الإسلام الأوربي أم الأصولية؟ حول حياة المسلمين في أوربا

يقوم باحثون بإعداد دراسات حول حركات ومؤسسات المسلمين المتدينين في البلدان الأوربية. ويحمل هذا المشروع عنوان: "المسلمون في أوربا ومجتمعاتهم الأصلية في آسيا وأفريقيا: التدين المعاش، وتنوعه وعواقبه في سياقات متباينة". فولكر توماس يعرفنا به

تقوم فرق من الباحثين والباحثات بإعداد سبع دراسات حول حركات ومؤسسات المسلمين المتدينين في البلدان الأوربية. وهذا المشروع الذي جاء تحت اسم "المسلمون في أوربا ومجتمعاتهم الأصلية في آسيا وأفريقيا: التدين المعاش، وتنوعه وعواقبه في سياقات متباينة" هو مشروع اتحادي بالتعاون مع جامعات فرانكفورت\أودر وهامبورغ وهاله. مقال بقلم فولكر توماس

يُدعم هذا المشروع من قبل برنامج "العلوم الإنسانية في الحوار الاجتماعي" التابع لوزارة التربية والبحث العلمي الألمانية الاتحادية ويستمر لمدة ثلاث سنوات، أي لغاية 2009. وهو تحت إشراف البروفسور ديترش ريتس من "مركز الشرق المعاصر" في برلين.

الجيل الثاني والثالث

وتحظى تصورات المسلمين أنفسهم للحياة الإسلامية أمام الرأي العام الأوربي باهتمام خاص. فهل القصد من الرغبة في عيش الإسلام علناً ودينيّاً على نحو واضح في أوربا هو رفض للقيم الأوربية المجمع عليها؟

أم أن هناك رغبة لدى الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين في أن يُلتفت إلى هويتهم في أوربا ويعترف بهم أعضاءً في المجتمع؟ وهل يُعد مأخذ أن المسلمين لا يريدون في الواقع الإندماج، بل العيش في مجتمع متواز، مأخذاً مشروعاً؟ أم ستنشأ مستقبلاً أشكال جديدة من التدين بين المسلمين والمجتمعات الأوربية الغربية التي ستستوعب العناصر المتعلقة بالإيواء مثل المجتمع القادمين منه؟

بشيرات الإسلام-الأروبي؟

هكذا بحثت الدكتورة شيرين أمير-معظمي من جامعة فيادرينا في فرانكفورت\أودر التصورات حول دور الجنسين الذي تناقشه جماعة ميللي غوروش الإسلامية. وميللي غوروش هي من أكبر الجمعيات الإسلامية في ألمانيا (26.500 عضو) ولها ارتباطات وثيقة بتركيا.

والجمعية موضع خلاف في أوساط الرأي العام الألماني، لأن هناك ما يتردد بأنها تقيم دائماً صلات عميقة مع الحركات الإسلامية. وتعرض ميللي غروش نفسها بمظهر خارجي إيجابي، وتبدي اهتماماً بعملية إشراكها في الشؤون الاجتماعية في ألمانيا.

والسؤال الذي يشغل شيرين أمير-معظمي قبل كلّ شيء هو: إلى أيّ مرجعية تعود تصورات الجالية الإسلامية حول دور المرأة، وأي موقف ستتخذ النساء فيما يتعلّق بتفسير المصادر الدينية؟ وتقول أمير-معظمي المتخصصة في العلوم السياسية "كان الرجال يحتكرون حتى الآن حقّ تفسير النصوص المقدسة. وفي هذه الأثناء هناك نساء مسلمات لم يعدن يتقبلن هذا الأمر. فلدينا الآن حالة تشبة الحركة النسوية الإسلامية، حتى لو كانت هذه في البدء مجرد شعار كبير".

وتشير في هذا السياق إلى "جمعية إنسان" التي تضم مجموعة من المسلمات الملتزمات بمبادئ الإنسانية والتسامح. فهن يشنن منذ فترة حملةً ضد الزواج الإجباري وجرائم الشرف، ويدافعن من أجل حقوق المرأة. والسؤال هو فيما إذا ستتطور إنطلاقة الجمعيات الإسلامية هذه، فتتحول إلى "إسلام أوربي".

بين الانعزالية والتكيّف

ويركّز مشروع بحث آخر على المرافق التعليمية الإسلامية في ألمانيا وارتباطها بالبلدان الأصلية للمسلمين. فأين، وكيف يتمّ تعليم الأئمة، من رجال الدين؟

ويلتحق قسم المشروع المتعلق بدراسة جمعية الأحمدية الإصلاحية في ألمانيا بجامعة هاله. ويعتبر أعضاء هذه الجماعة "ضالين" من وجهة نظر المسلمين، على الرغم من أنهم قادمون من منطقة يعيش فيها أغلب المسلمين في العالم وهي منطقة: الباكستان والهند.

