تقرير الأمم المتحدة للتنمية يقرع ناقوس الخطر
قرع التقرير ناقوس الخطر وانتقد بحدة قادة العالم معتبرا أن أمامهم فرصة أخيرة للوفاء بتعهداتهم بالحد من الفقر وتحسين الصحة وتوفير التعليم الأساسي للجميع بحلول عام 2015. حيث أنهم اتفقوا منذ خمسة سنوات على سلسلة من الأهداف التي ينبغي تحقيقها بحلول عام 2015، وهي ما يطلق عليها "أهداف التنمية للألفية الجديدة".
وكان أبرز هذه الأهداف الالتزام بالقضاء على الفقر المدقع وتخفيض نسبة من يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد ونسبة من يعانون من الجوع من سكان العالم إلى النصف. كما تمخضت القمة المذكورة عن اتخاذ قرارات بخصوص الحرص على إكمال الأولاد والبنات على حد سواء لتعليمهم الابتدائي، والقضاء على التفرقة بين الجنسين وخفض معدلات وفيات الأطفال بنسبة الثلثين، والعمل على الحد من انتشار مرض نقص المناعة المكتسبة (إيدز). غير أن معظم هذه القرارات الطموحة بقيت حبرا على ورق.
ويرى التقرير الذي يحمل عنوان: "المساعدة التنموية والتجارة والأمن في عالم غير متوازن" أن قادة العالم يخاطرون بإدانة التاريخ لهم بأنهم حكموا على ملايين من الأطفال بالموت. حيث ربط التقرير بين الفقر وارتفاع نسبة الوفاة في العالم.
جدير بالذكر أن صدور هذا التقرير السنوي يأتي قبل أسبوع من اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة حيث يلتقي رؤساء الدول و الحكومات من 175 دولة في نيويورك لقياس مدي التقدم في الوفاء بأهداف التنمية.
سياسات غير منصفة
يرسم التقرير صورة مقبضة، فكل ثلاثة ثوان يموت طفل واحد بسبب الفقر، و 1.2 مليار نسمة يعيشون تحت خط الفقر. ووفقا لمعدلات التقدم الحالية فإن 47 مليون طفل لن يلتحقوا بمدارس بحلول عام 2015.
كما أن السياسات التجارية "غير المنصفة" التي تتبعها الدول الغنية هي التي تؤخر نمو البلدان النامية. وحسب التقرير فالحواجز التجارية التي تعترض صادرات الدول النامية إلى الدول الغنية أعلى بثلاث مرات في المتوسط من تلك المفروضة على التبادل التجاري بين الدول الغنية.
القطاع الزراعي
والتقرير المؤلف من 372 صفحة ينتقد بشكل خاص الدعم الذي تقدمه الدول الغنية لقطاعها الزراعي و الذي يسمح لها بالمحافظة على شبه احتكار أسواق الصادرات الزراعية. يذكر التقرير منتجي السكر الأوربيين كمثال، فقد حصلوا على سعر يوازي أربعة أضعاف السعر العالمي مما تسبب في هبوط الأسعار العالمية و خسارة تقدر ب494 مليون دولار للبرازيل و 151 دولار لجنوب أفريقيا. كما يشير التقرير إلى الضرائب المجحفة و السياسات التجارية التي تمنع الملايين من سكان الدول الفقيرة من الخروج من حالة الفقر.
مسؤولية مشتركة
وذكر التقرير أن هناك مسؤولية ملقاة على عاتق الدول الغنية في توفير الظروف الملائمة للتنمية البشرية، غير أن التقرير طالب في نفس الوقت الدول النامية بأن تتحمل مسؤوليتها أيضا في محاربة الفقر، وحثها على القضاء على الفساد الإداري والمالي الذي تعاني منه. فتحقيق أهداف الألفية هي عملية تقوم على تضافر جهود الجميع. كما شدد التقرير على المسؤولية المشتركة للمجتمع الدولي في تحقيق السلام والأمن العالمي.
وتأمل الأمم المتحدة بإصدارها لهذا التقرير بأن يقف زعماء الدول الغنية والفقيرة على السواء وقفة لبحث العقبات التي دائما أبدا ما تحول دون تحسن الأحوال الاجتماعية و السياسية في الدول النامية. فالفشل في تحقيق أهداف الألفية الجديدة لا يشكل إدانة لزعماء العالم فحسب بل يهدد السلام العالمي، لأن الفقر وعدم المساواة هما أصل الصراعات.
هبة الله إسماعيل
حقوق الطبع دويتشه فيلله 2005