صوت المعذبين ومنبر المهمشين
"إن 70 " ليس فقط أحد أنواع الهواتف المحمولة الحديثة الذي يمثل الجيل الثالث من صناعة هذه الهواتف التي تحتوى على كاميرات تصوير وفيديو، بل هو اسم فيلم مصري قصير للمخرج أحمد نادر مقتبس عن قصة حقيقية لعب فيها الهاتف المحمول دور البطولة وهى القصة الشهيرة التي أثارت المجتمع المصري حول سائق الميكروباص "عماد الكبير" الذي تعرض للتعذيب وهتك العرض منذ عامين من ضابط بأحد أقسام الشرطة أثناء احتجازه، وهي القضية التي كان دليل الإثبات فيها الفيديو الذي تم تصويره من أحد الأشخاص بالغرفة المجاورة أثناء التعذيب بواسطة هاتفه المحمول.
وقد أثار الفيلم إعجاب الجمهور في أول عرض له بمكتبة البلد في وسط القاهرة ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الثاني لأفلام حقوق الإنسان الذي نظمته مؤخرا منظمة المؤتمر الإسلامي الأمريكي من خلال فرعها بالقاهرة.
المخرج أحمد نادر يروى لموقع قنطرة أن فيلمه مختلف عن الأفلام التي تناولت واقعة تعذيب عماد الكبير من الناحية السياسية، حيث يركز في الفيلم على الجوانب الإنسانية والتأثيرات الاجتماعية والنفسية التي تلحق بمن يتم تعذيبهم وامتهان كرامتهم خاصة من الفقراء أمثال عماد داخل أقسام الشرطة أو في الشارع المصري بصورة عامة.
تفشي العنف في المجتمع المصري
ويضيف أن فيلمه يتناول حقيقة تفشي العنف بصورة كبيرة في المنزل والشارع المصري وأن الجميع أصبح يستخدمه ولكن بنسب متفاوتة طبقا لاختلاف الثقافة والوعي. ويضرب نادر مثالا على ذلك في الفيلم وهو أنه إذا اكتشف المواطنون لصا في احدى وسائل المواصلات، فإنهم يقومون بضربه قبل تسليمه للشرطة برغم أنه من المفترض أن يسلموه للشرطة وهى تقوم بواجبها ولكنهم يستخدمون عنفا لا يلتفت إليه أحد، وأيضا عنف المعلمين مع التلاميذ في المدارس، مشيرا إلي أن هذه الحوادث أصبح الهاتف المحمول هو الذي يكشفها في ظل تعامي أجهزة الدولة الرسمية عنها.
ويكشف لقنطرة أنه واجه صعوبات كثيرة في أثناء تصوير الفيلم، إذ أنتجه على نفقته الخاصة لأن الموضوع حساس وربما تتردد شركات إنتاج كثيرة عن تمويله، كما أنه تعرض لمواجهات مع رجال الشرطة أثناء التصوير بشوارع القاهرة والإسكندرية، ولكنه كان يخرج من هذه الورطة بسرد رواية وهمية لهم بأنه يصور فيلما عن شكل المعمار بالشوارع.
أما داليا زيادة رئيسة المهرجان ومديرة فرع الشرق الأوسط لمنظمة المؤتمر الإسلامي الأمريكي التي تتخذ من واشنطن مقرا لها وهي منظمة غير حكومية تهتم بنشر قيم التسامح والتوعية بحقوق الإنسان واستراتيجيات اللاعنف، تؤكد في حوار مع قنطرة أن فكرة المهرجان بدأت العام الماضي بالتوازي مع الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث إنه كان أول مهرجان من نوعه في منطقة الشرق الأوسط مخصص لعرض أفلام تتناول قضايا حقوق الإنسان من مختلف أنحاء العالم. ويعرض المهرجان في دورته الثانية 12 فيلما من دول مختلفة منها مصر،إيران، رواندا،أوكرانيا،بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
أفلام قليلة وميزانية محدودة
وترجع داليا قلة عدد الأفلام إلى أن قضايا حقوق الإنسان في السينما العربية بشكل خاص محدودة للغاية، وهناك أفلام عالمية طلب منتجوها مبالغ باهظة لعرضها بالمهرجان ولكن ميزانية المهرجان لم تسمح بذلك. وتشير إلى أن حقوق الإنسان دائما ما يتم الحديث عنها في محاضرات و ندوات ثقيلة لا تصل لغالبية الناس، ومن هنا جاءت فكرة المهرجان الذي ينشر الوعي بلغة السينما السهلة والممتعة.
