المصير المجهول والفردوس المفقود
رملة شابة من أثيوبيا تعمل منذ شهر آذار/مارس خادمة منزلية في بيروت. تذهب كلّ يوم أحد إلى الكنيسة برفقة "سيدتها" التي تعمل في بيتها. توجد لديها غرفة خاصة بها كما أنَّها لا تتعرّض للضرب وتحصل على راتبها في موعده. تعيش رملة البالغة من العمر 28 عامًا حياةً أقرب إلى الفردوسية، مقارنة بنتائج الدراسات والتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أو منظمة "هيومان رايتس ووتش" حول مصير الخادمات المنزليات في لبنان.
بيد أنَّ المشكلة تكمن على وجه التحديد في معرفة عدد الخادمات اللواتي يتعرّضن للاستغلال والتجويع والحبس والضرب والاغتصاب والتعذيب بأساليب سادية من قبل أرباب البيوت التي يعملن بها، من بين الخادمات المنزليات اللواتي يقدّر عددهن بحوالي مائتي ألف امرأة. من المعروف فقط أنَّ الكثير من الخادمات يعشن حياة مروعة وأنَّ القانون لا يحمي جميع هؤلاء النساء المعنيات.
من العمل المنزلي إلى العمل بالسخرة
"يتم إحضارهن من قراهن إلى الطائرة ويهبطن هنا من دون أدنى فكرة عما ينتظرهن"، حسب قول غادة جبور العاملة في الجمعية غير الحكومية "كفى عنف واستغلال" التي تهتم بمشكلة الخادمات - هذه المشكلة التي تبدأ مع إبرام عقد العمل الصالح لعامين. يُكتب هذا العقد باللغة العربية، رغم أنَّ الخادمات الأجنبيات لا يتكلمن العربية.
كذلك لا يتم في هذه العقود تدوين نوع العمل والإطار العام للعمل وأوقات الفراغ أو أي أمور أخرى مثل الغرفة الخاصة بالخادمة. ويتم استقبال الخادمات في المطار من قبل رجل أمن وربّ العمل؛ يأخذ الأوّل من الخادمة جواز سفرها ويعطيه لرب العمل الذي يصبح منذ هذه اللحظة كفيلاً لها تجاه الدولة.
"كذلك يمكن القول: الذي يمتلكها منذ هذه اللحظة"، مثلما تقول غادة جبور وتشير إلى أنَّ بإمكان ربّ العمل غير الراضي عن الخادمة طلب استبدالها من شركة تشغيل الخادمات. لكن لا يسمح للخادمة طلب استبدال ربّ العمل - الأمر الذي لا تعرفه كثير من الفتيات. أما من تحاول الهرب فتصبح مقيمة بصورة غير شرعية، وذلك لعدم وجود أوراق ثبوتية لديها.
من ضحايا إلى مجرمات
هؤلاء الخادمات يتحولن من ضحايا إلى مجرمات ويوضعن في السجن ويتم ترحيلهن بعد مرور شهرين على أبعد حدّ. وفي أغلب الحالات لا تجرى تحريات ضدّ أرباب العمل - ولماذا التحريات؟ فإلى أن تتم إحالة قضية ما إلى المحكمة يكون قد مضى شهران.
أصبحت نجلا شهدا مديرة "مركز اللأجانب كاريتاس" في بيروت في وضع حرج: لقد حصل مركز الكاريتاس من الحكومة على تفويض برعاية شؤون الخادمات الأجنبيات، الأمر الذي تقوم بأدائه الجمعية، مثلما تؤكّد مديرة الكاريتاس.
يقوم مركز الكاريتاس منذ عام 2003 بالتعاون مع سفارات الدول الخاصة بالخادمات بإجراء حملة توعية في لبنان - حسب قول نجلا شهدا، إذ يوفّر الكاريتاس للخادمات الأجنبيات مستشارين يتحدثون معهن بلغاتهن، الأمر الذي يتم اطلاع جميع الخادمات عليه. من الواضح أنَّ نجلا شهدا تعرف أنَّ هناك ادعاءات بأنَّ الفتيات لا يعلمن شيئًا عن الكاريتاس أو أنَّهن لا يستطعن الإبلاغ عما يحدث معهن بسبب الصعوبات اللغوية.
