جاز من سوريا
"تعرفنا على بعضنا أثناء الدراسة في المعهد الأعلى للموسيقى بدمشق. بعدها كنا جميعا نعزف ونغني بالأركسترا السمفونية السورية، وكنا نلتقي بصفة موازية لمتعة التجريب والارتجال." هكذا تصف السوبرانو ديما أورشو نشأة فرقة "حوار".
جاءت مبادرة تأسيس الفرقة من جانب كنان العظمة وعصام رافع. تعلم كنان العزف على الكلارينيت في دمشق ويعد حاليا شهادة دكتوراه في نيويورك. وقد لحن مقطوعات الفرقة بالاشتراك مع عازف العود عصام رافع الذي يشرف على إدارة القسم العربي للمعهد الأعلى للموسيقى بدمشق.
مزيج ساحر
تتمازج داخل تلحينات وارتجالات الفرقة عناصر من الموسيقى الكلاسيكية الغربية مع تقاليد موسيقية عربية وتأثيرات من الجاز لتفضي جميعها إلى مزيج ساحر. "هذا الذي نقوم به ليس بموسيقى عربية، لكنه ليس بموسيقى كلاسيكية أيضا. إنه مزيج من كلّ ما نحبذ الاستماع إليه وما نعتقد أنه التعبير عما يرافق حياتنا اليومية من إيقاع "، يوضح كنان العظمة. لقد تربيت طوال حياتي على الموسيقى الكلاسيكية الغربية، لكنني في الآن نفسه أعيش هنا حيث الموسيقى العربية حاضرة حضورا كليا. لذلك هي تتسرب بصفة آلية داخل تأليفي الارتجالي."
تنوع أسلوبي
ليس من السهل تحديد هوية بعينها لموسيقى "حوار" كما يؤكد عظمة. والمستمعون أنفسهم مختلفون في تلقيهم لهذه لموسيقى؛ البعض يرى فيها جاز، والبعض يقول لا، إنها موسيقى عربية، لا، بل موسيقى كلاسيكية، بل موسيقى طلائعية حديثة من القرن العشرين."
ومن خلال تركيبة الفرقة في حد ذاتها وذلك المزيج بين الآلات الغربية والشرقية تبرز المساحة الواسعة التي يتحرك داخلها هذا الأسلوب الموسيقي: الكلارينيت (كنان العظمة) والعود ( عصام رافع) يرافقهما الطبل (بادي رافع) وآلة الإيقاع (سيمون مريش) والكمان الجهير (خالد عمران).
إدراك الطابع الموسيقي
درست مغنية الفرقة ديما أورشو في سوريا وهولندا، وهي تجيد الغناء الأوبيرالي بنفس السهولة الذي تتحرك بها داخل تقنيات الأغنية العربية. "بطبيعة الحال لكلّ اتجاه موسيقي تقنياته الخاصة، لكن المحدد هو إدراك الطابع الموسيقي. ذلك أنّ وراء كلّ أسلوب تكمن فكرة بعينها تمثل الأساس الذي ينبني عليه ذلك الأسلوب، وإذا ما استطعت أن تفهم هذه الفكرة الأساسية فإنه سيكون بإمكانك أن تغنّي تلك الموسيقى"، توضح مغنية السوبرانو: "في الجاز أنت تتحرك فعلا بحرية، وفي الموسيقى العربية ينبغي أن تغني بصبوة الغرام، أما في الأوبرا فإنك تؤدي دورا!"
وسواء كانت الموسيقى تأملية أو راقصة فإنّ ذخيرة الفرقة تظل متنوعة وفتانة، بالأساس عبر آداء مقطوعاتها المرتجلة التي ترشح بالغرام والمتعة. "لقد كانت فكرتنا الأولية هي إنجاز حوار موسيقي: أن يتناول كل واحد مادة موسيقية بسيطة نسبيا وبطرق مختلفة و يطورها بلغته الخاصة" يقول كنان عظمة. إن الميل لدى الموسيقيين إلى التنويع والارتجال ليس من خصوصيات الجاز وحده، بل هو من مميزات التقاليد الموسيقية العربية أيضا.
في أواخر شهر مارس/آذار قدمت فرقة "حوار" في كولونيا أول حفل لها بألمانيا وحظيت بإعجاب الجمهور هناك. قبلها قدم الموسيقيون السوريون في رحلتهم الأولى بالخارج عروضا في الولايات المتحدة. وفي شهر يونية/حزيران لهم حفلات باليابان. سيتبع ذلك مباشرة ظهور أول قرص CD للفرقة.
بقلم فيرا رويش، قنطرة 2004
ترجمة علي مصباح