"لا غنى عن التعاون الوثيق مع مسلمي ألمانيا"

تحاول الهيئة الاتحادية لحماية الدستور انشاء شبكة لتبادل المعلومات مع ممثلي الرابطات الإسلامية بهدف توفير أرضية تعاون مشتركة مع مسلمي ألمانيا . رئيس هيئة حماية الدستور هاينز فروم يتكلم في التقرير التالي عن مهمة مؤسسته

بعد سلسلة من الهجمات الإرهابية في أماكن مختلفة من العالم كنيويورك ولندن ومدريد أخذت أجهزة الأمن الألمانية، كنظيراتها في البلدان الأخرى تشعر بالقلق من استدراج بعض المسلمين، الذين يعيشون على أراضيها، للوقوع في فخاخ الجماعات الإسلامية المتشددة، وهو ما دفع الحكومة الألمانية وغيرها من الحكومات الأوروبية الأخرى إلى البحث عن سبل لإيقاف وإفشال مثل هذه الهجمات على أراضيها وتعطيل أنشطة الشبكات الإرهابية، التي تجتذب بعض الأشخاص نحو الإرهاب.

يذكر أن هذا كان احد محاور اجتماع وزراء العدل والداخلية لدول الاتحاد الأوروبي في العام الماضي، والذي أقر فيه المجتمعون الأوروبيون آنذاك إستراتيجية للوقاية من ما أطلقوا عليه "تصاعد خطر التطرف الإسلاموي".

يذكر أن ألمانيا لم تكن بمنأى عن خطر الإرهاب الإسلاموي، فقد تمكنت أجهزة الأمن الألمانية في الشهور الماضية من إحباط عدة محاولات لشن هجمات إرهابية، كانت أولها على متن احد القطارات في مدينة كولونيا الألمانية وأخرها على متن طائرة إسرائيلية في فرانكفورت.

تأثر صورة المسلمين في ألمانيا

ويبدو أن هذه الإجراءات الوقائية الألمانية قد ألقت بظلال كبيرة على صورة المسلمين في ألمانيا، الأمر الذي دفع وزير الداخلية الاتحادي شويبله من خلال عقد المؤتمر الإسلامي الأول في برلين إلى تحذير المجتمع الألماني من مغبة وضع المسلمين في زاوية "الشبهة الجماعية". أما هاينز فروم، رئيس الهيئة الاتحادية لحماية الدستور في ألمانيا، الذي أجرى راديو دويتشه فيله لقاءا معه، فيرى أن خطر الإرهاب "لا يأتي من الجاليات المسلمة، بل من بعض الأشخاص الذين يحاولون توظيف الإسلام لمصلحة أهدافهم السياسية."

وفي معرض وصفة لهؤلاء الأشخاص يقول فروم: "هؤلاء الأشخاص يقودون صراعاً عالمياً وهم يحاولون بذلك فعل الشيء نفسه في ألمانيا." الجدير بالذكر أن الهيئة الاتحادية لحماية الدستور تركز على الكشف عن كيفية التحاق بعض هؤلاء الأشخاص، الذين يعيشون في ألمانيا او يهاجرون إليها، ببعض الجماعات ذات النشاطات الإرهابية والأسباب التي تدفعهم لذلك. وفي هذا السياق يقول فروم:

"النتائج التي تم التوصل إليها لم تستطع تحديد باعث يمكن تطبيقه على جميع الحالات، بل إنها تبرز ظواهر متعددة". فمن جانب، هناك بعض الأشخاص الذين يدرسون في ألمانيا وقد اتوا ببعض مواقفهم الإسلاموية، التي أصبحت خطراً محدقاً كمنفذي هجمات 11 سبتمبر او المخططين لهجمات القطارات في كولونيا الألمانية. ومن جانب آخر هناك بعض الأشخاص الذين يعيشون في المجتمعات الغربية منذ جيل أو جيلين وهم على معرفة تامة بطبيعة البلاد، وهم يشكلون كذلك خطراً اكبر كما حدث في بريطانيا."

مد جسور الثقة مع المسلمين

لا يساور فروم الشك في أن عدد الأشخاص الذين يشتبه بقيامهم بنشاطات إرهابية قليل، وأنهم لا يشكلون خطراً على دولة القانون في ألمانيا. إلا أن ذلك لا يعني بالطبع التقليل من احتمالية حدوث هجمات إرهابية، الأمر الذي يتطلب من أجهزة الأمن الألمانية القيام بإجراءات وقائية مضادة. وفي إطار عملها تأخذ الهيئة الاتحادية لحماية الدستور على عاتقها عدم ربط ذلك بحق المسلمين في ألمانيا من ممارسة شعائرهم الدينية.

وتركز الأجهزة الأمنية الألمانية بالدرجة الأولى على جمع المعلومات عن بعض الأشخاص المشتبهين كإجراء وقائي. وعن طريقة جمع المعلومات يقول فروم انها "تجري من خلال مصادر عدة وطرق مختلفة لا تتعارض مع القوانين الألمانية."

ومن أجل توفير أرضية للثقة بدأت هيئة حماية الدستور بالتعاون مع بعض الروابط الإسلامية في ألمانيا كالاتحاد الإسلامي التركي والمجلس الأعلى لمسلمين ألمانيا بهدف إنشاء شبكة من المسئولين الذين يتمتعون بالمصداقية في الجاليات الإسلامية وآخرين من الأجهزة الأمنية. وستأخذ هذه الشبكة على عاتقها العمل على التقليل من الأحكام النمطية والمسبقة ودعم الثقة بين الطرفين.

التعاون الإستخباري مثار للنقد

ومن جانب آخر فإن ألمانيا تعتمد كذلك بشكل كبير على التعاون الإستخباري مع أجهزة الأمن في الدول الأخرى. غير أن هذا التعاون كان قد أثار مؤخراً نقاشاً حاداً في الأوساط السياسية الألمانية، لان بعض المعلومات التي تحصل عليها ألمانيا من بعض شركائها تنتزع بالقوة وباستخدام العنف الجسدي والنفسي.

ويعلق فروم على هذه الإشكالية قائلا: "أنا على قناعة تامة من أن جميع المعلومات التي نحصل عليها تعتبر ذات أهمية كبيرة بالنسبة لألمانيا. ونحن كجهاز أمني علينا الاستفادة منها. أما استخدامها كأدلة شرعية في المحاكمة فهذه قضية أخرى".

عماد م. غانم
دويتشه فيلله 2007

قنطرة

الدستور هو الأساس!
يؤكد هاينر بيليفيت في الحوار التالي على ضرورة الالتزام بحقوق الإنسان في زمن تضحي فيه العديد من الدول الأوربية بهذه الحقوق من أجل مصالح أمنية، كما ادلى بموقفه في الخلافات الدائرة حول الحجاب في المدارس الحكومية الألمانية