لذلك ترى الخادمات أحيانًا أنَّ مخرجهن الوحيد هو الموت - ففي شهر آب/أغسطس الماضي أقدمت خادمة سريلانكية على الانتحار شنقًا من شرفة البيت الذي كانت تعمل فيه، وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي انتحرت خادمة أثيوبية القت بنفسها من الطابق الرابع - حسب قول نجلا شهدا:
لا تقع دائمًا مسؤولية ذلك فقط على عاتق ربّ العمل - على حد قول نجلا شهدا؛ فهؤلاء الفتيات وحيدات وغريبات وإذا ما أضيفت إلى ذلك الاضطرابات النفسية فعندها تتراكم مشاكلهن. كذلك توجد أمور كثيرة تنجم عن عدم المقدرة على التفاهم.
العمل من دون راتب ومن دون مساواة قانونية
غير أنَّ نجلا شهدا تذكر أيضًا أنَّ هناك أربعمائة واثنتي عشرة حالة سجّلت لدى الكاريتاس في الأعوام الثلاثة الأخيرة. إذ تعرضت 262 امرأة للضرب، ولم تحصل 125 امرأة على رواتبهن، وتم اغتصاب 72 امرأة، كما عانت 69 امرأة من عنف لفظي وحرمت 41 امرأة من المأكل، وتم تهديد 29 امرأة بالضرب، بالإضافة إلى أنَّ 20 امرأة أجبرن على العمل لمدة سنة أخرى بعد انتهاء عقود عملهن.
تتيح القوانين المجال لمثل هذه الحوادث، إذ "لا يسري مفعول قانون العمل المحلي على هؤلاء الفتيات وذلك لأنَّهن يعتبرن خادمات منزليات ولا يعتبرن على سبيل المثال عاملات"، حسب تصريح وزير العمل اللبناني المستقيل طراد حمادة.
هذا الوزير الذي كان يمثل حزب الله في الحكومة اللبنانية واستقال منها في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2006 - كان يسعى أثناء عمله في وزارة العمل من أجل إحداث تغييرات - من عقود عمل دقيقة وحتى تأمين خاص يشمل أيضًا حوادث العمل. كذلك كان يسعى من أجل فرض تعليمات تضمن للنساء حصولهن على رواتبهن من البنوك.
وهو يرى أنَّ الأسباب تكمن في لوبي الشركات اللبنانية العاملة في تشغيل الخادمات الأجنبيات والتي يبلغ عددها حوالي أربعمائة شركة. تحصل هذه الشركات عن كلّ عقد عمل على ما لا يقل عن ألف دولار، وعلى مبلغ سبعمائة دولار عند تجديد العقد - حسب قول الوزير طراد حمادة: أرباب العمل - من سائقي السيارات العمومية إلى موظفي ومديري البنوك - أناس في غاية الكرم، حتى وإن كان بعضهم يمتنع فيما بعد عن دفع راتب الخادمة الشهري الذي يتراوح من مائة دولار (للسريلانكيات) إلى ثلاثمائة دولار (للفيليبينيات)!
منى سركيس
ترجمة: رائد الباش
حقوق الطبع: قنطرة 2008
قنطرة
أوضاع المرأة في أفغانستان تزداد سوءاً
نساء فقدن الأمل في الحياة
ترى الناشطات الأفغانيات في منطمات حقوق الإنسان أن وضع المرأة في أفغانستان لم يتحسن منذ سقوط الطالبان، وأن كثيرا من النساء انتحرن للتخلص من العنف الأسري. تقرير عن الوضع غير الإنساني للنساء الأفغانيات.
لاجئون أفارقة في اليمن:
أمواج عالية وأسماك القرش
عشرات الآلاف من اللاجئين، لا سيما من الصومال، يتوافدون سنويا إلى اليمن عن طريق البحر. وعلى الرغم من استقبالهم وإيوائهم إلا أنهم لا يجدون أملا في المستقبل هناك، ولهذا تريد غالبيتهم السفر إلى أوروبا. تقرير كلاوس هايماخ وسوزانة شبرر من صنعاء
التضامن النسائي في المغرب
عائشة شينة: الإسلام في القلب والعالم في العقل
فازت السيدة المغربية عائشة شينة بجائزة اليزابيت نورغال تقديرا لشجاعتها الفائقة في الدفاع عن النساء ضد اللأحكام الإجتماعية القاسية، ولجهودها الإنسانية في تأسيس جمعية التضامن النسوي، التي ترعى النساء وأطفالهن غير الشرعيين. مارتينا صابرا قامت بزيارتها في الدار البيضاء