المرأة السعودية- عامل تغيير يحطّم النمطية الشائعة
عندما اتخذت القرار بالانتقال للعيش في فيينا، لم أكن مستعدة للنتائج التي ستكون لمواقفي وسلوكي وآرائي في تشكيل والتأثير على وجهات النظر الأوروبية حول نساء المملكة العربية السعودية، وهي دولة تقف على مفترق طرق بين الحداثة والعولمة والتحرر والتمكين والتراث والتقاليد التي يقدسها شعبها.
وبما أنني أمثل للغرب صورة امرأة سعودية مسلمة متحررة عصرية مفوّهة، فإن الأسئلة التي يطرحها الناس أينما ذهبت مستمرة في أذهاني، فأشعر بالمسؤولية لأن أتصرف كدبلوماسية ثقافية ذاتية التعيين لشرح ما يعنيه كوني سعودية بالنسبة لي، وللعديد من النساء السعوديات في عملية جَسر الفجوة بين بلدي والعالم. زارتني مؤخراً صديقة سعودية تلبس الحجاب في فيينا، وطُرِح علينا السؤال، لماذا تغطي واحدة منكم شعرها بينما لا تغطيه الأخرى؟
أنه لسؤال مثير للاهتمام. وليست الإجابة فريدة لدى المسلمين. لدى أتباع المسيحية واليهودية كذلك توقعات حول لباس النساء (والرجال)، الذي يختلف من مجتمع إلى آخر، بل ومن أسرة إلى أخرى. سُئلتُ كذلك ماذا نلبس تحت "العباية" التي تلبسها النساء السعوديات في الأماكن العامة، وما شكل مكان عملنا، وكيف نتعامل مع أسرنا وأصدقائنا. بعكس الشعور بالإحباط من هذه الأسئلة، أعتقد أن هذه التفاعلات الاجتماعية ضرورية وأساسية في تحطيم الصور النمطية الشائعة حول المرأة السعودية.
تعطش لأخبار السعوديات
تعتبر الإجابة عن الأسئلة العديدة من أناس مصابين بالفضول الصادق حول كيف نعيش وما نفعله في حياتنا اليومية، أمراً مهما في عصر تعتبر فيه أية أخبار تتعلق بالمرأة السعودية على رأس العناوين في النيويورك تايمز والسي إن إن والبي بي سي والعربية، وغيرها، وتؤثر على الرأي العالمي في بلدي وشعبه.
يجري ذكر النساء السعوديات في الأخبار أسبوعياً تقريباً، وخاصة فيما يتعلق بحقّنا في قيادة السيارة إلى المشاركة في برامج تلفزيون الواقع إلى كيفية تعاملنا مع رجال يبيعون الثياب الداخلية المثيرة في المتاجر السعودية. الإعلام عطِش لنشر صورنا وآرائنا وحياتنا وتجاربنا.
يزعج هذا النوع من الانكشاف بعض السعوديين الذين يشعرون بالإهانة من تعليقات القراء الملونة بالحقد والتصوير النمطي السلبي، بينما يرى آخرون هذا الانكشاف على أنه توجه إيجابي. غير أن توليد ردود الفعل المتنوعة هذه، ومحاولة الحصول على تغذية راجعة، سلبية أكانت أم إيجابية، هي الأساسية في الحوار الاجتماعي والتي تمهد الطريق لقبول مستقبلي هناك حاجة يائسة له في كافة مجتمعاتنا.
تغير بطيء
يرفض بعض المفكرين السعوديين العصريين الليبراليين حتى في المملكة العربية السعودية آراء النساء السعوديات في الإعلام. على سبيل المثال، يناقش بعض المعلقين السعوديين بأن وجود بعض السعوديات الشابات على برنامج تلفزيون الواقع الأخير على قناة MTV يعكس صوراً نمطية سالبة عن الدولة، بينما يخالفهم آخرون الرأي حول درجة الليبرالية التي تسمح للنساء السعوديات بالإعراب عن آرائهن من حيث المبدأ، إلا أن هذه لا تعدو كونها بعض الآراء المتنوعة الموجودة في السعودية.
المثير للاهتمام أنه في كل من المجتمعين النمساوي والسعودي تعتبر حقيقة وجود منابر لإجراء هذه النقاشات تغيراً إيجابياً يوجد مساحة للمرأة السعودية التي تملك الشجاعة لتقول رأيها بصراحة وبهذا الشكل العلني. يمتد التغيير إلى ما وراء هذا المنابر، فعندما أعود إلى الوطن أرى تغييراً بطيئاً ولكنه يثلج الصدر. أجد عدداً متزايداً من النساء يعملن في المستشفيات كممرضات وطبيبات وموظفات استقبال وعاملات هاتف، وأكثر من أي وقت مضى، كصاحبات أعمال مبدعات. يذكرني ذلك بحركة التحرر في أوروبا، حيث بدأت النساء بالتدريج بالانضمام إلى القوى العادلة وأصبحن أكثر انخراطاً في بناء المجتمع المدني.
أنا أومن أن هذا التغيير يحدث لأننا نحن النساء نريده أن يحصل. يشعر عدد لا بأس به من النساء السعوديات اللواتي أحدّثهن أنهن يحتجن لهدف في حياتهن، وبأن إنجاب الأطفال وتربيتهم، وأن تكون المرأة زوجة وربة بيت صالحة لم يعد كافياً. ورغم إيمانهن بأن "وظيفة" الأم لا يجب التقليل من أهميتها، تريد النساء كذلك الانخراط في التغيير الحاصل في المجال العام. لن يسود التغيير الإيجابي، إلا إذا استمرينا كنساء سعوديات في التصريح بآرائنا والتصرف كسفيرات وعاملات تغيير، ينادين بتقدم بطيء ثابت يعكس تقاليدنا وإيماننا وتفانينا للقيام بمساهمات ذات معنى للعالم الذي نعيش فيه.
لولوة أسعد
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية 2010
لولوة أسعد سعودية تعيش في النمسا، وقد عملت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة.
قنطرة
السياسة الخارجية السعودية بعد خمس سنوات من حكم الملك عبد الله:
تحديات متنامية وحيز محدود للمناورة
في السنوات الخمس من حكم الملك عبد الله المنصرمة ابتعدت المملكة العربية السعودية عن أهم حلفائها الولايات المتحدة الأمريكية وانتهجت سياسة إقليمية أكثر نشاطاً من الماضي. لكنها لم تتمكن من وضع حد لصعود إيران إلى قوة إقليمية متنفذة، كما يرى الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبيرغ في هذا التحليل.
الكاتبة والباحثة مي يماني:
مسرح الإصلاح في المملكة العربية السعودية
الملك عبد الله يلقي خطابا في مؤتمر قمة الجامعة العربية في الرياض في 28 مارس/آذار 2007 العجيب أن الملك عبد الله على الرغم من الدور الرائد الذي يضطلع به في التعامل مع الشئون المضطربة التي تعاني منها المنطقة، إلا أنه يبدو عاجزاً عن الاستجابة إلى التأخر السعودي الحاد على مسار الإصلاح الديمقراطي، حسب رأي مي يماني
وضع المرأة السعودية:
"أخيراً أصبح لنا صوت"
تعاني السعوديات من الوصاية، كما يصعب عليهن اقتحام سوق العمل بسبب القيود المتناقضة والمناهضة للنساء التي يفرضها القضاء السعودي فيما يتعلق بحرية الحركة مثلاً، بيد أن الأمور بدأت في التحسن شيئاً فشيئاً. زيلكه روده تستعرض وضع المرأة السعودية وحقوقها.