وطن بديل ومركز لتقديم المساعدات

تأسست الكنيسة البروتستانتية في بيروت عام 1856 بناء على رغبة تجار أوروبيين لكي يتمكنوا من ممارسة دينهم في الغربة. اليوم بعد مرور مائة وخمسين عاما على تأسيسها، تغيرت بعض مهام هذه الكنيسة. تقرير مارتينا فايبلينغر

أثناء حرب الصيف – كما يسميها اللبنانيون - لم يخطر على بال السيدة هودجنسون أن تغادر لبنان البتة. فهذه السيدة المولودة في مدينة كولونيا قد عايشت الحرب الأهلية وظلت مدة الحرب التي طالت خمسة عشر عاما (1975- 1990) في لبنان. ولهذا تقول: "عندما يبقى الإنسان هنا يكون على علم بما يحدث. أما إذا ترك البلد فيصبح كل شيء مجهول، وهذا أدهى وأمرّ".

تعيش السيدة دغمار هودجنسون – التي تشتهر بلوحاتها الفنية المستوحاة من لبنان والمرسومة بالألوان المائية – منذ عام 1959 في لبنان وتعرف السيد كرينر، أول قسيس لهذه الكنيسة بعد الحرب العالمية الثانية. وتصف ذلك قائلة: "كان كل شيء آنذاك مختلف تماما. فلم يكن هناك سوى الصلاة. أما اليوم فأصبحت الكنيسة ملتقى كاملا وفي غاية الأهمية بالنسبة لي".

مرحلة التأسيس

تأسست الكنيسة البروتستانتية بناء على رغبة تجار أوروبيين، وبعد مداولات طويلة أرسلت كنيسة إقليم بروسيا عام 1856 السيد كريمر إلى بيروت ليكون أول قسيس هناك. كانت الصلوات تتم باللغة الفرنسية والألمانية على التناوب. وبعد خمس سنوات من خدمة القس كريمر أصبحت الكنيسة تعمل باللغتين وزاد عدد الأعضاء حتى جاوز الستين عضوا، كما تم تأسيس مدرسة بروتستانتية. إلا أن أداء الصلوات ظل جوهر نشاط الكنيسة.

​​كانت الحروب ملازمة للكنيسة منذ البداية، سواء كانت حروب داخل لبنان أو حروب كانت ألمانيا وفرنسا مشتبكة فيها. وقد أدت الحرب العالمية الأولى إلى الفرقة بين الألمان والفرنسيين من أعضاء الكنسية، مما أدى إلى تسليم حكومة الإنتداب الفرنسية بيت القسيس والمقبرة للجالية المتحدثة باللغة الفرنسية.

في الثالث من نوفمبر / تشرين الثاني 1938 تم وضع الحجر الأساسي لكنيسة للجالية الألمانية، وانتهى البناء في ربيع 1939. وكان من نتائج الحرب العالمية الثانية أن استولت الدولة اللبنانية الجديدة على الأبنية، حيث تم استخدام بيت القسيس كمدرسة والكنيسة كصالة ألعاب رياضية.

التنظيم الجديد

تسلم القس غوستاف أدولف كرينر مهامه الوظيفية عام 1954، وفي مارس / آذار 1955 أعادت الحكومة اللبنانية الكنيسة وبيت القسيس إلى الجالية. وهنا بدأ عصر التنظيم والنهضة للدولة اللبنانية التي كانت تعتبر آنذاك "سويسرا الشرق"، وأيضا بالنسبة للجالية التي أصبحت تستقطب العديد من الزوار.

في عام 1973 قررت الجالية توظيف عاملة إجتماعية. وكان من مهامها رعاية النساء المتحدثات باللغة الألمانية المتزوجات من لبنانيين، وكذلك أيضا الأجنبيات اللآتي تعانين من صعوبات. وأثناء الحرب الأهلية لم ينقطع نشاط الجالية وكانت بالنسبة لكثير من الناس بمثابة ملاذ.