وعن صعوبة تنظيم مهرجان يركز على موضوع حقوق الإنسان الذي تخشى منه مصر والمجتمعات العربية تشير داليا إلى أنه كانت هناك تحديات كبيرة خاصة فيما يتعلق بإصدار التراخيص والإجراءات المعقدة، ولكنها استطاعت بناء علاقة ثقة مع الجهات في مصر بأنها لا تفعل شيئا ضد مصلحة البلد وتشويه صورتها ،بل على العكس من ذلك فإقامة مثل هذه المهرجانات يؤكد أن مصر بها مساحات كبيرة من الحرية، وأن عروض الأفلام مجانية ومتاحة للجميع، ما يؤكد على أنها ليس بها ما يخيف الحكومة، على حد قولها. كما أنها وجدت صعوبة في العثور على مكان لعرض الأفلام، حيث إن هناك أماكن قررت عدم استضافة المهرجان قبل أيام قليلة من بدئه بالرغم من أنها كانت وافقت على استضافته في بادئ الأمر.
العلاقة المتوترة بين المسلمين والمسيحيين
ويركز المهرجان هذا العام على أربعة محاور وفقا للأفلام المعروضة، منها محور حقوق الناس والذي يعرض فيه الفيلم المصري "التسامح في مصر" الذي يحكى عن التوتر في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين على مستويات مختلفة؛ منها الأزمة التي يجدها شاب مسيحي يقع في حب فتاة مسلمة وأفكار البعض من المسلمين بعدم الشراء من بائع مسيحي وكيفية علاج هذه المشكلات بإشاعة روح التسامح.
بالإضافة لعرض 30 فيلما قصير عن مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفيلم "سيرجيو" الذي يتناول قصة حياة سيرجيو فيرا دي ميلو المتخصص في إنقاذ البشر والبحث عن حقوقهم. محور آخر عن أفلام الرسوم المتحركة لأجل حقوق الإنسان والذي حاز على إعجاب الجماهير، ومحور عن العنف واللاعنف ويعرض بداخله أفلام مثل "زهور رواندا" عن أحداث الإبادة الجماعية في رواندا، فيلم" أرحموا أزهارنا" وهو فيلم مصري قصير عن ظاهرة ختان الإناث والذي نال تصفيقا كبيرا من الحاضرين، ومحور حول أحلام الحرية يعرض بداخله أفلام مثل "إن 70" وسلسلة أفلام قصيرة بعنوان "اتكلموا" للمخرج المصري على السطوحي عن حياة الفقراء والمهمشين، فهناك قصة عن حياة جامعي القمامة في شوارع القاهرة وأخرى عن قرية بمحافظة الإسماعيلية تعيش بدون مياه صالحة للشرب منذ أكثر من عامين. وفيلم "الثورة البرتقالية" الذي يتحدث عن الانتفاضة الشعبية من أجل دعم مرشح المعارضة في انتخابات الرئاسة في أوكرانيا منذ بضع سنوات.
وأكد بعض الجمهور الحاضر أن ثقافة حقوق الإنسان بدأت تشق طريقها الصحيح في مصر والعالم العربي، وبدأت تتفهم الجماهير معنى حقوق الإنسان على الرغم من أن الحصول على الحقوق الإنسانية في العالم العربي مازال بعيدا ولكن هناك وعي بدرجة ما عن القضية بفضل التكنولوجيا الجديدة والمنظمات المدنية التي تقيم فعاليات غير تقليدية لرفع الوعي بالقضايا المختلفة.
نيللي يوسف
حقوق الطبع: قنطرة 2009
قنطرة
فيلم "فلافل":
رحلة الحياة والموت في ليلة بيروتية
يصور فيلم "فلافل" للمخرج اللبناني ميشال كمون والذي حصد عدة جوائز مرموقة،التناقضات التي تعيشها بيروت، حيث يقبل الشباب على الحياة واللذة والمتعة على الرغم من التركة الثقيلة للحرب والمصير المجهول. مخرج الفيلم يتحدث عن تجربته الفنية هذه على هامش مهرجان كان.
تحليل
انعكاس واقع المجتمع في السينما
تلاقي السينما الإيرانية نجاحا في الغرب بأفلام تطغى عليها صور الفقر في الأرياف. لكن أين هي الأفلام التي تعكس واقع الحياة داخل المدن في هذه البلاد التي تعاني التمزقات؟ حول صورة المجتمع الإيراني في السينما الإيرانية تقرير بيرغيت غلومبيتسا.
حوار مع المخرجة إليان الراهب:
سينما المؤلفين العربية...فن البحث عن الهوية
هالة عبد الله وغسان سلهب وإبراهيم بطوط وجيلاني السعدي أو سيمون الهبر - جميعهم يرمزون لسينما المؤلِّفين العربية المميَّزة والمستقلة. و"جمعية بيروت دي سي" التي تم تأسيسها عام 1999 تسعى من أجل نشر أفلامهم وذلك من خلال فعاليات مختلفة منها مهرجان "أيام بيروت السينمائية". منى سركيس تحدَّثت في بيروت إلى المخرجة إليان الراهب حول سينما المؤلفين العربية.