"الفنان لا يرسم للحظة الآنية، بل يرسم للتاريخ"
من أين تستمد غادة حبيب موضوعات لوحاتها ومادتها الفنية التعبيرية؟
غادة حبيب:من كل شيء يحيط بي. من أحداث وتفاصيل الحياة اليومية الصغيرة منها والكبيرة. أحيانا يستوقفني في الشارع وجه عابر. لا أدري لِمَ تترسخ ملامحه في ذهني وأسعى بدوري إلى ترسيخه في لوحاتي.. هناك صدف كثيرة حولت أناسا عاديين إلى أبطال وأساطير بسبب تخليدهم في لوحة أو قصيدة. كما أن هناك عشرات، بل مئات الفنانين خلدوا أشخاصاً التقوهم في حانة أو حديقة أو مكتبة. فكل شيء في الحياة يستحق أن نرسمه.
هل أعطاك وجودك في بريطانيا رؤية فنية جديدة وأضاف على أعمالك مسحة جديدة؟
حبيب: بريطانيا بلد هائل ومتعدد الثقافات نتيجة اختلاط الشعوب. والتنافس على أشده بين فنانين انجليز وعرب وإيطاليين وهنود وغيرهم الكثير، فمجال الإبداع والمنافسة على أشده. ومن خلال الاطلاع على تنوعات إبداعهم واتجاهاتهم وأساليبهم، تتسع رؤية الفنان بالتأكيد وتتعمق ثقافته. أنا شخصياً أصبحتُ مدمنة على ارتياد المتاحف والصالات الفنية. أما تأثيرها على أعمالي فهذا شيء يحدث تلقائيا وبطريقة قد لا يدركها الفنان، بل يجد في نفسه فجأة ميلاً إلى هذا الاتجاه أو ذاك. وأعمالي المستقبلية هي التي ستحدد ما قد أضافه لي وجودي في بريطانيا.
هل هناك رسامٌ بعينه ترك أثراً في حياتك ومسيرتك الفنية حتى تمنيت لو كنت هو أو مثله؟
حبيب: فريدا كالو... الرسامة المكسيكية، وكثيراً ما يتم الحديث عن تشابه في قدرينا. فهي تعرضت في طفولتها إلى مرض شلل الأطفال، بينما تعرضت أنا إلى حادث في ساقي الأيسر بما يشبه الشلل لكنني شفيت منه والحمد لله، وظلت بعض آثاره إلى الآن. أما فترة شبابنا فكلانا عاشت شبابا مأساويا. هي من خلال أصابتها بالعوق وأنا بالصمم.
وهناك نقطة مهمة أود إيضاحها؛ وهي أنني معجبة بفريدا الإنسانة، التي قاومت أقدارها المظلمة أكثر ربما من إعجابي بفريدا الفنانة، لأنها قد حصرت معظم لوحاتها برسم بورتريت شخصي لها، مرة بضفائر مقصوصة مرمية على الأرض وأخرى بشارب رجالي وثالثة تحور نفسها فيها إلى غزالة جريحة. كما أنها لم تتناول مواضيع أخرى إلا في قلة من أعمالها. وأنا على الرغم من اعترافي بموهبتها واعترافي أيضا بمأساوية حياتها، لكن الفنان كلما اتسع أفقه، تطلب ذلك أن يتطرق لمواضيع أكبر وأشمل. والشيء الآخر، الذي لا أحبه في حياة كالو، هو ولاؤها المطلق لزوجها الفنان دياغو ريفيرا على الرغم من خياناته العلنية والمتكررة لها. وهي كمثقفة كانت تعيش استقلالا فكريا واجتماعيا وحتى ماديا عنه. لقد أضاف لي اطلاعي على حياة فريدا كالو حافزاً كبيراً وكبيراً جداً للتحدي. المكسيك له فريدا، والعراق له غادة- هكذا أحلم أن يقال.
هل تأثرت بفنانين ألمان، أو بمدارس الفن الألماني؟
حبيب: أنا على اطلاع بمدارس الفن الألماني وأسعى إلى تعميق هذا الاطلاع. كما أتمنى الاختلاط بالفنانين الألمان إن سنحت الفرصة بذلك، لكني لا أظن أنني تأثرت بفنان ألماني معين.
