من هو حزب الله وكيف وسع دائرة نفوذ إيران في الشرق الأوسط؟
كيف وسع حزب الله دائرة نفوذ إيران في الشرق الأوسط: منذ تأسيس جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية عام 1982، وهي تعمل بالتنسيق مع إيران في أنحاء الشرق الأوسط.
وفيما يلي تفاصيل واحدة من أهم العلاقات في الشرق الأوسط اليوم:
من هو حزب الله وكيف وسع دائرة نفوذ إيران في الشرق الأوسط؟
أسس الحرس الثوري الإيراني الجماعة في 1982، بهدف تصدير الثورة الإسلامية ومحاربة القوات الإسرائيلية التي غزت لبنان في نفس السنة.
يشارك حزب الله طهران الفكر الشيعي، ويعتبر أن المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي هو أيضا مرشده السياسي ومصدر إلهامه الروحي.
ولحزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة ودول غربية أخرى منظمة إرهابية، جناح عسكري قوي يقر الحزب بأن من يموله ويسلحه هو إيران.
تسيطر الجماعة أيضا على جهاز مخابرات هائل، وتتولى القيام بمهام حفظ الأمن في مناطقها الخاصة بجنوب بيروت وجنوب لبنان، فضلا عن المناطق الحدودية مع سوريا.
للحزب أيضا نواب في البرلمان ووزراء في الحكومة. وتمدد نفوذه السياسي في 2018، عندما فاز مع حلفائه بأغلبية المقاعد في مجلس النواب.
يدير، ضمن أنشطته التجارية، امبراطورية من منافذ تجارة التجزئة وشركة بناء. ويدير الحزب أيضا مدارس وعيادات.
تعاظمت قوة الجماعة، وأصبحت أقوى من الدولة اللبنانية نفسها على مدى العقود الأربعة الماضية، واقترن اسمها في الأذهان بالصراع مع إسرائيل.
فقد أرغم مقاتلو الحزب إسرائيل على الخروج من لبنان عام 2000 وأطلقوا أربعة آلاف صاروخ على إسرائيل في حرب استمرت 34 يوما في 2006. ومنذ ذلك الحين، يعيد الحزب تسليح نفسه ليزداد قوه على قوته.
وتُوجَّه للجماعة اتهامات بشن هجمات بالقنابل خارج حدود لبنان. تشير الأرجنتين بأصابع الاتهام لحزب الله وإيران في تفجير استهدف مركزا للجالية اليهودية في بوينس أيرس قتل فيه 85 شخصا عام 1994 وفي هجوم على السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس في 1992 سقط فيه 29 قتيلا. وينفي الحزب وطهران المسؤولية عن التفجيرين.
اتهمت بلغاريا أيضا حزب الله بشن هجوم بالقنابل أسفر عن مقتل خمسة سائحين إسرائيليين في مدينة بورجاس المطلة على البحر الأسود في 2012. ونفى الحزب تورطه.
كيف يساعد حزب الله إيران في المنطقة؟
يساعد حزب الله إيران على إبراز قوتها في أنحاء المنطقة.
فالأمين العام للحزب، حسن نصر الله، شخصية بارزة في "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها العرب.
يساعد نصر الله، المتحدث اللبق بشخصيته الكاريزمية، على حشد وتنظيم تحالفات طهران العربية.
تجلت الصلة الوثيقة بين حزب الله وإيران بوضوح عندما دخل الحزب في 2013 إلى مستنقع الحرب السورية بجانب طهران مدافعا عن حليفهما المشترك الرئيس بشار الأسد.
وفي العراق، أعلنها حزب الله صراحة بأنه يدعم الفصائل الشيعية المسلحة المدعومة من إيران.
وفي اليمن، يقول التحالف الذي تقوده السعودية إن الحزب يدعم الحوثيين المتحالفين مع إيران في حربهم ضد التحالف بقيادة السعودية. ونفت الجماعة في 2017 إرسال أي أسلحة إلى اليمن. ويعترف الحزب بدعم حركة حماس الفلسطينية.
أين مكان لبنان في اللعبة؟
رسخ حزب الله مكانة إيران كلاعب رئيسي في لبنان، البلد الذي تتنازع فيه على النفوذ الولايات المتحدة وروسيا وسوريا والسعودية ودول أخرى كثيرة منذ سنوات.
