المتحف اليهودي في برلين نموذجا
يعد المتحف اليهودي في برلين من أكثر المتاحف زيارة في ألمانيا، إذ يزوره نحو 700.000 شخص في العام. هذا العدد الضخم من الزائرين يوازيه أيضا عدد كبير من المرشدين السياحيين الذين لا يتنوعون في العروض اللغوية وحسب، بل في الموضوعات أيضا. أحد المرشدين السياحيين يقدم تجربة فريدة من نوعها، تجربة تصب في صالح التسامح والتصالح، وتتمثل في تبيان مواطن التشابه والالتقاء بين الإسلام واليهودية. ولعل الأجمل في ذلك أن من يقوم بهذا الأمر مرشد سياحي مسلم وفي متحف يهودي.
أوفوك توبكارا، ألماني مسلم من أصول تركية، تخرج في جامعة هامبولت في برلين، حيث درس التاريخ والفلسفة ويعمل مرشدا سياحيا في المتحف اليهودي في برلين منذ ثلاثة أعوام ومعه ثلاثة أتراك آخرون.
وتنبع أهمية عمل توبكارا من خلال اللقاءات التي يعقدها مع أفواج طلبة المدارس الذين يأتون لزيارة المتحف وخاصة من الطلبة المسلمين، حيث يتحدث إليهم بطريقة مبسطة وسلسة عن معاداة السامية وأشكالها وكيفية إحلال التعايش بين الثقافات والأديان.
الأحكام المسبقة بين طلبة المدارس
وقد واجه توبكارا أثناء عمله الكثير من القضايا التي تعبر عن جهل بالآخر ورفض للتعايش معه. وفي هذا السياق يقول المرشد توبكارا إنه كثيرا ما روى له المعلمون أن بعض الطلبة المسلمين يرفضون زيارة المتحف بدعوى أنه لا علاقة لهم بالمحرقة النازية والتاريخ النازي الإجرامي. في حين يعتقد طلبة آخرون أن إسرائيل هي "عدوهم الأول" على وجه الأرض، مسقطين بذلك الصراع الشرق الأوسطي على مواقفهم وأفكارهم. ويضيف توبكارا أن أكثر ما أدهشه ما سمعه من أحد الطلبة بأن "رسوم دخول المتحف يعود ريعها لدولة إسرائيل".
ويتابع هذا المرشد السياحي التركي المسلم سرده لبعض الحوادث والشواهد على معاداة السامية بين طلبة المدارس، إذ أشار إلى أن ثلاثة طلاب من احدى المدارس من ولاية بافاريا قد طلبوا من معلمهم أن يمكثوا في فندقهم في برلين بدعوى أنهم لا يرغبون دخول متحف يهودي يقدم كذلك شروحات عن الإسلام والمسلمين.
ويرى توبكارا أن مثل هذه المواقف تتعارض مع المبدأ الذي قامت عليه رسالته التصالحية، حيث يتم هنا عرض للتقاليد المشتركة بين المسلمين واليهود وكيفية تأثير الديانة على النهج اليومي للمسلمين واليهود على حد سواء.
في مواجهة الأحكام المسبقة
وعلى الرغم من حقيقة عدم وجود قطع ولوحات فنية تعبر عن حياة المسلمين في هذا المتحف، إلا أن كانان ريجير، احدى المرشدات المسلمات في المتحف، على سبيل المثال عندما تصل إلى لوحة تعبر عن التوراة، تخرج من جيبها نسخة من القرآن وتبدأ بالحديث عن بعض الأمور الدينية عند المسلمين مثل الوضوء وأركانه وكيفيته. ثم تقوم بتوضيح ذلك عند اليهود الذين لديهم ما يشبه "الوضوء" عند المسلمين.
ثم تقارن مثلا أنواع اللحوم التي تؤكل عند المسلمين واليهود وكيفية تحضيرها والمناسبات التي تؤكل فيها. كما تتحدث عن غطاء الرأس من وجهة نظر الإسلام واليهودية وكذلك ختان الذكور عند أبناء الديانتين وطبيعة الاحتفاليات التي ترافق ذلك.
"تشاؤل"
ولعل ما يبعث على الأمل في هذه اللحظات أن الطلبة بعد عرض هذه التشابهات بين الديانتين، وإن اختلفت في درجة التطبيق، يخرجون بتصورات أخرى غير التي تناهت إلى مسامعهم أو تربوا عليها في بيوتهم. وفي هذا السياق تقول ثريا، طالبة لوالدين أفغانيين: "كم أنا مندهشة... لأول مرة أعرف عن طبيعة هذا التشابه بين الإسلام واليهودية وأن الديانتين ليستا بهذا البعد عن بعضهما بعضا كما كنا نعتقد". ولعل جمال هذا الأمر يتجلى في أن هؤلاء الطالبات قد تعلمن هذا التشابه والتلاقي في متحف يهودي وهو أمر لم يكن ممكن تصوره.
ولكن وعلى الرغم من مظاهر هذا "التململ" في الأفكار والقناعات يبقى السؤال: هل مثل هذه الإرهاصات تبعث على الأمل بالتغيير عند النشء الجديد؟ يجيب توبكارا عن هذا التساؤل بالقول: "للأسف ينتابني التشاؤم إزاء تغيير جوهري...فعندما يعود هؤلاء الطلبة إلى منازلهم وإلى التجمعات التي وفدوا منها فسرعان ما تتغير الصورة، إذ يعودوا سجناء لأفكار ذويهم وتوجهاتهم".
كوبارانيس باناجيوتيس
ترجمة:هشام العدم
دويتشه فيله 2008
قنطرة
حوار مع الأمير حسن بن طلال:
حوار الثقافات بدلا من "حوار القباحات"
شدد الأمير الحسن بن طلال على ضرورة بناء هيكلية للمواطنة العالمية بدلا من عولمة المادة الاستهلاكية السائدة. ناصر جبارة وبسام رزق حاورا الأمير حسن في برلين بعد حصوله على جائزة المفكر اليهودي أبراهام غايغر المرموقة تكريما لجهوده في دعم الحوار بين الثقافات والأديان.
الأندلس
تعايش الأديان في الماضي
يدعو مارك كوهين، أستاذ في جامعة برنستن الأمريكية، المسلمين واليهود إلى إعادة اكتشاف الثقافة المشتركة التي كانت تجمعهم في العصور الوسطى. ويعرض في مقاله أسباب اختلاف تعامل المجتمع الإسلامي والمسيحي مع الأقلية اليهودية في تلك الحقبة.
الشرق بعيون ألمانية:
التعاون العلمي مفتاح لتواصل الحضارات
انطلاقا من أن المعرفة الإنسانية متعددة الروافد والروابط خصصت أكاديمية برلين وبراندنبورج عاما كاملا للتبادل العلمي بين أوروبا والشرق الأوسط. الفكرة تهدف إلى إظهار مدى التشابك الثقافي والعلمي الذي يربط بين الحضارتين.