لا وجود لصوت إسلامي موحد!

"اذهبوا إلى صناديق الإقتراع" - بهذا النداء توجه ممثلو المنظمات الإسلامية إلى المواطنين المسلمين في فرنسا. على الرغم من ذلك لم يستطع أحد المرشحين الإثنى عشر كسب ودّ المنظمات الإسلامية الكبيرة. مقال بقلم غوتس نوردبروخ

المرشحان لرئاسة الجمهورية الفرنسية ساركوزي ورويال، الصورة: دويتشه فيلله
المرشحان لرئاسة الجمهورية الفرنسية ساركوزي ورويال

​​"اذهبوا إلى صناديق الإقتراع" - بهذا النداء توجه ممثلو المنظمات الإسلامية في الأيام الأخيرة قبل الجولة الأولى من إنتخابات الرئاسة إلى المواطنين المسلمين في فرنسا. على الرغم من ذلك لم يستطع أحد المرشحين الإثنى عشر كسب ودّ المنظمات الإسلامية الكبيرة. مقال بقلم غوتس نوردبروخ

في الجولة الانتخابية الثانية – التي سيخوضها مرشح الحزب الحاكم (الإتحاد من أجل حركة شعبية) نيكولا ساركوزي وسيغولين روايال من الحزب الاشتراكي المعارض - في السادس من مايو/أيار المقبل لن يستطيع أحد المرشحين أن يضمن لنفسه أصوات الناخبين المسلمين.

كان اهتمام المسلمين في فرنسا البالغ عددهم حوالي أربعة ملايين نسمة بالجولة الأولى من الإنتخابات التي ارتُقبت بتوتر كبير اهتماما ملحوظا. كما أن المناقشات الكثيرة التي سبقت الإنتخابات أثّرت على الناخبين المسلمين الذين يقدر عددهم بين المليون والمليون ونصف ناخب.

وقد أوضح المعهد الفرنسي لاستطلاع الرأي العام في استطلاع أجراه في ديسمبر/كانون الأول 2006 حول أولوية أحد الأحزاب عند المسلمين الفرنسيين كيف وأن توجهات الناخب المسلم السياسية تتأثر إلى حد كبير بالأحداث الحالية.

هكذا زادت شعبية الحزب الإشتراكي بين المسلمين بعد انتفاضة ضواحي باريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2005 من 44,8 % إلى 53,8 % أي بنسبة 9 %. وأكثر من ذلك أن 55,2 % منهم أعلنوا في نوفمبر / تشرين الثاني 2006 أنهم يفضلون الحزب الإشتراكي. أما شريحة الأحزاب اليمينية فلم تحصل مجتمعة على ما يزيد على 10 %.

الوضع في ضواحي المدن الكبيرة

على ما يبدو أن هذه الأرقام من الصحة بمكان، وعلى الرغم من ذلك لم يكن من السهل التكهن بقرار الناخب المسلم في انتخابات الرئاسة الفرنسية. فقد كان من بين موضوعات الحملة الإنتخابية بعضها يَتعلق في الغالب بالمسلمين الفرنسيين بصورة مباشرة، وكان من أهمها نسبة البطالة العالية وظروف السكن المتدهورة. ويهم الناخبون المسلمون أيضا في المقام الأول تلك المسائل التي تتعلق بالوضع السيء الذي لم يتغير بعد في كثير من الضواحي.

كانت انتفاضة الضواحي الفرنسية بالنسبة لمرشحي شريحة الأحزاب اليمينية بمثابة فرصة سانحة لادخال مواضيع الهجرة والهوية الفرنسية في صميم الدعاية الإنتخابية. وكان من بين هذه الموضوعات أيضا وضع الإسلام في الجمهورية الفرنسية. من أجل ذلك اختار اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا شعار المؤتمر السنوي لهذا العام – الذي عقد في الأسبوع الذي سبق الجولة الأولى من الإنتخابات في لو بورجه بالقرب من باريس - عن وعي تام، وكان: "الفخر، الذاكرة، الهوية، الخوف من الإسلام، التمييز العنصري والتطرف".

وفي حديث صحفي مع جريدة "سفير نيوز" أوضح رئيس الإتحاد الحاج تهامي بريز أن شعار الملتقى - الذي استمر ثلاثة أيام وكان من المنتظر أن يشارك فيه مائة وخمسون ألف شخص، بحسب القائمين عليه، – "يتعلق بالجو العام السائد في فرنسا". وقال أيضا:

"هناك حملة افتراء على ديانتنا ونريد أن نذكر المجتمع بتاريخه المشترك مع المسلمين. إن الهوية الفرنسية تعود إلى أصول مختلطة ونحن جزء من القومية الفرنسية. والمسلمون اليوم هم أحفاد الذين خدموا فرنسا (في الحروب العالمية) ولقوا حتفهم من أجل الوطن".

