صحفيون ألمان مختصون بالثقافة في الشرق الأوسط

بعدما زار أربعة كتّاب عرب متخصصين بالثقافة ألمانيا في صيف هذا العام، قام أربعة صحفيين ألمان بزيارة بيروت والقاهرة ورام الله والرباط. وقد التقى كل الصحفيين المشتركين في بيروت لتبادل الخبرات ولبحث فرص التعاون. تقرير برنهارد هيلنكامب

مشهد في بيروت، الصورة: لاريسا بندر

​​بعدما زار أربعة كتّاب عرب متخصصين بالثقافة من كل من المغرب وفلسطين ولبنان ومصر في المرحلة الأولى ألمانيا في صيف هذا العام، قام أربعة صحفيين ألمان طيلة أربعة أسابيع بزيارة بيروت والقاهرة ورام الله والرباط. وقد التقى كل الصحفيين المشتركين في برنامج التبادل في إطار ورشة عمل سميت "اكتشاف المدينة/الثقافة والمدنية" لتبادل الخبرات وفرص التعاون مستقبلا. تقرير برنهارد هيلنكامب

يقول منسق المشروع، توماس هارتمان، "نستعين في عملنا بمصطلح التعايش العالمي Globality عوضا عن مفهوم العولمة ذي الوقع السلبي. كثيرا ما تم انتقاد العناصر السلبية للعولمة، لكن للعولمة عناصر إيجابية أيضا، وهو ما نطلق عليه في هذا المشروع ونستفيد منه تحت عبارة التعايش العالمي".

المدينة والحياة المدنية كانتا محور مواضيع هذا اللقاء. وقد انطلق النقاش على قاعدة العرض الذي طرحه ثلاثة صحفيين ثقافيين حول انطباعاتهم المختلفة. سرد الصحفي بيير أبي صعب الذي يعمل في جريدة "الحياة" وينتمي للمبادرة الفنية "زوايا" الانطباعات التي غنمها أثناء جولته في برلين وطوكيو، فقال إنه سرعان ما تأقلم في العاصمة الألمانية برلين حيث استطاع فك طلاسم معالم الحياة الثقافية هناك على نحو سريع.

لكن الحال كان مغايرا لذلك في طوكيو: "أحسست في برلين على نحو سريع بأنني جزء من المجتمع هناك". لكن هذا الإحساس لم يساوره في اليابان بسبب ما أسماه "سيطرة النظام الأبوي على المنطقة".

الموت المشترك

أعقب ذلك عرض فكاهي مسل للمشارك الفلسطيني نجوان درويش حول مقاومته المدنية و"التحتية" في مقاهي القدس الغربية حيث أعطى المستمعين صورة عن الحياة في مدينة مجزئة داخل "الأرض المقدسة".

تطرق درويش إلى مستشفي الوفيات "مار لويس" الذي يرعى فيه متطوعون أجانب مرضى يهودا وفلسطينيين "لكي يلقوا حتفهم بسلام وبجانب بعضهم البعض" ثم أضاف قائلا " يالها من آفاق غريبة الأطوار بالنسبة لي كفلسطيني بأن أعيش آخر أيامي برفقة جندي إسرائيلي".

تحدّث درويش كذلك عن زياراته الدورية لمقهى "روما" الكائن في الشق اليهودي الغربي للمدينة، فذكر بأنه عمد هناك إلى الجلوس مع أصحابه الفلسطينيين في المنضدة المواجهة للبار وكثيرا ما حث هو وأصدقاؤه وبمساعدة الجرسونات العرب زبائن المقهى اليهود أغلبهم بالتزام بعض الهدوء بحجة أنهم يريدون إعداد نصوصهم الأدبية دون التعرض للإزعاج.

على الرغم من ذلك فقد تناقشوا هم أنفسهم بأصوات عالية حول الصورة التي تقدمها الفضائية الأمريكية "سي إن إن" حول الفلسطينيين فيما كانوا يتفرجون على المحطة في تلفزيون الحانة. درويش يصف هنا تقنية فكاهية وجريئة للمقاومة داخل المقاهي والحانات في سياق الحياة المدنية.

ترويج الفن في الأحياء الفقيرة

شتيفان شلك يعمل صحفيا حرا في برلين، وكان قد زار القاهرة. وعاد بعد إقامة دامت أربعة أسابيع في العاصمة المصرية إلى برلين حيث كاد يشعر بأنه الآن في منتجع صحي. هذا الصحفي باعتباره من "الفعاليات التي لا تتوفر لديها خبرات واسعة في العالم العربي" يشكل محور اهتمام المشروع.

يرى شالك بأن هذه المجموعة من الكتّاب "قد ازدادت أهميتها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بحكم ازدياد أهمية المنطقة العربية في هذا السياق". وعبر في المحاضرة الثالثة ضمن جدول أعمال ذلك اليوم عن استيائه من الجهود المبذولة من بعض المثقفين المحليين من أجل تنظيم مظاهرة لتحقيق المزيد من الحرية والفن في حي للفقراء قائلا:

"لماذا توجب على سكان الحي التظاهر من أجل المزيد من الحرية والفن؟" وهو ينقل من خلال هذه المقولة ردود فعل الحي. أوضح شالك كذلك التنافر بين الالتباسات القائمة بشأن التضامن المحلي مع الفن تخطيا للفروق الطبقية وبين مراكز الشراء الضخمة الفاخرة في أطراف القاهرة. هناك يتسكع المستهلكون والمستهلكات سواء ارتدين الحجاب أو لا. وكل المتواجدين هناك قدموا بالسيارات، حيث لا يمكن الوصول إلى "معابد" الاستهلاك التي أفرزتها العولمة إلا بالسيارة.

"الآخر" في التغطية الإعلامية

يقول دانييل باكس من جريدة "تاتس" : "كلنا صحفيون وبالتالي فإننا لا نملك الإمكانيات المتوفرة لدى الأدباء. فنحن لا نملك التعبير عن الوقائع إلا بالأشكال المتوفرة لدينا في صحفنا. وقد كتبت أثناء إقامتي في رام الله مقالات مختلفة حول القضايا الراهنة في فلسطين. آمل أن أوفق في كتابة مقالات تتسم بطابع شخصي، فغير ذلك غير ممكن على ما يبدو".

لقاءات الصحفيين الثمانية المعنيين بشؤون الثقافة التي تمت في إطار برنامج التبادل وتحسسهم للتعايش العالمي أمور لم تجد على ما يبدو طريقها إلى مجلاتهم وجرائدهم إلا بصعوبة أو على نحو غير مباشر.

لكنهم غنموا بما لا شك فيه تجارب هامة مع عالم "الطرف الآخر". هذا وإن دل النقاش الدائر على أن خيارات التعاون المستقبل بين الصحفيين المعنيين بشؤون الثقافة ما زالت معلقة غير واضحة. لكن ربما كان برنامج التبادل هذا خطوة أولى نحو خلق شبكات الاتصال والتعاون.

بقلم برنهارد هيلنكامب
ترجمة عارف حجاج
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

الثقافة ودورها في دعم الديموقراطية
تبادل الخبرات بين صحفيي صفحات ثقافية ألمان وعرب هو هدف المشروع الذي تنظمه مؤسسة هاينريش بول حاليا. أربعة صحفيين من مصر ولبنان والمغرب وفلسطين زاروا ألمانيا في شهر آب/أغسطس الماضي. وسيسافر في المقابل أربعة صحفيين ألمان إلى بيروت ورام الله والإسكندرية ومراكش

www

مؤسسة هاينريش بل