ويقارن هذا المشروع أساليب التعامل مع الأحمدية في بلدان مختلفة. وتتحرك في الشتات الأوربي وضمن نطاق "الانعزالية والتكيّف" جماعاتان إسلاميتان قادمتان من جنوب آسيا وهما "تبليغي جماعات" و "دعوتي إسلامي" واللتان خصص لهما جزء من دراسة "مركز الشرق المعاصر".

فكلا الجماعتين، اللتين يمكن التعرف عليهما من خلال الملابس الآسيوية، تدعوان إلى نمط حياة إسلامي و تهتمان بوضع المسلمين في أوربا. ويفهم أتباعهما أنفسهم باعتبارهم وعّاظاً غير محترفين، يسندون إيمان المسلمين ويهدونهم إلى ممارسة الشعائر الدينية بانتظام.

وتقف هاتان الحركتان في طليعة اتجاه يسعى إلى إعادة تشكيل جموع المسلمين – الأمة – على صعيد عالمي، بعيداً عن الحدود الأقليمية. ويتعرض مشروع "الإسلامية والإصلاح والحضارة في فرنسا" لاتحاد التنظيمات الإسلامية في فرنسا UOIF وهو من أهم الاتحادات الإسلامية في أوربا وأكثرها تأثيراً.

تجارب المدارس الإسلامية

ويعالج قسم من مشروع جامعة هامبورغ في الأخير تجارب المدارس الإسلامية في جنوب أفريقيا وبريطانيا وهولندا. ويتعلق الأمر بالسؤال حول: الانعزالية أو المشاركة، وهل يسهم الدرس المشترك في عملية الإندماج أو لابد من السماح بتخصيص دروس إسلامية؟

ففي بريطانيا هناك 116 مدرسة إسلامية. وأقامت جنوب افريقيا هذه المدارس أثناء نظام الفصل العنصري بغية العزل حسب العرق. واليوم هناك 100 مدرسة تقدم فيها القيم والمعايير الإسلامية إلى الأطفال المسلمين.

ويسمح بإقامة مدارس إسلامية في هولندا إذا كان هناك ما يكفي من العوائل الإسلامية التي تقيم في حيّ معين. واليوم توجد هناك 30 مدرسة من هذا النوع. ويعيّن كادر التعليم من قبل الحكومة التي تسدد أجوره أيضاً.

توصيات إلى السياسة

ولا يهدف هذا المشروع إلى ردم هوّة البحث في هذا الشأن، إنما يمهد إلى تقديم توصيات في اتجاه السياسة. ويفكّر الباحثون والباحثات بصورة خاصة في الإمكانيات التي تتصدى إلى الانعزالية المتبادلة وجعل الأقليات الإسلامية تسهم بفعالية في العمليات السياسية والاجتماعية.

بيد أن البرفسور ريتس استبعد إصدار تقييمات. "نحن لا نقدم نصائح، وبالأخص فيما يتعلق بحضر ارتداء الحجاب أو السماح به. لكننا نستطيع أن نشرح أي نتائج ستترتب جرّاء القرارات السياسية، وما الذي يجب أن يفكر فيه المرء قبل أن يطبّق أمراً جديداً".

بقلم فولكر توماس
ترجمة حسين الموزاني
حقوق الطبع غوته 2006

فولكر توماس يعمل صحفيّاً حرّاً في بون وبرلين ويشرف على وكالة للنصوص والتصاميم في برلين.

قنطرة

مهرجان "انسان" الإسلامي في برلين
قدمت الجالية الإسلامية نفسها في مهرجان "إنسان" في برلين من جوانب مختلفة. فقد حضر الحفل فنان البوب سامي يوسف، الى جانب كريستيانه باكر، مقدمة البرامج السابقة لقناة أم تي في الموسيقية التي اعتنقت الإسلام. تقرير كتبته أريانا ميرزا.

تاريخ المشرِق يمر عبر برلين
يُظهِر "مركز الشرق الحديث" العمق التاريخي للعولمة عِبرَ مثال مدينة برلين، ويلفت الأنظار إلى تقليد التبادل القديم العهد مع الشرق.

معهد الدراسات المتقدمة في برلين
معهد الدراسات المتقدمة في برلين هو مؤسسة تقدم المنح لما يقارب 40 عالماً من مختلف الاختصاصات والقوميات سنوياً، وتوفر لهم المكان والوقت للإشتغال على مشاريع وبحوث حددوها بأنفسهم. يوسف حجازي أجرى حوارا مع جورج خليل مدير حلقة عمل "الحداثة والإسلام" في المعهد.

www

مركز الشرق المعاصر