تمرد على التقاليد أم إهانة للدين والوطن؟
يكاد عمر الكاتب المغربي عبد الله الطايع لا يتجاوز حاليا الخمسة والثلاثين عاما، ولكنه تمكن من نشر ثلاث روايات تأخذ طابع السيرة الذاتية. كما صدرت مؤخراً روايته الرابعة، التي تحمل عنوان "كآبة عربية" وتحكي أيضا عن سنوات صباه. ويروي فيها الطايع أيضاً عن بعض الأحداث، خاصة وأنه شب في وقت ومنطقة جعلا مرحلة نضوجه صعبة للغاية. إذ يصف في رواياته المغرب كموطن للحرمان، ومكان العوز سياسيا واجتماعيا ونفسانيا.
لقد قضى الطايع سنوات صباه في فترة حكم الملك الحسن الثاني، الذي أسكت المعارضة بالقوة وتصدى في تصميم لاحتجاجات الشباب، وخاصة المتأثرة بالغرب. كما فشل في احتواء المحتجين، وإتاحة الفرص أمامهم. ولم تنفتح أمام الشباب أي آفاق للمستقبل، وأصبح رسم المستقبل بالنسبة لهم مسألة حظ. وإلى جانب الضغوط السياسية كانت هناك- ولا تزال- الضغوط الدينية. وعلى الرغم من انفتاح انفتح المجتمع المغربي على الحداثة بعض الشئ، إلا أنه ظل في جوهره مجتمعا محافظا، والعلاقة بين الجنسين بوجه خاص تخضع لنظام صارم؛ فاعتبارا من سن معينة يُعنى بالفصل بين الصبيان والبنات.
المثلية الجنسية كممارسة تعويضية
ولهذا السبب بالذات – كما يحكي الطايع – اتجه كثيرون من الشباب إلى ممارسة الجنس المثلي، التي اعتبروها بكل بساطة بديلا تعويضياً. ويقول الطايع في أحد الحوارات: "ولكن بالنسبة لي كان الأمر مختلفا. قصدتها بجدية، فلم تكن ممارسة الجنس المثلي مجرد بديل مؤقت، وإنما رغبة أحس بها بكل أعماقي". ومنذ أن اعترف الطايع بذلك أصبحت حياته صعبة. وكما يحكي ذرف الكثير من الدموع ولسنوات طويلة، إلا أن ذلك لم يثنه عن البحث عن إشباع رغباته. إذ إن المغرب بلد محتشم لكنه يشتمل أيضا على ما يثير المشاعر الشهوانية، ويضيف أنه نادرا ما أحجم عن مغامرة ممارسة الجنس مع ذكور في مثل سنه أو مع من يكبرونه سنا. ومعايشاته في هذا المجال تصفها كتبه بوضوح، إن لم يكن بشكل شديد. بيد أن الأمر في ذلك كان يبقى عند حد المغامرة؛ فالعلاقة الأكيدة بممارسة الجنس المثلي، أو الرغبة في الاعتراف بها كانا من المحرمات.
عـبــــق الـثـقـافــة
أتاحت له الثقافة الهروب والحماية معا؛ فالوالد، الذي يعمل حارساً للمكتبة العامة بالرباط، يعرف الابن بعالم الكتب وبعالمها الروحاني، وأيضا وبوجه خاص بعالمها الشهواني. "أراد أن يعودني على عبق الكتب" كما ورد في روايته "مغربي أنا"، التي لم تترجم إلى الألمانية إلى الآن، مثل كل أعمال الطايع، والتي يقول فيها أيضا "كان يحرص على أن يصل عبقها السحري والفذ إلى دماغي وحواسي". لفد كانت الكتب بالنسبة له بعد ذلك أكثر من كونها توفر له مجالات للهروب. وفي منتصف التسعينيات من القرن الماضي حصل الطايع على منحة للدراسة لمدة ستة أشهر في جنيف، الأمر الذي أتاح له الفرصة للإقدام على الهروب من المغرب إلى أوروبا، وبالأحرى إلى فرنسا، إلى باريس.
