منع البرقع وفرض الكمامة.. نقاش جديد في هولندا!
تجري بسرعة في ساحة "بوس إن لومير" في غرب مدينة أمستردام. المطر يتساقط على ردائها الأسود وبرقعها. مضت ثلاثة أعوام على ارتدائها البرقع أو النقاب. "غالبا ما يظن الناس أنني أرتدي البرقع لأن زوجي أمر بذلك، الحقيقة أنه كان اختياري، لقد ارتديته حتى قبل زواجي". تقول عمارة* وتضيف: "إنه حقا أمر صعب ارتداء البرقع، الناس يرونك كعدو. هذا الأمر يجعلني أشعر بالوحدة، أشعر وكأني مرمية في زاوية معينة".
إنه أمر غير منصف، تقول ذلك وفي صوتها شيء من الإحباط "يمارس التمييز ضدي فقط لأنني أريد ممارسة ديني".
عام على المنع
في الأول من آب/ أغسطس، مر عام على إقرار الحكومة الهولندية قانونا يحظر ارتداء ملابس تغطي الوجه كاملا، وهو قانون سبقته قوانين مماثلة في فرنسا وبلجيكا.
القانون الهولندي يحظر ارتداء البرقع أو ما شاكله في وسائل النقل العامة، والمباني العامة، والمدارس، والمستشفيات والمباني الحكومية. وبعكس ما هو الحال في فرنسا وبلجيكا، يسمح بارتداء البرقع في الشارع.
وجاء المنع بسبب الحفاظ على الأمن العام، حسب ما قالت الحكومة، والقانون أقر بناء على مقترح عمره 14 عاماً من زعيم حزب الحرية الهولندي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز. وحسب القانون فإن غرامة عدم الامتثال إليه تبلغ بين 150 و450 يورو.
ومع ذلك، فإنه قد تم تغريم عدد قليل العام الماضي بسبب المخالفات، حسبما يقول المتحدث باسم الشرطة الهولندية. إلا أن عمارة تقول إن "ردود الفعل أصبحت أكثر حدة في الحياة العامة"، على الرغم من أنه مازال بإمكانها ارتداء البرقع في الشارع. وبسبب القانون بدات تشعر بممارسات عدوانية تجاهها "مرة كنت في المتجر، ضرب أحدهم قدمي بعربة التسوق". وتضيف أن مستوى العدوانية بدأ بالارتفاع، "حاول أحدهم دهسي بالسيارة".
هولنديون مختلفون
الشقيقتان آنا وتروس تتناولان الشاي في حي "لامبرتوس دي تسبلين" وهو حي شعبي يسكنه مهاجرون. تقول إحداهما أن الحي لم يتغير كثيرا منذ تطبيق القانون، "أفضل رؤية وجوههن، على أي حال لا يوجد عدد كبير من المبرقعات حاليا".
تجلس ليلى على مقعد خشبي في الجانب الآخر من ساحة الحي. تقول بهدوء إنها راضية عن قانون المنع وتضيف: "ببساطة هذا كثير"، في إشارة إلى ارتداء البرقع أو النقاب. ثم تشرح موقفها قائلة: "نحن نعيش في بلد أوروبي، فلماذا علينا أن نغطي وجوهنا بهذا الشكل؟. وشاح كهذا الذي ارتديه كاف جدا".
جوليو بونوتي عامل صومالي – إيطالي، في دائرة المدينة، سعيد هو الآخر بهذا القانون. "لا تعجبني على الإطلاق هذه الأغطية، إنها تعذيب". ويشرح بالقول "وكأن المرأة لا قيمة لها على الإطلاق، لقد فعلوا خيرا حين منعوا النقاب".
المسلمون غير مرحب بهم
"رغم سمعتها بأنها بلد متحرر، أصبحت هولندا بلدا أقل تسامحا". تقول عمارة. ترى أن القانون "استهدف الإسلام". وأنه ضد حرية ممارسة الدين المضمون في الدستور الهولندي وكذلك اتفاقيات الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان. إجبارها على نزع البرقع يشعرها "بالمذلة، فارتداؤه كان باختيارها"، تقول.
تشعر صفاء، وهي شابة مسلمة في الثلاثين من العمر أن الحظر بث الخوف في أوساط الجالية المسلمة في هولندا. رغم أن نحو 150 سيدة ترتدي النقاب في هولندا. بعض صديقاتها ممن يرتدين النقاب والبرقع غادرن البلاد إلى المملكة المتحدة، "لأنهن يشعرن بعدم الترحيب". بدأ عدم الشعور بالراحة بالتصاعد بعد أن نشرت صحيفة "الغيمين داغبلاد" تقريرا في شهر يوليو/ تموز 2019 تدعو فيه المواطنين إلى اعتقال منتهكات القانون، "حينها شعر المسلمون المعتدلون بالقلق"، تقول صفاء.
كمامات كورونا
تشعر عمارة وأخريات ممن يرتدين البرقع أو النقاب بالسخرية من قواعد تفرض ارتداء الكمامات اليوم في وسائل النقل العامة بسبب جائحة فيروس كورونا. الآن يتم معاقبة النساء لعدم ارتدائهن أو ارتدائهن حسب الغرض. "إنه تناقض تام"، إذ ترى عمارة أنه من غير اللائق فرض ارتداء الكمامة بسبب الصحة ومنع ارتداء البرقع أو النقاب بسبب الدين.
وعمارة ليست لوحدها في وجهة النظر هذه، فهناك مجموعة "لا تلمس نقابي" قدمت طلبا إلى وزارة الخارجية والبرلمان ومجلس الشيوخ لرفع الحظر عن ارتداء النقاب، اعتمادا على أن الحجج القانونية لدعم الحظر باطلة، اعتمادا على فرض ارتداء الكمامات. وتضيف عمارة : "سأدافع عن حقوقي".
*تم تغيير الأسماء بناء على طلب أصحاب العلاقة.
أنغرد جيركاما/ سانا ديركس/ أمستردام