القرآن من أجل الإنسان
درس علي مبروك في هذا البحث، نوعيّة علاقة المتقبّل بالقرآن؛ حيث بيّن، ههنا، أنّ استدعاء القرآن واستعماله في الحياة اليوميّة، يقضي على حيويّته، وبالمقابل، فإنّ حضور القرآن الحيّ، يكون في مستوى التعلّق بالمفاهيم والظواهر المؤسِّسة له، وهذا ما يؤكّد وجود خطابيْن في القرآن: الخطاب التاريخي؛ التحديدات والجزئيّات، والخطاب "المتجاوز"؛ المعبّر عن معاني الشمول والكلّية. ثمّ تفحّص المؤلّف الأحكام القرآنيّة في صلتها بالثالوث العُقَدي؛ الوحي، والعقل، والواقع، (مثل أحكام توزيع الغنائم، وشارب الخمر، والرقّ)، ذلك أنّ الحُكم القرآني، قابل للتطوّر في اتجاه التعبير عن مقاصد المشرِّع، (أورد المؤلّف مثال: تحرير الرقيق، حسب المقصد القرآني). ثمّ وقف صاحب الفصل على المنطق المتحكّم في ظاهرة الوحي، خاصّة وأنّ دراسة من هذا القبيل ممكنة، بما أنّ تاريخ الوحي انتهى واكتمل، وبيّن كيف أنّ الوحي ظاهرة إنسانيّة، لا ترتبط بأديان محدّدة، بما أنّه يعبّر عن تصوّرات وتمثّلات للوجود الإنساني، ويعني ذلك؛ أنّ صور الوحي توافق الأوضاع الإنسانيّة التي تنجم فيها تلك الصور، وفي هذا السياق؛ وضّح المؤلّف إمكانيات "التجاوز التأويلي"، التي يتميّز بها الوحي المحمّدي، فضلًا عن أنّ الوحي معبّر عن المعرفة الإلهيّة، ثمّ نبّه المؤلّف إلى أنّ مفهوم (التنجيم)، نزول القرآن على مراحل زمانيّة، من ناحية، ومفهوم (النسخ)، من ناحية أخرى، يقيمان البرهان على حقيقة التفاعل بين القرآن والواقع، وختم المؤلّف هذا البحث، بالنظر في مسارات انتقال الوحي إلى قرآن، ثمّ إلى نصّ (المصحف أو الكتاب).