شنت جماعات غامضة، يقول مسؤولون أمنيون لبنانيون وأجهزة مخابرات غربية إنها مرتبطة بحزب الله، هجمات أرغمت القوات الأمريكية على الانسحاب من لبنان في أوائل عقد الثمانينيات من القرن الماضي، بما في ذلك هجمات انتحارية على سفارات غربية. ولم يؤكد حزب الله أو ينفِ قط مسؤوليته عن تلك الهجمات.
دخل حزب الله معترك السياسة في لبنان بشكل أكثر وضوحا بعد مقتل رئيس الوزراء السني الأسبق رفيق الحريري وانسحاب القوات السورية من البلاد في 2005.
وأدانت محكمة مدعومة من الأمم المتحدة العام الماضي 2020 عضوا في حزب الله بتهمة التآمر لقتل الحريري، الذي كان يُنظر إليه على أنه تهديد للنفوذ الإيراني والسوري في لبنان، إلا أن المحكمة لم تعثر على دليل قاطع يؤكد تورط قيادة حزب الله بشكل مباشر.
ينفي الحزب أي دور له في قتل الحريري ويتهم المحكمة بأنها دمية في أيدي أعدائه في الولايات المتحدة وإسرائيل.
ونظرا لأن لبنان قاعدة الحزب ونقطة انطلاقه، يشغل لبنان مساحة هائلة من اهتمامات كل من الجماعة وإيران. يستخدم الحزب نفوذه السياسي،
والعسكري في بعض الأحيان، لمواجهة التهديدات من خصومه اللبنانيين الذين يقولون إن ترسانته الضخمة من الأسلحة تقوض الدولة.
وفي 2008، سيطر مقاتلو حزب الله على بيروت عندما اندلع صراع مع حكومة كانت تدعمها السعودية والغرب آنذاك.
في الآونة الأخيرة، تقود الجماعة دعوات تطالب بإقالة المحقق الرئيسي في انفجار ميناء بيروت، القاضي طارق بيطار، الذي يلاحق بعضا من أقرب حلفائها بتهم الإهمال. ويقول الحزب إن التحقيق مسيس ومنحاز.
لماذا كل هذه الفوضى في لبنان؟
قُتل ستة أشخاص على الأقل بالرصاص في بيروت يوم الخميس 14 / 10 / 2021 في مظاهرات مرتبطة بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت الكارثي العام الماضي 2020 في أسوأ عنف أهلي بالمدينة منذ سنوات.
وتزيد الأحداث الدامية الأخيرة من آلام دولة تعاني من أسوأ انهيار اقتصادي في العالم إلى الآن.
وفيما يلي أهم ملامح أزمات لبنان:
التحقيق
اندلع إطلاق النار يوم الخميس عندما توجه محتجون إلى مظاهرة دعت إليها جماعة حزب الله وحليفتها حركة أمل للمطالبة بعزل القاضي الذي يحقق في انفجار المرفأ.
وتتزايد التوترات السياسية بسبب التحقيق في الانفجار الذي تسبب قي مقتل أكثر من 200 شخص ودمر أجزاء كبيرة من العاصمة.
وحاول القاضي استجواب عدد من كبار السياسيين والمسؤولين الأمنيين الذين يشتبه بأنهم أهملوا في أداء واجباتهم مما تسبب في الانفجار الذي نتج عن كمية ضخمة من نيترات الأمونيوم. ونفوا جميعا ارتكاب أي أخطاء.
الانقسامات الطائفية
ترجع الأزمة التي تسبب فيها التحقيق إلى واحدة من مشكلات لبنان الأساسية وهي السياسات الطائفية التي قسمت لبنان وتسببت في الصراع الأهلي فيه منذ الاستقلال. ويقف الشيعة والمسيحيون في جانبين متقابلين على خط المواجهة.
بعض أبرز المشتبه بهم المطلوب استجوابهم حلفاء من الشيعة لجماعة حزب الله المدججة بالسلاح والمدعومة من إيران.
وأصدر قاضي التحقيق طارق بيطار أمرا بتوقيف أحدهم هذا الأسبوع وهو علي حسن خليل وزير المالية السابق واليد اليمني للسياسي الشيعي رئيس مجلس النواب نبيه بري والحليف الوثيق لجماعة حزب الله.
وأراد بيطار أيضا استجواب مسؤولين من غير الشيعة. ومن بين هؤلاء المسؤولين رئيس الوزراء السابق حسان دياب وهو سني، وضابط
مسيحي كبير، وسياسي مسيحي بارز هو يوسف فينيانوس وهو حليف لحزب الله.
