"نظام الدولة الإسلامي يؤدّي وظيفته"
شجّعت ماليزيا في الإعوام الماضية أسلمةالمجتمع. وهو أمر أدى الى نقاشات كثيرة حول العلاقة مع الأديان العديدة الأخرى الموجودة في هذا البلد. ناشطان ماليزيان مسلمان يتحدثان في الحوار التالي عن الديمقراطية وأسلمة المجتمع.
في مجتمع تعدّدي مثل المجتمع الماليزي، الذي تعيش فيه الكثير من الأديان بجانب بعضها البعض، أَلا تسهم أسلمة السياسة في انقسام المجتمع؟
هاتا رملي: إنّ المجتمعات منقسمة انقسامًا دائمًا، على امتداد الخطوط الاقتصادية مثلا. لكن يوجد قبل كلّ شيء حدود دينية وعرقية. بيد أنّنا لم نشاهد حتى الآن في ماليزيا أيّة نزاعات دينية كبيرة، لكن وقعت عندنا في عام 1969 أعمال عنف نجمت عن أسباب عرقية. وقد حدث ذلك نتيجة عدم التوازن الاقتصادي الكبير.
نحن كحزب إسلامي لم نقم بدعم أيّ انقسام. كما أنّنا نناضل من أجل أصوات الناخبين المسلمين وغير المسلمين.
فريد شاهران: لا أعتقد، أنّنا نعمل على انقسام المجتمع. نحن نعتبر القيم التي ندافع عنها والتي نبني عليها عملنا قيما صالحةً عالميًا. وهذه القيم تصلح للمسلمين تمامًا مثلما تصلح لأشخاص يتّبعون ديانات أخرى. بالطبع تبقى خلفياتنا إسلامية، لكنّنا لا نحاول إقناع أيّ أحد بمعتقدنا أو نساهم في خلق العداوات. نحن نسعى إلى تحسين التعايش والألفة ما بين البشر، وتحديدًا بمعزل عن الدين.
هناك الكثير من الأحكام المسبقة المناوئة لأسلمة المجتمع، تظهر بصورة خاصة من خلال الخطاب الدعائي للـ"حرب على الإرهاب". د. شاهران هل تعتبرون النقد الذي يوجّه لكم والقيود التي تفرض عليكم كحركة إسلامية سواء من جهات داخلية أو دولية أمرًا غير منصف؟
شاهران: يتبلور الميل إلى وصف جميع المسلمين بصفات تقليدية مقولبة من خلال الأحكام المسبقة في وسائل الإعلام الغربية ولكن أيضًا في بعض المناقشات المحلية. لا يمت العنف إلى العقيدة الإسلامية بأيّة صلة. ثمّة أسباب كثيرة لنشوء التطرّف والإرهاب، لكن دائمًا ما تكون هذه الأسباب ذات خلفيات سياسية وليست دينية. من المؤسف أنّ بعض الجماعات الإسلامية تقوم بالربط ما بين النزاعات والدين.
نحن نشعر أيضًا بالأحكام المسبقة، إذ يتم إسقاط الشعور بالخوف والارتياب علينا. بيد أنّنا لسنا متطرّفين ولا توجد لدينا في الأصل كمنظّمة إسلامية أيّة مشاكل في نشاطنا الذي نقوم به.
هل تستطيع ماليزيا باعتبارها بلدًا متعدّد الأديان أن تؤسّس أشكالا علمانية ضمن نظام الدولة الإسلامي على الرغم من ذلك؟
رملي: إنّ هذا النظام الراهن يؤدّي وظيفته. ونحن لا نعتقد أنّ العولمة هي النهج الصحيح. نحن نريد أن نعمل ونعيش مع أناس متديّنين، ونعتقد أنّ ذلك يكوّن نظامًا من القيم، لا يمكن الاستغناء عنه في سياستنا.
شاهران: من الممكن للإسلام أن يتعايش مع كلّ ديانة، وهذا هو مبدأ الدين. نحن نركّز على تعزيز قوّة مجتمع المسلمين. وهذا لا يعني أنّنا نسعى إلى إضعاف الآخرين، كما نسعى كذلك إلى المساهمة في فهم أفضل، ولكن ليس إلى عولمة النظام.
ما هي التجارب التي خضتموها فيما يخص الحوار بين العالمين الإسلامي وغير الإسلامي؟
شاهران: لا يعني الحوار بالنسبة لي إبراز الأمور المشتركة فقط. ثمة اختلافات كبيرة في التفسير ما بين الدين والتديُّن. في الغرب يعتبر الدين أمرًا شخصيًا، لكنّ الأمر يتعلّق بالنسبة لنا كمسلمين بأسلوب معيشي. لهذا السبب يدخل الإسلام في كلّ مجالات الحياة. لذا يجب أن يشمل الحوار الاختلافات في المضمون. هكذا فقط يمكن للحوار أن يكون حوارًا مثمرًا.
لقد أجريتم في ألمانيا اتّصالات وثيقة مع المجتمع الغربي، والمجتمع الأوروبي. فما هي انطباعاتكم الشخصية؟
رملي: ثمة في ألمانيا باعتبارها جزءا من أوروبا شعور قوي بالتضامن، الشعور بـ"الاتحاد الأوروبي!" وفي الوقت ذاته يتم استقبالنا بخوف من الإسلام والشريعة، فالناس يخشون من طموحاتنا السياسية. لكن ألمانيا تسعى بجدّية الى الحوار، ليس فقط بسبب وجود توتّرات داخلية مع بعض المسلمين. كذلك باستطاعة تركيا كبلد مسلم أن تسهم في تفعيل هذا الحوار، الأمر الذي قلّما يتم طرحه للنقاش.
شاهران: تعتبر ألمانيا والاتحاد الأوروبي لدى الكثير من المسلمين بمثابة الأمل الذي يوفّر إيجاد قوّة مضادة للقوّة العظمى المتمثّلة في الولايات المتّحدة الأمريكية. ينبغي على ألمانيا أن تتخطّى المشاكل الدينية والثقافية مع المسلمين في البلاد.
أجرت حوار أنّا تسفينغر
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2006
يعتبر الدكتور هاتا رملي عضوًا قياديًا في الحزب الماليزي المعارض، " الحزب الإسلامي الماليزي" PAS، الذي يعمل من أجل أسلمة واضحة للمجتمع الماليزي.
يعتبر الدكتور فريد شاهران عضوًا في المنظّمة غير الحكومية "حركة الشباب المسلم الأندونيسية" ABIM، التي تعمل في مجال التعليم والشؤون الاجتماعية من أجل تحسين المجتمع المدني.