العمل المشترك في خدمة السلام

لا يعتبر شتيف فيرتهايمر شخصا يؤمن بالرؤى المجردة، بل إنسانًا براغماتيًا يؤمن بالقوة الإيجابية للعمل المشترك كأساس يقوم عليه التفاهم بين الشعوب. فيرتهايمر حصل مؤخرًا على ميدالية "بوبر روزنتسفايغ" اعترافا وتكريما لجهوده في دعم للسلام. إيغال أفيدان يعرِّفنا به.

​​تنقسم حياة شتيف فيرتهايمر إلى ثلاث مراحل معيشية. بدأت المرحلة الأولى من حياته في العام 1926 عندما ولد في منطقة كيبِّنهايم في إقليم بادن الألماني لأسرة يهودية عادية كانت تدير مطعمًا ومحلاً للقصابة ومطحنة، بيد أنَّ كل هذا لم يساعد أسرته في البقاء بعدما أمسك أدولف هتلر بزمام الحكم. هاجرت أسرة فيرتهايمر في عام 1937 هربًا من النازيين إلى تل أبيب، حيث بدأ حياة جديدة. كذلك كان يوجد لديه في طفولته رؤى صناعية. ففي كتاب تذكاري أهداه أصدقاؤه له بمناسبة عيد ميلاده الثمانين - نجد مخططًا لمركز صناعي رسمه شتيف فيرتهايمر في ربيعه الثاني عشر.

وبعد بضعة أعوام أصبح الطفل اللاجئ شتيف جنديًا في الجيش البريطاني وقد طوّر أثناء الحرب العالمية الثانية أسلحة نارية. كذلك استغلّ فيما بعد ملكة الاختراع والاكتشاف هذه في العمليات العسكرية التي كانت تقوم بها المنظمات السرية اليهودية ضدّ الاستعمار البريطاني.

وبعد تأسيس دولة إسرائيل أدار قسمًا في شركة "رفائيل" للتصنيع العسكري التابعة للدولة. وفي عام 1952 تم طرده من عمله بسبب عدم حصوله على مؤهّلات تعليمية. فأقام ورشة صغيرة لصناعة الأدوات المعدنية في كوخه الخشبي وذلك لكي يتمكّن من إعالة زوجته وطفليه.

"العمل نهارًا والصلاة ليلاً"

أقام مجلس التنسيق التابع للجمعيات المسيحية اليهودية احتفالية "أسبوع الأخوة" لهذا العام تحت شعار "من لا يؤمن بالمعجزات لا يعتبر واقعيًا" - اقتباس اقتُبس بالصدفة عن مؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن غوريون؛ بلغت ذروة هذه الاحتفالية في منح ميدالية "بوبر روزنتسفايغ" إلى شيتف فيرتهايمر. بيد أنَّ رجل الأعمال شيتف فيرتهايمر لا يؤمن بالمعجزات، بل يؤمن بالأثر الإيجابي للعمل الذي يجمع الناس.

سأله منظِّم الاحتفالية على خشبة المسرح التي منح عليها هذه الميدالية عما إذا كان يريد قول شيء ما حول موضوع الدين الذي يهم الكثيرين من المشاركين في الاحتفالية. فأجابه فيرتهايمر بشكل مقتضب ولكن يحمل الكثير من المعاني: "أنا أقول دائمًا لكي أكون صريحًا: إنَّ عليهم العمل نهارًا والصلاة ليلاً".

وفي المرحلة الثانية من حياته أدار شركتين صناعيتين ناجحتين، أي شركتي "إسكار وليحاويم" Iscar & Lehavim العالميتين لتصنيع الصلب اللتين كانتا تصنِّعان بالتعاون مع شركة أمريكية شفرات المراوح وفراشات الطوربينات للطائرات النفاثة والمحركات.

السلام من خلال توفير فرص عمل

حاول فيرتهايمر في المرحلة الثالثة من حياته دفع عملية السلام إلى الأمام وذلك من خلال توفير فرص عمل. لهذا السبب انضم إلى حزب الوسط الليبرالي "داش أن Dash an" وفي عام 1977 أصبح عضوًا في الكنيست الإسرائيلي. ترك هذا الرجل الصناعي في العام 1981 الكنيست بعدما ضاق ذرعًا بالنقاشات التي لا تنتهي حول مواضيع الأمن والمعونات المالية، ليؤسّس بعض المناطق الصناعية في الجليل وفي صحراء النقب.

