"أنا ليبرالية وأعارض التجنيس السياسي"

تخوض الناشطة منيرة فخرو كمرشحة وحيدة الانتخابات البحرينية القادمة في الثالث والعشرين من شهر أكتوبر/ تشرين أول الجاري ضمن صفوف المعارضة. المرشحة فخرو كانت قد خاضت الانتخابات عام 2006، لكنها لم تتمكن من الفوز بمقعد برلماني في ذلك الوقت وسط اتهامات بالتلاعب في التصويت. علي محمد محمد حاور الأستاذة الجامعية فخرو حول برنامجها الانتخابي والمشاركة السياسية للمرأة البحرينية وغيرها من القضايا.

الكاتبة ، الكاتب: Ali Almakhlafi

​​ كيف بدأت قصتك البرلمانية؟

منيرة فخرو: الاقتراح بدأ مني لأني قضيت كل حياتي في التدريس في الجامعة وفي العمل المجتمعي والاجتماعي، وقد كتبتُ خاصةً ً فيما يخص بقضايا المرأة ومؤسسات المجتمع المدني. ثم شعرت بأن المرأة يجب أن تدخل المعترك السياسي كي تنال حقوقها. وعندما تأسست الجمعيات السياسية. وبالمناسبة نحن نسميها جمعيات لا أحزاباً.

ودخلت في الجمعية التي تناسب ميولي وهي "جمعية العمل الوطني الديمقراطية" (وعد). وقد تمّ ترشيحي من قِبَل ِالجمعية. بعكس أهلي وعائلتي الذين كانوا يرون في ذلك تعباً ومشقــّة عليّ وأن محاولاتي قد لايكون لها مردود. أما بالنسبة لي فقد كنت أريد أن أثبت موقفأً وهوَ أن المرأة ككل المواطنين قادرة على المساهمة في بناء هذا المجتمع.

وعلى الصعيد الميداني؟

فخرو: في التسعينيات بدأتُ أنا وزملائي بالمطالبة بالمشاركة السياسية، والتي تتمثل بالانتخابات. وعندما تولى الملك الحكم عام 1999 سنحت لي الفرصة وأمام الجمعيات السياسية للدخول في المنافسة فَــفُتِح المجال أمامنا للمشاركة السياسية نتيجة ً للمشروع الإصلاحي للملك". قاطعنا الانتخابات عام 2002 وسبب المقاطعة هو تغيير الدستور في هذا العام لتصبح كل السلطات في يد الملك الذي قرر أن يكون 40 نائباً في مجلس الشورى 40 منتخبين. كنا نطالب بما يسمى بــِ"دستور عام 1973" في البحرين الذي كان ينص على أن ثلثي المجلس النيابي يتم انتخابهم بتصويت الشعب والثلث المتبقي يتمثل بالوزراء تماماً مثل دولة الكويت.

وما لبثت جمعيتنا أن شاركت عام 2006 حيث لم يحالفني الحظ لأسباب كثيرة في الوصول إلى البرلمان. كان دستورعام 1973 دستوراً متقدما ً ولا أقول متطورا ً جدا ً. فهناك مجموعتان أحدهما منتخبة والأخرى مُعيَّنة تعييناً. ورئيس المجموعتين هو رئيس المجموعة المُعيّنة. فحتى لو كان الأربعون منتخبين ديمقراطيا ً فإن المعينين يكونون أكثر سلطة وهم من يحسمون المواقف. نحن لا نطالب بدساتير متقدمة جداً كما في الدول الغربية ولكن على الأقل أن يصبح دستورنا كالذي في دولة الكويت. لقد وصلت طموحاتنا من التواضع بحيث نطالب بما هو عليه الكويت الآن، والتي أعتقد أنها تتمتع بأفضل تنظيم سياسي في منطقة الخليج.

في رأيك، ما هي أهم أسباب عدم فوزك بمقعد برلماني عن الدائرة الرابعة عام 2006؟​​

فخرو: أهم الأسباب أني أنتمي إلى جمعية "وعد" وهي جمعية معارضة تطالب بإصلاحات دستورية وتقليص عدد الدوائر والمساواة بين الناخبين وأعتقد هذا لا يعجب النظام خاصة ً إذا صدر من التنظميات السياسية التي لا تفرّق بين رجل أو امرأة، بين سني أو شيعي، أي مثل التنظيمات السائدة في الدول الغربية والمتقدمة. النظام لا يريد لهذا الشكل المستقبلي أن يتشكل بصورة أشخاص متواجدين في البرلمان.

