منارة ألمانية على مضيق البوسفور
بإمكان الراغبين بالدراسة في تركيا الالتحاق بأشهر الجامعات التي تدرِّس موادها باللغة الإنكليزية أو حتى الفرنسية. والآن تسعى ألمانيا أيضًا إلى دخول قطاع التعليم التركي وذلك من خلال إنشاء جامعة ألمانية تركية في إسطنبول. وفي هذا السياق قام وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير من الحزب الاشتراكي الديموقراطي ونظيره التركي، علي باباجان، بالتوقيع يوم الجمعة في برلين على عقد تأسيس جامعة جديدة في إسطنبول الواقعة على مضيق البوسفور؛ حيث من المفترض أن تبدأ هذه الجامعة بقبول الطلبة من كلا البلدين قبل عام 2010.
"هذا يوم عظيم بالنسبة للعلاقات التركية الألمانية"، على حد قول إدزارد رويتر Edzard Reuter الذي يبلغ من العمر ثمانين عامًا والذي كان يعمل في السابق رئيس مجلس إدارة شركة دايملار بينز، كما أنَّه تربى في أنقرة، حيث لجأ أبوه إرنست رويتر Ernst Reuter في الفترة من عام 1935 وحتى عام 1946 بسبب مطاردة النازيين له.
أصبح إرنست رويتر فيما بعد رئيس بلدية برلين وحاكمها. كذلك سُمِّيت باسمه "مبادرة إرنست رويتر" التي تم تأسيسها في عام 2006 من قبل وزيري خارجية البلدين والتي يفترض أن تبحث عن سبل لتفاهم الثقافات - بعد الخلاف الذي حدث حول الرسومات الكاريكاتورية الدنماركية المسيئة للنبي محمد. والآن تعدّ الجامعة الألمانية التركية مشروعًا نموذجيًا طموحًا أوجدته هذه المبادرة.
التخطيط لإنشاء الجامعة
غير أنَّ فكرة إنشاء جامعة ألمانية تركية تعتبر أقدم بكثير من إنشاء هذه الجامعة، كما أنَّ هناك تاريخًا طويلاً من الجهود التي ذهبت أدراج الرياح. ففي بداية التسعينيات كانت حكومة المستشار الألماني الأسبق هيلموت كول تخطِّط لإنشاء مثل هذا المشروع الذي فشل في آخر المطاف بسبب التكاليف.
كذلك كان لا بد من موافقة البرلمان التركي على المخططات الحالية. ولا يخفى على بروفيسور مادة العلوم السياسية كلاوس ليغّيفي Claus Leggewie الذي يعتبر واحدًا من الأساتذة الكثر المشرفين على الجامعة الألمانية التركية أنَّ "موظفي دوائر التعليم التركية معروفون بعنادهم عندما يتعلّق الأمر بتوضيح أسئلة خاصة باستقلال تركيا القومي".
لكن لم يتمكَّن أحد من قبل من النهوض بالمشروع إلى هذا المستوى. ومن المقرَّر أن يتم وضع حجر الأساس والبدء بالبناء في عام 2009، ومع ذلك لم يذكر وزير الخارجية التركي علي باباجان موعدًا محددًا. ومن المفترض أن يبدأ الطلبة بتسجيل أنفسهم في هذه الجامعة في خريف العام نفسه.
ألمانيا ترسل المدرِّسين الجامعيين
ويقدِّم الطرف التركي الأرض التي تُبنى عليها الجامعة ويتحمَّل تكاليف البناء العادية، بينما يتعيَّن على الطرف الألماني إرسال المدرِّسين الجامعيين، بالإضافة إلى أنَّه سيطوِّر الخطط التعليمية وسيتحمّل تكاليف المنح الدراسية. وتقدَّر حاليًا التكاليف السنوية التي ستتحمّلها برلين بحوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون يورو.
ومن المخطط في البدء افتتاح ثلاث كليات: كلية للهندسة وكلية للاقتصاد والدراسات الاجتماعية وكلية للحقوق والعلوم الثقافية والإنسانية. وكذلك من المقرَّر تدريس معظم المواد في الجامعة باللغة الألمانية. وكذلك يفترض أن تستوعب الجامعة الألمانية التركية خمسة آلاف طالب دفعة واحدة. وسوف تكون هذه الجامعة مفتوحة أمام "الطلبة المتفوِّقين من تركيا" وكذلك من ألمانيا.
يوجد في تركيا العديد من المدارس الثانوية التي يتم فيها التدريس باللغة الألمانية أو التي يوجد لديها برامج تعليم ألمانية. وفي ألمانيا من الممكن دراسة اللغة التركية في بعض المدارس الثانوية كلغة أجنبية. ويأتي هذا في الوقت الذي أثار فيه رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في شهر شباط/فبراير موجة من الاستياء عندما حذَّر الأتراك في أثناء زيارة له إلى ألمانيا من "الانصهار في المجتمع الألماني" واقترح ضمن هذا السياق إنشاء المزيد من المدارس الثانوية التركية في ألمانيا.
وفي يوم الجمعة الماضي استخدم وزير الخارجية الألماني شتاينماير ونظيره التركي باباجان ووزيرة التعليم الألمانية أنيته شافان Annette Schavan من الحزب الديموقراطي المسيحي) كلمات مثل "منارة" و"إشارة" و"مرحلة جديدة" لوصف هذه الجامعة.
لقد سبق وأن ساهم مدرِّسون جامعيون ألمان في تأسيس جامعة في إسطنبول؛ حيث دعا مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك في عام 1933 اللاجئين الألمان الذين هربوا من النظام النازي من ألمانيا إلى إنشاء الجامعة الأولى ذات الطابع الغربي على مضيق البوسفور. وهكذا تم إنشاء جامعة خالدة؛ حيث ستقام في العام الجاري احتفالات كبيرة بالذكرى الـ75 لتأسيس جامعة إسطنبول.
كريستيانه شلوتسر
ترجمة: رائد الباش
زود دويتشه تسايتونغ/قنطرة 2008
قنطرة
تركيا في ظل النخبة الدينية الجديدة:
صراع الأشباح ما بين العلمانية والإسلام
يلعب الإسلام وتطبيق التعاليم الدينية في النقاش العمومي في تركيا دورًا مهمًا بصورة متزايدة. هل يساهم حزب العدالة والتنمية في نشر القيم المحافظة والدينية؟ مقال بقلم عمر إرزيرين
الإصلاح الدستوري في تركيا
صراع جنرالات أم أيدلوجيات؟
يناقش البرلمان التركي مجموعة من التعديلات الدستورية والقانونية، وتشكل مسألة رفع حظر الحجاب محور هذه المناقشات والتغييرات وذلك وفق طروحات تقدمت بها حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة اردوغان. غونتر زويفرت يلقي الضوء على هذه القضية من اسطنبول