قام فيرتهايمر بعد تعرّضه لحادث مرور خطير في عام 1983 بنقل إدارة مصنعيه إلى ابنه إيتان. ومنذ ذلك الحين يقوم فيرتهايمر في المناطق الصناعية الست بدعم المصانع والمعامل الصغيرة في مرحلة تأسيسها، كما أنَّه يقدِّم الدعم أيضًا للمشاريع العربية اليهودية إذا كانت تنتج منتوجات جيّدة من حيث إنتاجها وتسويقها.

نذكر من هذه المصانع والمعامل الصغير مثلاً معمل "جميلة خير" المعروفة في إسرائيل باسم "الجدة جميلة"؛ تنتسب هذه السيدة العربية البالغة من العمر 68 عامًا إلى أسرة معوزة. لهذا السبب كانت تصنع في بيتها من زيت الزيتون صابونًا طبيعيًا لكي تعيل عائلتها. وهكذا سألها فيرتهايمر عما إذا كان بإمكانها تصنيع المزيد من الصابون، في حال ازداد الطلب عليه: "ثم منحناها محلاً في منطقتنا الصناعية وساعدناها قليلاً في الدليل الصناعي الأول وقدّمنا لها النصائح حول كيفية تحسين تغليف منتجاتها والعمل أوتوماتيكيًا بغية زيادة معدل الإنتاج".

حققت جميلة نجاحًا في عملها وأعادت أطفالها المقيمين في الخارج إلى البلاد. يقول فيرتهايمر: "أنا فخور جدًا بهذه السيدة التي تدير معملاً يعمل به من عشرين إلى ثلاثين فردًا من أفراد عائلتها. لقد كانت قبل خمسة أعوام امرأة وحيدة في بيتها، لم تكن تعلم كيف تسوِّق الصابون الذي تنتجه".

اعتراف وتقدير لشخص يبذر بذار السلام

لقد جلب تعاون فيرتهايمر مع جميلة لهذا الرجل الصناعي اليهودي ولهذه السيدة العربية اعترافًا وتقديرًا على المستويين الرسمي المحلي والدولي. يعتبر منح ميدالية "بوبر روزنتسفايغ" للإسرائيلي شتيف فيرتهايمر أيضًا بمثابة تقدير لدولة إسرائيل. يأمل رجل الأعمال البراغماتي فيرتهايمر من ألمانيا المساهمة في توطيد السلام في قطاع غزة وفي الضفة الغربية من خلال تقديم المعونات التقنية في تأهيل وتدريب الفلسطينيين صناعيًا وتحسين الوسائل الصناعية لديهم، إذ إنَّ ذلك سوف يضمن - حسب رأي فيرتهايمر - لكلٍّ من الفلسطينيين وكذلك للإسرائيليين مستقبلاً أكثر سلامًا.

إيغال أفيدان
ترجمة: رائد الباش
قنطرة 2008

قنطرة

حوار مع كريم آغا خان:
فلسفة معمارية للفقراء
كريم آغا خان إمام الطائفة الإسماعيلية وزعيمها الروحي المعروف بثروته الطائلة وصاحب المشاريع المعمارية الإسلامية العديدة رجل ذو معرفة أيضا بالفن المعماري. حوار مع آغا خان عن بدايات اهتماماته بالفن المعماري وبالفلسفة الكامنة وراء مشاريعه.

مشروع دولي ـ مصري لتنمية حي الدرب الأحمر:
مزابل تتحول الى حدائق في القاهرة
يشهد حي الدرب الأحمر الواقع في قلب القاهرة القديمة مبادرة متميزة من مؤسسة أغا خان، الصندوق المصري السويسري للتنمية، بنك التعمير الألماني ومؤسسة فورد ومحافظة القاهرة بهدف تنميته وخاصة أنه يعد من أفقر مناطق القاهرة وأكثرها ازدحاما. نيللي يوسف قامت بزيارة للمشروع.

روبرتو شويلي
مثال نموذجي للتبادل الثقافي
استطاع المسرحي روبرتو شويلي أن يحقق حلمه في الدخول في حوار مع بعض الدول الإسلامية عبر زيارات مسرحية متبادلة ومشاريع مشتركة. بيتر فيليب يعرّف به.