أنت مرشحة من جديد لعضوية البرلمان وسيتحدد ذلك في الانتخابات التي ستقام في الثالث والعشرين من أكتوبر الجاري 2010. ما أهم مطالبكم التي طرحتموها في تدشين خيمتكِ الانتخابية يوم الخميس الثلاثين من سبتمبر 2010 والتي أعلنتِ عنها شخصياً أيضاً من خلال موقعك ِ على فيس بوك؟

فخرو: هي المطالب التي تنادي بها فئة المعارضة كلها، ألا وهي إصلاح الدستور وإصلاح عدد الدوائر الانتخابية. نطالب بتقليص الدوائر الانتخابية من أربعين دائرة إلى خمس دوائر تماماً كما حدث في الكويت. بلدنا هو البلد الوحيد ربما في كل العالم الذي فيه مراكز انتخابية متقاربة بشكل كبير جغرافياً. بحيث بإمكان المرء أن يمشي خمس دقائق من أية دائرة ليصل دائرة انتخابية أخرى. وهناك دوائر واقعة خارج المنطقة المقررة. وبعد أن تم إزالة العناوين من البطاقات السكانية أصبح هناك من يأتي من خارج الدائرة للتصويت ومن هنا صار التزوير سنة 2006. وقد حدث ذلك في عشرة مراكز انتخابية. لقد طالبنا بإزالة المراكز الانتخابية باعتبار أن البحرين بلد صغير جداً.

فعلى سبيل المثال في دائرتي نفسها تسعة مجمعات، وفي إحداها عدد الناخبين 148 فاكتشفنا أن في هذا المجمع ليس فيه بيوت. كيف جُلِبَتْ هذه الأصوات؟ قيلَ لنا غلطة. إن تلك لم تكن خطأ ً. لقد استخدمنا محرك بحث الخرائط "غوغل إرث Google Earth" ووجدنا أن الأرض كانت فارغة في ذلك المجمع. وقد رفعنا ذلك إلى المحكمة، غير أن الجهات الرسمية تراجعت وقالوا إنهم صححوا الوضع. كما أنّ صوري التي أستخدمها في الدعاية الانتخابية تم إزالتها من قِبَل ِ البلدية. البلدية أنكرت. غير أنّ عندنا صوراً تثبت ذلك والحكم سيصدر يوم الإثنين حول ذلك.

كامرأة، ما هي أهم الصعوبات التي وقفت أمامك وحالت دون وصولك للبرلمان عام 2006؟

فخرو: أنا كامرأة لم أجد صعوبات فأنا أشتغل منذ خمسة وعشرين في الجامعة ومنخرطة منذ أكثر من أربعين سنة في العمل الاجتماعي ولي باع طويل في الكتابة حول ذلك. انتخبني الرجال والنساء. ولكن القضية أن النظام لا يريد أن تكون النوعية الليبرالية أكثر بروزاً مما هي عليه. لقد تساويت في عدد الأصوات مع العضو البرلماني السابق ولم تـُـتـَح الفرصة لانتخابات دور ثان ٍ. لقد جاؤوا بأصوات من خارج الدائرة وهي تتمثل بالمراكز الانتخابية العشرة التي ذكرتها، وبالتالي تفوّق عليّ المنافس بهذه الأصوات.

هل تخشين أن تتكرر هذه التجربة في انتخابات 2010؟

فخرو: دعنا ننتظر يوم الانتخابات في الثالث والعشرين من أكتوبر وسنرى. لا أحب أن أحكم على الأشياء قبل حدوثها. ونتمنى أن تكون الحكومة حيادية. بلدنا صغير وكل شيء سيظهر.

هل أنت ِ أكثر تفاؤلاً هذهِ المرة؟

فخرو: أنا أكثر ثقة. التفاؤل هو في يد النظام إذا أراد أن يكون على الحياد أم لا.

هل من فرق بين تحضيراتك ِ للانتخابات عام 2006 عن تحضيراتك ِ في هذا العام 2010؟

فخرو: التحضيرات نفسها. فأنا الآن مرشحة في الدائرة الانتخابية ذاتها. وأكثر أنصاري هم من الشباب المتطوعين. والكثير يعرفون أني انظلمت في الانتخابات السابقة. رغم ذلك فأنا موجودة على الساحة سواء داخل البرلمان أو خارجه وأتكلم بحرية. نبذل الجهد ذاته، غير أن "الحرب الانتخابية" ضدنا قوية جداً.

ما هي فائدة مطالبتكم بتقليص عدد الدوائر إلى خمس دوائر بدلاً من أربعين دائرة ؟

فخرو: الفائدة أن الناخب ينتخب أربعة بدلاً من أن ينتخب عضواً واحداً. وبالتالي سيكون هناك فُرَص للمستقلين والنساء بالوصول إلى البرلمان. وبمثل هذا النظام وصلت النساء إلى البرلمان في الكويت وبقوة. وبالتالي الانتخاب يكون للأفضل .

