محمد الرميحي: الشعوب تدار بـ«السوسيولوجيا» وليس بـ«الأيديولوجيا»

يعد محمد الرميحي من أبرز الأكاديميين العرب المختصين في علم الاجتماع السياسي راهن على انهيار النظام الإيراني، فلا يمكن أن يُحكَم الناس بمقولات خرافية

● لنبدأ من اللحظة الراهنة.. ما الذي ترونه في الأفق السياسي الخليجي والعربي؟

■ السؤال من شقين عن الأفق الخليجي والأفق العربي وما بينهما.. صحيح هناك تداخل لكنه ليس تطابقًا. الخليج في السنوات العشر الماضية ربما تجاوز مشكلات موجة «الربيع العربي» الأولى بشيء من الحصافة السياسية وبالاستفادة من الوضع الاقتصادي المريح للمواطن الخليجي لكن هذا لا يعني أن كل المشكلات انتهت أو سوف تنتهي قريبًا؛ لأنه أثناء الموجة الأولى وقعنا في مطب الخلاف القطري- الرباعي، وهذا مطب شديد التأثير في اللحمة الخليجية وأدى إلى تصدع الجبهة الخليجية وتصادمها بعضها مع بعض، فيما يتعلق بخلاف في وجهات النظر حول ما يجري في الساحات الملتهبة في سوريا وليبيا ولبنان حتى في مصر وتونس والسودان.. وكذلك الأمر بخصوص الساحة الإيرانية. فنحن إذن أمام إشكالية (خلافية) في البيت الخليجي تعطل من فاعليته اقتصاديًّا وسياسيًّا وهي إشكالية ليست هينة، ومن ثم افتقدت الوحدة الخليجية زخمها الذي بناه المؤسسون قبل أكثر من ثلاثين عامًا وفاعليتها على المستوى الإقليمي والدولي.

على المستوى العربي، معظم الساحات ملتهبة كما في الجزائز والسودان الآن. وثمة مشكلات عميقة نتيجة ضعف أو غياب دور الدولة في لبنان أو ليبيا.. كما تعاني مصر وهي أكبر الدول العربية سكانًا وضعًا اقتصاديًّا غير مريح رغم كل الجهود التي تبذل حاليًّا لإخراجها من عنق الزجاجة. إضافة إلى الحروب الدائرة في بلدان عربية مثل سوريا واليمن. قد لا يكون التدهور العربي أمرًا جديدًا لكنه تَعمَّق بوتيرة متسارعة في العقد الأخير لذلك أصبحت القدرة العربية عمومًا مرهقة وعاجزة عن الفعل في الساحة المحلية والعالمية ويجري استهدافها بقسوة اليوم.

ولا شك أن التغيرات الدولية كان لها تأثيرها في الساحتين العربية والخليجية. مع بروز التيارات اليمينية في أوربا، وانكماش التوجهات الخارجية لإدارة ترمب التي تركز أكثر على الاقتصاد والخوف من الهجرة وانتشار مخاوف الإسلاموفوبيا والصراع الاقتصادي الدولي. فالأمور بوجه عام غير مريحة في ظل «الحلفاء الصعبين» كما أسميهم. فبعد خروج بريطانيا من المنطقة منذ ستينيات القرن الماضي بدأت الولايات المتحدة تأخذ مكانها تدريجيًّا، عبر التدخل السلبي أولًا ثم النشط.. لكنه يقتصر حاليًّا على الملف الاقتصادي وليس السياسي. كما أن معرفة الولايات المتحدة بالإقليم ليست كمعرفة بريطانيا، فقد تصرفت إدارات أميركية مختلفة بالكثير من عدم المعرفة بالشؤون المحلية، فجاء بعض سياساتها يناقض البعض الآخر مما أربك الجميع.

 

http://www.alfaisalmag.com/?p=16496