في حين أن التحقيق يمثل ضربة قوية للشيعة فقد قوبل بتأييد واسع من المسيحيين حتى من حليف حزب الله الرئيس ميشال عون. وتسبب ذلك في
انقسام بين حزب عون وجماعة حزب الله.
الموضوع حساس بالنسبة للأحزاب المسيحية لأسباب من بينها أن أغلب أضرار الانفجار وقعت في الأحياء التي يغلب عليها المسيحيون على الرغم من أن الانفجار أودي بحياة كثير من المسلمين.
انهيار اقتصادي
تأتي هذه الأحداث الدامية في لبنان على خلفية أحد أشد حالات الكساد الاقتصادي في العالم، والتي نجمت عن انهيار نظامه
المالي عام 2019.
هذا الانهيار، الذي ألقى بنحو ثلاثة أرباع اللبنانيين إلى هاوية الفقر وأطاح بنحو 90 بالمئة من قيمة العملة، نجم عن عقود من
سوء الادارة المالية والفساد من جانب النخبة الطائفية.
وتعهدت الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي بإحياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتأمين الحصول على حزمة إنقاذ.
لكن يتعين على لبنان الاتفاق أولا على حجم الخسائر الفادحة التي مني بها النظام المالي وكيفية تقاسمها، وهو الأمر الذي فشلت في القيام به الحكومة والبنوك والمصرف المركزي العام الماضي 2020.
في الوقت نفسه يدفع الانهيار في لبنان بمزيد من اللبنانيين إلى الهجرة في تجريف للعقول على مستوى كل الطوائف، الأمر الذي يقول اقتصاديون إنه سيؤخر لبنان لسنوات.
التأثير الخارجي
تزيد المصالح الخارجية من تعقيدات شبكة التجاذبات الطائفية في لبنان.
على مدى سنوات كان ميزان القوى في لبنان يميل لصالح حزب الله وحلفائه على حساب الفصائل التي ربطت نفسها بحكومات غربية ودول الخليج العربية التي يقودها السنة والتي تخلت إلى حد كبير عن حلفائها اللبنانيين.
وهذا الأسبوع نددت واشنطن التي تصنف حزب الله جماعة إرهابية بما وصفته بإقدام الجماعة على ترهيب القضاء. وساندت فرنسا أيضا
التحقيق قائلة إنه لابد أن يتم بشكل مستقل وغير منحاز.
وبينما نأت السعودية بنفسها عن حليفها اللبناني السني القديم سعد الحريري، أصبح لها علاقة جيدة مع سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية.
ما هو مدى سوء الأزمة في لبنان؟
تفاقم الانهيار المالي في لبنان بصورة سريعة مع إصابة معظم البلاد بالشلل بسبب نقص الوقود الذي تسبب في وقوع حوادث أمنية في جميع أنحاء لبنان.
وأدى التدهور السريع في لبنان، الذي تفاقم بسبب الجمود السياسي، إلى إثارة قلق الغرب. ودق بعض كبار المسؤولين اللبنانيين ناقوس الخطر بشأن بلد قضى 30 عاما يتعافى ببطء من الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 حتى عام 1990.
واتفق رئيس الوزراء نجيب ميقاتي يوم الجمعة 10 / 09 / 2021 على تشكيل حكومة جديدة مع الرئيس ميشال عون مما أثار آمالا في أن تتخذ الدولة أخيرا إجراءات لوقف الانهيار والدخول من جديد في محادثات مع صندوق النقد الدولي ، على الرغم من إخفاق جميع الحكومات السابقة في تطبيق الإصلاحات اللازمة.
وفيما يلي نظرة عامة على الجوانب المختلفة للأزمة.
الانهيار الاقتصادي
سقط نحو 78 في المئة من اللبنانيين في براثن الفقر على مدى عامين. ويقول البنك الدولي إنها إحدى أشد حالات الكساد في العصر الحديث.
وتخلف لبنان في بدايات الأزمة عن سداد الدين العام الضخم بما في ذلك 31 مليار دولار من سندات اليوروبوند التي لا تزال مستحقة للدائنين.
وانخفضت قيمة العملة أكثر من 90 في المئة مما أدى إلى تدمير القوة الشرائية في بلد يعتمد على الواردات.
وأصيب النظام المصرفي بالشلل. ومع منع المودعين من سحب مدخراتهم
بالعملات الأجنبية أو إجبارهم على سحب النقود بالعملة المحلية المنهارة فإن هذا يعد حاليا بمثابة هبوط فعلي في قيمة الودائع بنسبة 80 في المئة.