قبل حرب صيف 2006 كان يأتي إلى الجالية ما يقارب 300 شخصا كل أسبوع. ومن خلال الأنشطة المقدمة استطاعت الجالية أن تصل إلى كثير ممن ليسوا أعضاء. وبعد تعلية مبنى الجالية عام 2001 ليصل إلى ثمانية طوابق أصبح المبنى ملتقى مهما للنساء والأطفال وكل أعضاء الجالية.

واجبات مهمة

منذ سبعة أعوام والقسيسة فريدريكه فيلتسين وزوجها القس أوفه فيلتسين مسؤولان عن الجالية. تصف القسيسة واجباتهم قائلة: "إن مبدأنا في العمل هو أننا كنيسة مفتوحة ترحب بالجميع. وهذا من الأهمية بمكان لأننا نريد ادماج الجميع. لهذا السبب كثفنا نشاطنا بخصوص الثقافات المتعددة، مثل رعاية الألمانيات اللآتي اعتنقن الإسلام وأطفالهن الذين يعتنقون الإسلام مثل آبائهم".

​​لهذا فإن هناك ملتقى للنساء يقوم بتنظم وتزيين سوق مشهور لهدايا أعياد الميلاد. وإلى جانب الأنشطة الخاصة بالأطفال بعد الظهيرة والأنشطة التثقيفية للكبار المصحوبة بالمحاضرات والرحلات اليومية هناك كثير من الأنشطة العامة والخدمة الإجتماعية.

وتصف فريدريكه فيلتسين مهام مركز الرعاية والإستشارات النفسية التابع للجالية، قائلة: "غالبا ما تتعرض النساء المتزوجات هنا للعنف وجريمة الشرف واختطاف الأطفال. كما تحتاج الأمهات اللآتي يعتنق أطفالهن الدين الإسلامي إلى استشارات أيضا، وتتسائل الواحدة منهن: هل ينبغي عليّ أن أعتنق الدين الإسلامي؟ وكيف أعلم أطفالي التقاليد المسيحية؟ إننا على اتصال مع فقهاء الشيعة نبحث معهم عن حل إذا طرأت أيّ مشكلة".

"وطن في الغربة للمتحدثين بالألمانية"

لا تزال بؤرة نشاط الجالية يرتكز في الصلاة أيام الأحد واللقاءات التي تعقبها، حيث يتم فيها معالجة الموضوعات الأسبوعية في جو روحاني. تعتبر الجالية بالنسبة للسيدة مارليس غودر، التي ترافق زوجها في عمله بلبنان "وطن صغير هنا". وترى أن ما وعد به منشور الجالية أن تصبح الجالية "وطن في الغربة للمتحدثين بالألمانية" تحقق للكثير.

احتفلت الجالية مع وفد رئيس الكنيسة البروتستانتية في ألمانيا الأسقف فولفغانغ هوبر بعيدها الـ150. ووجد القس أوفه فيلتسين وزوجته القسيسة فريدريكا في أسبوع الإحتفال أنه كان بمثابة "تشجيع مهم" بعد أهوال الحرب التي استمرت 34 يوما.

بقلم مارتينا فايبلينغر
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2007

قنطرة

شرف العائلة أهم من الحياة!
بلغت الفتاة اللبنانية فدى 17 عاما. أطلق أبوها عليها الرصاص بحجة أنها لطخت شرف العائلة. هذا الحدث المؤلم كان وراء انطلاق مبادرة متعددة الطوائف لمكافحة العنف الموجه ضد المرأة في لبنان تقرير كريستينا فورش من بيروت

قسيسة ألمانية في لبنان
تعمل فريدريكه فيلتزين منذ أربع سنوات كقسيسة راعية للطائفة البروتستنتية الألمانية في بيروت. رغم رؤيتها الواقعية للمشاكل الاجتماعية في لبنان فهي تعشق الحياة في بلد الأرز. كريستينا فورش تعرّف بها