ومما زاد خيبة آمال القائمن على المؤتمر أن ساركوزي ورويال ومرشح الحزب الإشتراكي المسيحي فرانسوا بايرو لم يلبّوا الدعوة لحضور هذا اللقاء السنوي، في حين أن ساركوزي ورويال كان ينبغي عليهم توضيح بعض الأمور في هذا اللقاء.

غياب الثقة تجاه ساركوزي

على غرار رويال - التي تكافح ضد التهمة التي تقول بأن حزبها الإشتراكي موالي لإسرائيل في سياسته الخارجية – خسر ساركوزي تعاطفا كبيرا بمساندته إسرائيل أثناء الحرب اللبنانية في صيف 2006.

انتفاضة الضواحي الفرنسية، الصورة: أ ب
اتنفاضة الضواحي الفرنسية

​​ولم تكن مواقف السياسة الداخلية التي عالجها كلا المرشحين أثناء الحملة الإنتخابية أقل خلافا. فعلى الرغم من الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها الحزب الإشتراكي بين المسلمين إلا أن المنظمات الإسلامية رأت أن الموقف الذي انتقد فيه الحزب أعمال المجلس الفرنسي للدين الإسلامي – الذي يمثل جميع المنظمات الإسلامية أمام الدولة – يعد هجوما على الإسلام.

كما أن النقد المتكرر الذي توجهه رويال مدعية أن التمييز ضد المرأة تبرره التقاليد الإسلامية ساهم أيضا في فقدان ثقة المنظمات الإسلامية الكبيرة.

كان انعدام الثقة أكبر من ذلك تجاه ساركوزي الذي اشتهر كوزير للداخلية بالسياسة الصارمة بخصوص الأمن وشؤون الهجرة. فعلى الرغم من تعاونه مع المجلس الفرنسي للدين الإسلامي، الشيء الذي جعله يحظى باحترام كبير لدى المنظمات الإسلامية، لم يعد هناك بعد تعاطفا ملموسا معه.

وأخيرا كان دفاعه المستميت عن حرية الصحافة في قضية الرسوم الكاريكاتورية ضد المجلة الساخرة "شارلي ايبدو" سببا في توجيه نقد كثير إليه. هكذا انتشرت بسرعة كلمة "التصويت المفيد" بين الحضور في لو بورجيه، بمعنى أن التصويت الصحيح لا ينبغي أن يكون للأفضل ولكن لـ"الأقل ضررا".

بمثل ذلك صرح أيضا أونيس قرقاح مدير قسم الفتوى باتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، في حوار مع إسلام أون لاين عبر الإنترنت وقال بأن أفضل المرشحين "هو الذي لا يتهم المسلمين بالتطرف أو الرجعية، ولا يحمّل الجاليات الإسلامية مسئولية المشاكل العديدة في البلاد".

لهذا لا يمكن الكلام عن صوت "إسلامي موحد"، بل على العكس لقد أحدث هذا المصطلح انزعاجا لدى الكثير من الناخبين المسلمين. وعلى شاكلة الناخبين غير المسلمين يختلف الناخبون المسلمون حول المرشح الأقل ضررا.

بقلم غوتس نوردبروخ
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2007

قنطرة

السياسة الفرنسية تجاه الشرق الأوسط
يدور حاليا صراع بين المرشحة الأشتراكية سيغولين رويال ومنافسها ساركوزي من الحزب الحاكم حول السياسة الفرنسية تجاه الشرق الأوسط، بهدف الحصول على الأصوات العربية واليهودية. تقرير كتبه غوتس نوردبروخ

الحق في السخرية بدون إساءة متعمدة
أعربت معظم الصحف الفرنسية عن ارتياحها للحكم ببراءة مدير إدارة تحرير المجلة الأسبوعية الساخرة (شارلي ايبدو)، فيليب فال في القضية المرفوعة ضده بسبب إعادة نشر الصور الكاريكاتورية التي اعتبرت مسيئة للنبي محمد. تقرير من باريس كتبه برنارد شميد

الرؤية الفرنسية الألمانية
تركز الباحثة الإجتماعية نيكولا تيتسه في بحثها الأكاديمي على أشكال هوية المسلمين في ألمانيا وفرنسا. سوزان جواد أجرت حوارا معها حول أوجه التعامل المختلفة مع الإسلام في البلدين