ما أهم نقاط برنامجك الانتخابي؟

فخرو: هو برنامج "وعد" الانتخابي والذي يشبه كثيراً الانتخابات 2006 بالإضافة على بعض التغييرات. كالإصلاح القضائي وأيضاً القضاء وإصلاح التعليم. ولكن الأولوية تأتي للإسكان، فلدينا مشكلة كبيرة ألا وهي "التجنيس السياسي" القائم على التمييز والطائفية. فيتم جلب الكثير من العرب السنة لموازنة الفرق في عدد السكان وتكون الأفضلية لهم. لأن الطائفة الشيعية متفوقة عددياً، فتم تجنيس أعداد كبيرة من العشائر من سوريا والأردن وجنوب اليمن بالآلاف وتم منحهم الجنسية البحرينية سواء في الجيش أو قطاع الدفاع أو الداخلية. ويعطون بيوتا. وبالتالي صار عندنا مشكلة إسكانية كبرى، حيث أكثر من أربعين ألف أسرة على قائمة الانتظار. فهذه إشكالية كبيرة لأن فيها تمييز وفيها طائفية.

هل من إحصائية عن نسبة الشيعة في البحرين؟

فخرو: ليس هناك إحصائية رسمية ولكن كان يقال في الثمانينيات أن نسبتهم تصل إلى سبعين في المائة. وكأستاذة جامعية لا أستطيع أن أعطي رقماً غير حقيقي، لكن نسبة الشيعة في البحرين قلت مع "التجنيس السياسي".

هل تعتبرين نفسك ِ يسارية؟ ما هو توجهك ِ الفكري؟

فخرو: لا، لم أكن في عمري يسارية. أنا ليبرالية، كما أن كلمة "علمانية" كلمة ممقوته في منطقة الخليج. نحن نسمي أنفسنا ليبراليين ونحن منفتحون على التقدم الحاصل في كل مكان وبالذات في الغرب.

إذاً ما هي خلفية التعاون السياسي بينكم كـلـِـبراليين وبين الإسلاميين الشيعة؟ ما الذي يجمعكم؟​​

فخرو: هناك من يقول أن بيننا تحالفاً. لكن الأمر ليس بهذا الشكل. بل إنّ بيننا أموراً مشتركة. مثلا ً في ملف ما يسمى الاستيلاء على الأراضي وهو ملف يتم النظر فيه الآن في البرلمان. ولكن حتى السلفيون السنة هم يؤيدوننا في هذا الموضوع. في الوقت ذاته هناك ملف الإسكان الذي هو مطلب شعبيّ، لا سني ولا شيعي. بيننا، الليبراليين، وبين والإسلاميين الشيعة ملفات كثيرة مشتركة. إلا أننا نختلف في أشياء كثيرة. فبالنسبة لطرحنا لقضايا المرأة نختلف معهم فيها كثيرة. فـقبل سنوات مثلا ً كنا نتظاهر كنساء مطالبات بقانون أحوال شخصية متطور ومتقدم. وكان عددنا ألف مثلا ً وعددهم أربعةَ عشر ألفاً، كنسبة تقريبية. وهذا لا يمنع أن نتوافق في ملفات مطلوبة لدى الناس. بل والناس في أشد الحاجة لها ومن أهمها إصلاح التعليم والصحة وغيرها ولكن القضية الإصلاحية تأتي في أولويات جميع الفئات في البحرين.

يعني أن أهم نقطة في برنامجكم هي قضية إزالة ما يعرف بــ "التجنيس السياسي". ولكن ألا تضم جمعيتكم جميع الطوائف البحرينية؟

فخرو: نعم، فلا تمييز بين رجل وامرأة، ولا تمييز بين سني أو شيعي أو حتى من جنسيات عربية مختلفة. وعند جلوسنا على طاولة الحوار فإنه من البديهي أن لا يفكر أحد بكوننا رجالاً أم نساء ً أو من طائفة أحدنا. إنها مسألة منهية بالنسبة لنا.

وهل ينتمي إلى حزبكم مـُجــنــّســون عرب أيضا ً؟

فخرو: يا ليت أن يحدث ذلك. نحن نقبل بأي شخص يؤمن بأفكار جمعية "وعد". نحن لسنا ضد التجنيس، فكل دول العالم تــُـجَنِّس ولكنهم يـُـجَنِّسون بعد فترة من وجود الشخص وبعد طلب وبعد أن تـــُــعرَف منفعته لهذا البلد وينتخب بعد فترة من الزمن أو بعد أخذه الجنسية. ولكن عندنا في البحرين يتم منحهم بسرعة الجنسية وحق الانتخاب وقد حدثت إشكاليات كثيرة من وراء ذلك. نحن لسنا ضد التجنيس بحد ذاته، بالذات التجنيس العربي ّ، بل نرحب به. نحن ضد "المجنسين سياسيا ً وطائفيا ً" الذين تكون لهم الأولوية على حساب وظائف البحرينيين وبيوتهم. لماذا لا يثق النظام في فئة كبيرة من أبناء شعبه ويضعها في أماكن حساسة في قطاعات مثل الجيش والدفاع؟

أجرى الحوار: علي محمد محمد

مراجعة: عبده جميل المخلافي