وذكر برنامج الغذاء العالمي أن أسعار المواد الغذائية قفزت 557 في المئة منذ أكتوبر تشرين الأول 2019 كما انكمش الاقتصاد بنسبة 30 في المئة منذ 2017.
وأدى نقص الوقود إلى إصابة الحياة العادية بالشلل مما أثر على الخدمات الأساسية بما في ذلك المستشفيات والمخابز. ونفذت أيضا الأدوية الحيوية.
وغادر كثيرون من اللبنانيين أصحاب الكفاءات البلاد في هجرة مستمرة للمهارات.
الأمن
أدى نقص الوقود إلى وقوع مواجهات في محطات البنزين حيث يضطر سائقو السيارات إلى الانتظار لساعات وكادت تحدث مواجهات بالأسلحة خلال مشاجرات على الوقود. وخُطفت شاحنات لنقل الوقود. وتحول أحد الخلافات على البنزين في جنوب لبنان إلى مواجهة طائفية بين قرى شيعية ومسيحية مجاورة.
ويشجع تراجع مكانة الدولة على الخروج على القانون في مناطق من لبنان. واستخدمت البنادق الآلية الثقيلة والقذائف الصاروخية في معركة وقعت في الآونة الأخيرة بين عشائر سنية متناحرة في شمال لبنان.
ويزيد كل هذا من الضغط على قوات الأمن. وحذرت قيادات أمنية من تأثير الأزمة على مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش مع انخفاض قيمة رواتب الجنود مع تراجع الليرة.
وحث اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن اللبناني ضباطه على الوقوف بحزم في مواجهة الأزمة محذرا من الفوضى التي ستنجم عن انهيار الدولة.
المشهد السياسي
وصفة إصلاح الوضع معروفة. فقد وعد المانحون مرارا بتقديم أموال إذا بدأ لبنان في إصلاحات لمعالجة الأسباب الجذرية للانهيار بما في ذلك اتخاذ خطوات لمكافحة الفساد في الحكومة.
لكن بدلا من القيام بما هو ضروري، ظل الساسة الطائفيون في لبنان، الذين حارب كثيرون منهم في الحرب الأهلية، على خلاف بشأن المقاعد في الحكومة الجديدة لأكثر من عام قبل الانفراجة التي حدثت يوم الجمعة.
واتهم خصوم الرئيس ميشال عون، وهو مسيحي ماروني، عون والتيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه بعرقلة العملية من خلال المطالبة بأن يكون له حق النقض بشكل فعال في الحكومة الجديدة. ونفى عون مرارا تقديم هذا الطلب.
وكان للخلاف أبعاد طائفية مع اتهام ساسة سنة، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، عون بمحاولة تقويض منصب رئيس الوزراء المخصص للسنة. وعون حليف لجماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران والمدججة بالسلاح.
وأكد ميقاتي يوم الجمعة للبنانيين أن مجلس الوزراء سينحي الخلافات السياسية جانبا ويركز على المهمة الملقاة على عاتقه.
وتقول مصادر سياسية إن انتخابات الربيع المقبل، التي تعهد ميقاتي يوم الجمعة بأنها ستجرى في موعدها، تزيد من تعقيد العملية، مع تركيز الأحزاب على الحفاظ على مقاعدها أكثر من تركيزها على إنقاذ لبنان.
وأضاف قرار حزب الله باستيراد الوقود من إيران قدرا أكبر من التعقيد على المشهد السياسي. وكان حزب الله قد دعا مرارا لتشكيل حكومة جديدة.
ويتهم معارضو حزب الله الجماعة بأنها تقوض الدولة بشكل أكبر وتعرض لبنان لخطر فرض الولايات المتحدة عقوبات عليه.
وما زالت دول الخليج، التي تقدم أموالا للبنان بشكل تقليدي، مترددة حتى الآن في القيام بذلك، بسبب تنامي نفوذ حزب الله المدعوم من إيران.
وقال ميقاتي يوم الجمعة إن لبنان بحاجة إلى العالم العربي وإنه لن يترك أي فرص لفتح الأبواب مع جيرانه العرب. رويترز
..............................
طالع/ـي أيضا
لهذا تأزم لبنان وانزلق إلى فوضى اقتصادية
أكثر من نصف سكان لبنان باتوا فقراء
رائحة بيروت - نفحة العشق ومتن الفكر وصوت فيروز
..............................
[embed:render:embedded:node:41133]