وفي العاصمة الفرنسية صار الطايع ناقدا حادا للأوضاع في المغرب، وبمعنى أدق للأخلاقيات المعقدة في هذا البلد، الذي لا يتسامح ولو رسميا على الأقل مع الحب المثلي. وفي حوار مع المجلة السياسية الليبرالية المغربية "Tel Quel" اعترف الطايع علنا بميوله الجنسية المثلية. أمر لم يكن يجرؤ عليه أي كاتب مغربي قبله. وكما هو متوقع إزاء ذلك جاء الامتعاض الذي أثاره الحوار شديدا. كان رد قراء هذه المجلة، المتقنين للفرنسية، متحفظا إلى حد ما، بيد أنه عندما أعاد نشر اعترافاته في بعض الصحف المغربية التي تصدر بالعربية، هبت عاصفة من الغضب، ووجه إليه الاتهام بأنه يدنس سمعة البلاد والدين، كما وصف بأنه لا يستحق أن يكون كاتبا، بل يستحق أن يُحرق. كما اتهم بأنه يستخدم الاعتراف بشذوذه الجنسي وسيلة للتودد إلى الغرب.
لـغـــة شـهـوانـيــــة
لم يتناول الطايع في الحوار حقيقةً إلا الموضوع الذي تحدث عنه في مؤلفاته. رواياته عن نهوض الجنس المثلي ، وعن أمور أخرى كثيرة. يصف الطايع بلغة شهوانية واضحة الحياة في المغرب في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. ويحكي بالدرجة الأولى عن حاجات ورغبات جيل، ظل تحقيق الكثير من أحلامه محرما عليه. وعبر هذا الوصف أصبحت رواياته صورة تجسد أخلاقيات وعادات أحد المجتمعات، إذ تعكس بهذا الجيل صورة الأوضاع العامة التي تطبع البلد بأسره. ويعتبر الطايع أن مثله الأعلى في الأدب هو الأديب المغربي محمد شكري (1935 – 2003)، الذي ينحدر من أشد الأسر فقراً، والذي قام في رواية سيرته الذاتية "الخبز الحافي" بوصف سنوات شبابه بوضوح لم يكن متصورا حتى وقته. لقد تحدث عن حياة في ظل العنف، والجنس، والفقر. لم يتعرض الطايع لمثل تلك الظروف، بيد أنه يوضح مدى المعاناة البالغة لجيله وللأجيال التالية من هذه الظروف، ليس في رواياته القصصية فحسب، وإنما أيضا في مقالاته الصحفية. وعندما أقدم أحد شابين على تفجير نفسه في ناد للإنترنت في آذار/ مارس من العام الماضي في الدار البيضاء، كتب الطايع مقالا نشرته أيضا صحيفة „Le Mond“ الفرنسية، وصف فيه ظروف حياة الشابين. ظروفا عرفها من معايشاته الشخصية. وقال في هذا المقال بأنه يتصور ما يشعر به هذان الشابان،
ولا يمكنه بذلك تبرير الاعتداء إلا أنه يستطيع إدراك دوافعه. لقد أنقذته الكتب، في حين أصبح آخرون أو سسيصبحون ضحايا الأوضاع. وهذا أيضا ما تتناوله رواياته.
كيرستين كنيب
ترجمة: محمد الحشاش
قنطرة 2008
قنطرة
حب طيّ الكتمان: حياة المثليّين الجنسيين والسحاقيات في الشرق الأوسط"
تحريم ديني وإقصاء اجتماعي
ما هي المشاكل التي يواجهها المثليون في لبنان ومصر والسعودية؟ كتاب صدر أخيرا لبريان ويتاكر، محرر جريدة الغارديان البريطانية يتناول هذا الموضوع. آن فرنسواز فيبر قرأت الكتاب وتقدمه لنا.
حوار مع وحيد حامد، كاتب سيناريو فيلم "عمارة يعقوبيان":
فيلم يعري المجتمع المصري ويقتحم المناطق المحرمة
لم يحظ عمل سينمائي مصري منذ سنوات طويلة باهتمام كبير وجدل واسع مثلما حدث مع فيلم "عمارة يعقوبيان" المأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم للمؤلف علاء الأسواني. يتحدث وحيد حامد في الحوار التالي عن الدعاوي القضائية التي رفعت ضد الفيلم والجدل حول المشاهد الجنسية وحرية التعبير في مصر.
أطفال بني أنزار:
الأطفال المشردون في المغرب
جحيم تبدو أرض الوطن بالنسبة للكثير من أطفال وشباب الأقاليم الشمالية الفقيرة للمغرب، بينما تتراءى لهم مقتطعة مليلة الأسبانية موطنا للنعيم. لذلك يخاطرون بحياتهم من أجل عبور الحدود. تقرير شتيفان لايدل