انتهاك الدستور أم ردود فعل مبالغ فيها
كان من الممكن أن يجري كلُّ شيء على نحو أحسن: قُدِّمت في "قمة الاندماج الثانية" التي أطلقتها المستشارة الاتِّحادية "خطة وطنية لدمج المهاجرين"، حُدِّدت فيها مئات من الإجراءات الرامية إلى دمج المهاجرين.
بيد أنَّ أجواء هذا الحدث تعكَّرت من خلال القرار الذي اتَّخذته مختلف الروابط والجمعيَّات التركية، والذي يقضي بالابتعاد عن هذه القمة؛ لهذا السبب اتَّضح منذ عدَّة أيَّام أنَّ أجواء القمة الأولى ستبقى بعيدة المنال.
إنَّ الروابط والجمعيَّات التركية مستاءة من عدم قيام الحكومة الألمانية الاتِّحادية بأخذ رأيهم في التشديد الذي تمَّ إدخاله على قانون الهجرة. تعمل التعديلات التي أُقرَّت في قانون الهجرة على تمييز المهاجرين الأتراك خاصة من دون أن يخصّهم القانون بالذكر - على حدِّ وصف الروابط والاتِّحادات التركية.
ليس بسبب كون الأتراك يشكِّلون أكبر مجموعة ممن يطلق عليهم اسم "المهاجرين"، بل كذلك لأسباب معيَّنة: فهكذا يجب على المتزوِّجين الذين يفترض لمّ شملهم وإحضارهم من أوطانهم الأصلية إلى ألمانيا تعلُّم اللّغة الألمانية في البدء قبل حضورهم إلى ألمانيا. كذلك يجب أن لا تقل أعمارهم في المستقبل عن ثمانية عشر عامًا.
بدأت الروابط والجمعيَّات التركية المستاءة تخوض جدال أظهر بصورة أكثر من واضحة مدى سوء إجراءات دمج المهاجرين. لقد تحدَّث بعض ممثِّلي هذه الروابط والجمعيَّات عن انتهاكات لحقوق الإنسان - الأمر الذي حمل السياسيِّين على وصف ذلك بالـ"هراء": يهدف هذا القانون إلى الحيلولة دون الزواج القسري وبالمناسبة لا بدّ من توضيح أنَّ من يريد العيش في ألمانيا عليه تعلُّم اللّغة الألمانية.
لا تذكر أيَّة كلمة عن أنَّ الحال في قرى الأناضول ليست بالسهلة مثلما هي في نيويورك أو في طوكيو - حيث لا يتمّ من دون شكّ وضع هذا الشرط قطّ. وبغض النظر عن أنَّ من يريد تعلُّم اللّغة الألمانية يتعلمها على أحسن وجه في ألمانيا.
بدت الروابط والجمعيَّات التركية تقريبًا كأنَّها تسعى إلى الضغط على الحكومة الألمانية الاتِّحادية. لكن الساسة الألمان حاولوا التهوين من ذلك وقد اتَّهموا الأتراك بأنَّهم يريدون الحيلولة دون الأمور البديهية.
بيد أنَّ هذه "الأمور البديهية" تكاد لا تعتبر بالنسبة لأيِّ أحد موضع سؤال: فعلى سبيل المثال لا يشكّ أيّ كان بأهمية دمج المهاجرين وبضرور معرفة اللّغة الألمانية. لكن إذا كان لا بدّ من تعلُّم اللّغة الألمانية في الأناضول - وحتَّى لو كانت "ثلاثمائة كلمة" فقط، مثلما أصبح بعض السياسيِّين الألمان يهدِّؤن فجأة من الأمور، فعندها سيكون ذلك حاجزًا بالنسبة للمقيمين هناك وعقبة بالنسبة للأتراك في ألمانيا تحول دون عثورهم على أزواج أو زوجات في وطنهم الأصلي.
ربَّما يحقِّق الساسة نجاحًا من خلال الحديث عن الحيلولة دون "الزواج القسري"، لكن لا يمكن تحقيق ذلك من خلال حصر دخول البلاد بكبر السنّ، ولا حتَّى من خلال ثلاثمائة كلمة ألمانية. لا بدّ من أن يتمّ حلّ مثل هذه المعضلات في ألمانيا.
وتحديدًا "على نفس المستوى" مع المهاجرين - مثلما يطلق السياسيّون هذا المصطلح عن طيب خاطر. كان لا بدّ من فعل هذا بالضبط أثناء التغيير الذي أُحدث في قانون الهجرة. الأمر الذي كان سيوفِّر الكثير من الاستياء وعندها كانت ستخرج بعض المسائل حقًا على نحو أحسن بكثير.
بقلم بيتر فيليب
ترجمة رائد الباش
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2007
قنطرة
قانون الهجرة الجديد يُصعِّب اندماج المهاجرين!
ينتقد محمد كيليتش رئيس المجلس الاستشاري الاتحادي لشؤون الأجانب في هذا التعقيب قانون الهجرة الألماني الجديد، الذي يصعب حسب رأيه اندماج الأجانب في ألمانيا