ما موقع العراق في أعمالك في هذه المرحلة الزمنية من التاريخ؟
حبيب: العراق في القلب دائماً. وعانيت كثيراً لابتعادي عن العراق، بل إن سنين وحدتي وعزلتي وابتعادي عن ألواني وفرشاتي والتي امتدت إلى قرابة أربعة عشر عاما هي في جوهرها نتيجة حتمية لابتعادي عن بلد، أنا مجنونة بحبه وكنتُ أراه يذبح كل يوم.
هناك لوحة غامضة رسمتها ليلة احتلال العراق بألوان دخانية رهيبة وقد خربشت وجه اللوحة بأظافري لشدة انفعالي واتخذت خربشة أظافري شكل الأسلاك الشائكة. وهناك سلسلة من الأعمال الجديدة يضج بها موضوع العراق. وأتمنى أن أنهض بهذه المسؤولية الكبيرة لأن الفنان حين يرسم موضوعاً جوهريا صارخاً كهذا فهو لا يرسم للحظة الآنية، بل يرسم للتاريخ.
هل ساهم الرسم في تغلبك على فقدانك للسمع، هل أصبحت الألوان حروفاً جديدة للتعبير عن الذات؟
حبيب: كل الأصوات، التي أحبها وأتذكرها، اِنْسابَت في ذاكرتي وتحولت إلى ألوان. ولا أدري كيف تكون الحياة من دون ألوان. فحين أرسم أصغي بداخلي إلى صوت موسيقى إلهية، وترتفع بي وتسمو إلى عوالم روحية ضوئية مدهشة لا أدري كيف أصفها. لذلك تراني قادرة على البقاء وحدي أياما كاملة، تكون فيها الألوان والكلمات والموسيقى الداخلية أصدقائي وسمّاري. وهذا يغنيني عن كل شيء.
ما دور الرسم في حوار الثقافات؟
حبيب: هو هذا التواصل الروحي والفكري، الذي ترسمه الخطوط والألوان بين أفلاك ومدارات البشر والعوالم والكائنات.
بِمَ تعلق غادة حبيب على منحها جائزة سفيرة السلام للعام 2008 المقدمة من الاتحاد النسائي للسلام العالمي في بريطانيا؟
حبيب: هذه الجائزة التي حصلت عليها وكذلك على تكريمين خلال سنة واحدة وكل جائزة أحصل عليها هي للعراق وللعراقيين أولا. العراق، الذي من أجله عدت إلى الرسم لأطرد عن روحه وروحي سحب الدخان الأسود. أتمنى أن أنثر السلام على العالم كما تنشر الشمس أشعتها ودفئها على الجميع. وهذا ما أسعى إليه من خلال عملي ومساهماتي الفنية.
أجرى الحوار: عماد م. غانم
قنطرة 2008
قنطرة
فيلم "دوي المعركة المحتدمة":
"عراق وهمي" في صحراء تكساس
يقوم الجيش الأمريكي في فيلم "دوي المعركة المحتدمة" Full Battle Rattle بمحاكاة الحرب في العراق مستعينًا بممثلين عراقيين؛ فهل يقف صانعو الفيلم على مسافة نقدية كافية من موضوع فيلمهم؟ قراءة مارتين غيرنر لفيلم يتداخل فيه الخيال بالواقع.
الفيلم الوثائقي "قواعد العمل المعتادة":
سجن أبو غريب- مأساة باسم أداء الخدمة العسكرية
حاز الفيلم الوثائقي "قواعد العمل المعتادة" Standard Operation Procedure جائزة لجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي "برليناله" لهذا العام. الفيلم يعالج خلفيات ممارسات التعذيب في سجن أبو غريب، بيد أن محصلة هذه المعالجة السينمائية جاءت متباينة كما ترى أريانا ميرزا
مشروع رائد:
"كتب من أجل العراق"
"كتب من أجل العراق" هو اسم مشروع أسسته وزارة الخارجية في يونيو/حزيران عام 2003، ويهدف إلى إقامة علاقة عمل مشتركة ودائمة بين الناشرين وأمناء المكتبات والعلماء الألمان والعراقيين