التفسيرات العامة لظاهرة الهجرة ليست كافية
إن من يخاطر بحياته ويسافر آلاف الكيلومترات عبر الصحراء ليصل إلى شواطئ شمال إفريقيا ومن ثم إلى أوروبا، لا بد وأن يكون لديه دوافع قوية. والإشارة العامة إلى الفقر والحروب في إفريقيا لتفسير الظاهرة ليست كافية. تحليل دومينيك جونسون
في تقرير الخبراء الذي قُدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، ركز التقرير على أن الهجرة بالنسبة للبلاد الفقيرة ذات النمو السكاني السريع ما هي إلا وسيلة لا غنى عنها لجمع الأموال، وتدر على أفقر بلاد العالم بثلاثة أضعاف المعونة التنموية الدولية. لهذا فإن الوقوف حيال هذه الهجرة والتصدي لها "ليس بمستحب ولا واقعي".
لنأخذ النيجر مثالا! إنها تعتبر أفقر دولة معروفة يأتي منها المهاجرون ويمرون عبرها، وفيها وفي دولة مالي توجد طرق الترانزيت الهامة التي تبدأ من غرب إفريقيا مرورا بالصحراء حتى جنوب الجزائر أو ليبيا.
وهذه الطرق يسلكها عشرات الآلاف من الأفارقة الزنوج كل عام متجهين إلى أوروبا. وقد عانت النيجر هذا الصيف أكبر مجاعة منذ ثلاثين عاما، وترك الرجال القادرين على العمل في معظم أنحاء البلد القرى بسبب تلك المجاعة بحثا عن عمل مخلفين وراءهم بعض النساء والأطفال دون مؤونة تكفي. وربما كان بعض هؤلاء الرجال النيجريين ضمن من توجهوا إلى أوروبا.
ولو كانت المساعدات الاقتصادية من الخارج قد وصلت في وقت مبكر إلى المناطق المهددة بالمجاعة في النيجر لَبقي بعض هؤلاء المهاجرين في بلدهم. وفي صيف 2004 لو تمت مكافحة أسراب الجراد - التي أهلكت أجزاء كبيرة من المراعي في الساحل وأجبرت الرعاة على الهجرة بسبب المجاعة - في وقت مبكر، لما حدث مثل هذا الموقف.
إن منطقة الساحل بأكملها تعاني باستمرار من عجز في المواد الغذائية. وكانت موجات الهجرة الموسمية مرتبطة دائما بالنقص الموسمي في المواد الغذائية. وإننا إذا حرمنا هذه الشعوب حقهم في حرية اختيار مكان الإقامة، فإن ذلك يعتبر طعنة قاتلة لهم.
دعم المنتوجات الزراعية في الدول الغربية
ولكن السياسة العالمية تسلك هذا المنهج، فإمكانية الهجرة إلى الشمال ضئيلة والرقابة مشددة في المطارات وفي الصحراء باسم "الحرب ضد الإرهاب". وفي نفس الوقت تدفع الصادرات الزراعية للاتحاد الأوروبي فلاحي غرب إفريقيا إلى الهلاك، والحكومة الأمريكية تدعم منتجي القطن الأمريكي بالمليارات وتقصي بذلك المنافسين من غرب إفريقيا من الأسواق العالمية.
كما أن الأسباب السياسية وراء هذا الفرار لا تعالج بطريقة كافية، ففي بداية الحرب الأهلية في ساحل العاج عام 2002 طرد مئات الآلاف المهاجرين من غرب إفريقيا إلى أوطانهم الأصلية الأكثر فقراً، حيث لا رزق لهم ولا معاش. وماذا كان مصيرهم؟
وفي هذا العام يكثر المهاجرون من ساحل العاج - التي فشلت فيها قضية السلام تماما - إلى شمال إفريقيا، ومع ذلك لا توجد مبادرة سلام أوروبية لهذا البلد.
إن وضع هؤلاء الأفارقة - الذين جنحوا إلى المغرب ويقيمون هناك بالآلاف في الغابات لا حقوق لهم – تبين وجها من أوجه التعامل مع المهاجرين على الحدود الجنوبية للإتحاد الأوروبي.
هؤلاء هم الذين يتسلقون حاليا كل يوم حواجز الأسلاك الشائكة، والإجراءات التي تتخذ من أجل تحسين الوضع في أوطانهم لا تصل إليهم إلا متأخرة. وسياسة المغرب تجاههم ما هي إلا الاعتقالات الجماعية وطردهم جماعات في الصحراء على الحدود الجزائرية.
إنه لمن الإنسانية بمكان، إذا استطعنا أن نكفل لهؤلاء البشر حق المأوى والعمل.
بقلم دومينيك جونسون
صدر المقال في صحيفة تاغيس تسايتونغ البرلينية
حقوق الطبع النسخة العربية قنطرة 2005
دومينيك جونسون مراسل صحيفة تاغيس تسايتونغ للشؤون الإفريقية.
قنطرة
الحصن الأوربي
مآسي اللاجئين على الحدود الإسبانية-المغربية تبين أن ظاهرة الهجرة ليست مشكلة عارضة. فطالما لا يرى الناس آفاقا مستقبلية في أوطانهم - لدرجة أنهم مستعدون للمغامرة بحياتهم في سبيل البحث عن حياة أفضل - فلن تنجح الطرق التقليدية لحماية حدود الاتحاد الأوروبي. تعليق بيتر فيليب.
"غوانتانامو الإيطالية"
لم يسمح حتى الآن لأي صحفي بزيارة معسكر اللاجئين في هذه الجزيرة التي تقصدها الكثير من السفن القادمة من ليبيا وتونس محملة باللاجئين. وأخيرا نجح مراسل صحفي للمرة الأولى بدخول المعسكر سرا، وكان للتقرير الذي كتبه حول تجاربه هناك وقع الصدمة في إيطاليا. تقرير يورغ زايسلبيرغ من روما.