محتالون أم محتاجون؟

تزداد ظاهرة التسول انتشارا في مصر، وتزداد معها الأساليب والحيل المستخدمة في ذلك، وبات البعض يحترفها كمهنة ويحقق منها مكاسب كبيرة. وتقوم حاليا في مصر عدة مبادرات خاصة لمكافحة هذه الظاهرة لكنها تصطدم بمصاعب عديدة. نيللي عزت تسلط الضوء على هذه القضية.

​​"أنا أرملة ولدي ثلاثة أبناء في مراحل التعليم المختلفة، وأحدهم مصاب بمرض خطير، كما أنني مصابة بمرض في العظام يمنعني من العمل ويحتاج لعلاج شهري مكلف، فساعدوني يساعدكم الله".هذه رسالة مكتوبة على الكمبيوتر ومطبوع منها نسخ عديدة توزعها سيدة على الركاب داخل عربات مترو الأنفاق في مشهد يتكرر بصورة يومية كأحد وسائل التسول الجديدة في المجتمع المصري.

وقد ازداد التسول في الآونة الأخيرة انتشارا في المدن المصرية، وخاصة في القاهرة والإسكندرية، سواء في وسائل المواصلات أم الشوارع والأسواق، كما تطورت أساليبه، ففي الأحياء الراقية مثلا ينتشر شبان وفتيات بملابس أنيقة باهظة الثمن ويستوقفون المارة بأسلوب مهذب ليطلبوا منهم أموالا للعودة لمنازلهم، ويدًعون أنهم نسوا محفظة النقود.

"كرامتي"مبادرة لمساعدة المتسولين

وقد دفع تفشي هذه الظاهرة وأخطارها الاجتماعية ببعض النشطاء الشباب إلى القيام بمشروع وتشكيل مجموعة على الفيسبوك بعنوان"كرامتي" ويعمل القائمون على المشروع على بث روح الكرامة لدى المتسولين، عن طريق توعيتهم، وتوفير فرص عمل لهم. ويروى محمد وفا أحد القائمين على المشروع في حوار مع دويتشه فيله أن الفكرة خطرت له مع عدد من أصدقائه بالجمعية الخيرية "جوانا خير"بعد أن لاحظوا ازدياد عدد المتسولين في الشوارع.

ويقول "إن المشروع خطوة صغيرة على طريق طويل يحتاج إلى موارد مالية وصبر" ثم ينتقد محمد تصرف رجال الشرطة الذين يساعدون أحيانا في نظره على تفشي هذه الظاهرة، حيث يأخذون نقودا من المتسول ليتحرك في شارع محدد، وكأن الأمر على حد تعبيره "تصريح بالتسول".

الاحتياج والاحتيال

ويساهم المركز الثقافي "ساقية الصاوي" في مكافحة التسول من خلال الحملة التي أطلقها تحت عنوان "لا فقر" وتدعو المواطنين إلى وقف التعامل مع المتسولين تحت شعار "لا تمنع المحتاج وتعطي المحتال". وقال المهندس محمد الصاوي مدير الساقية "إننا ندرك استحالة نجاح الفكرة ما لم يساندها كل المؤمنين بأهمية مساعدة المحتاجين الحقيقيين فقط.".

من جهته يرى الخبير الاجتماعي محمد جمال عرفه أن هذه الحملات لن تأتي بأي نتائج إيجابية لأن الفقراء الحقيقيين يتعففون عن التسول، مؤكدا أن تفاقم الظاهرة لن يحل إلا بالقضاء على الفقر ومحاولة توفير عمل لكل فرد، ويشير إلى أن
نسبة الفقر بين المصريين بلغت وفق تقرير رسمي 58 %.

"التسول باسم الدين"

وتتفق الطبيبة ناهد مع فكرة عدم مد يد المساعدة للمتسولين وتقول في حوار مع دويتشه فيله إن من بين وسائل التسول الأكثر غرابة أن يقول العامل في الكثير من المؤسسات الحكومية جملة "كل سنة وأنتي طيبة" دون أي مناسبة، ويعني بذلك أنه يريد نقودا، بحجة أن راتبه الشهري ضعيف وتنتقد ناهد الذين يظهرون في وسائل النقل ويطالبون بالتبرع لبناء مسجد، وتصف ذلك بأنه "التسول باسم الدين."

بينما تعتقد نهى المحاسبة بأحد البنوك في حوار مع دويتشه فيله، أن هناك أناسا يتسولون لأنهم بالفعل يعيشون في فقر مدقع ولا يملكون أي مصدر أخر للكسب، وأنها تشعر أحيانا بالحزن والتعاطف الشديد عندما يتسول رجل عجوز أو طفل صغير في جو شديد الحرارة وهي تجلس داخل سيارتها المكيفة الهواء، وتؤكد نهى أنها تشعر بمسئولية تجاه هؤلاء المتسولين على
الرغم من أنها تشعر أحيانا بالغضب كما تقول " من سوء أخلاقهم عندما تعطيهم نقودا قليلة، ويطالبون بالمزيد".

نيللي عزت - القاهرة
مراجعة: منى صالح
حقوق النشر: قنطرة 2010

قنطرة

قراءة في فترة حكم الرئيس المصري حسني مبارك:
مصر من الفوران إلى البركان...هرم مصر الرابع ومستقبل بلاد الفراعنة
يحكم حسني مبارك مصر منذ 28 عاما، ونشأ معه جزء كبير من الشعب كرئيس دولة يتواجد في كل مكان. والآن وبعد أن أصبح عمره 81 عاما تتساءل مصر كلها كيف سيكون مستقبل هذه البلاد؟ أميرة الأهل في استقصاء لفترة حكم حسني مبارك.

الفساد في مصر:
سقوط الفرعون
Bild vergrössern الفساد المستشري يؤدي إلى تخريب اقتصاد مصر، حيث انخفضت معدلات النمو إلى النصف خلال العامين الماضيين بادرت حركة "كفاية" المعارضة في مصر مؤخراً إلى تصعيد المواجهة بينها وبين نظام الرئيس حسني مبارك، وذلك بإصدار تقرير ضخم تجرأ على ذكر أسماء وتفاصيل بشأن الفساد المستشري بين قادة الدولة. ولم يحدث قط خلال تاريخ مصر الطويل أن بلغت الجرأة حد نشر الغسيل القذر للبلاد على هذا النحو. بقلم باري روبين.

الرشوة
الديموقراطية ومكافحة الفساد في البلاد العربية
الصورة: أ ب تعاني شرائح واسعة من الناس في المجتمعات العربية من مشكلة الرشوة التي تعد جزءً لا يتجزأ من أزمة الديموقراطية. تحليل مارتينا صبرا