسفة.
كورت ديبوف يسلط الضوء على فيلسوف مسلم مِقْدام طرح تحديات في القرن الثالث عشر أمام الفلاسفة واللاهوتيين الأوروبيين والكنيسة. استقى منه آباء التنوير، وهكذا حمل ما يسمى بالتقليد اليهودي المسيحي عناصر إسلامية.