التراث العلماني في مواجهة مشاكل الحاضر
طبع رئيس الحكومة الهندية الأول نهرو بجانب مهاتما غاندي حركة الاستقلال الهندية بطابعه المتميز الخاص. من خلال تجربة استقلال الهند ومن بعد تجزئة هذه المستعمرة البريطانية السابقة في العام 1947 إلى دولتين أصبح نهرو الذي عرف عنه تبنيه لمذهب اللاأدرية (أي تحكيم العقل في تقييم المعتقدات الدينية) شاهدا على أكثر الصراعات دموية التي شهدتها شبه القارة الهندية بين الهندوس والمسلمين وأتباع مذهب السيخ.
يومها فر مسلمون من الهند نحو باكستان كما فر بالمثل هندوس وأتباع السيخ في الاتجاه المعاكس لذلك. فيما كان أنصار هذه الأطراف المتنازعة يرددون الشعارات الدينية كانوا يعمدون إلى قتل بعضهم البعض ويغتصبون النساء ويدمرون البيوت حرقا.
علمانية نهرو
يعيش اليوم في الهند ثالث أكبر عدد من المسلمين في كافة أنحاء العالم، حيث يبلغ تعدادهم ما يقارب 150 مليون نسمة. محور اهتمام شاشي تارور على وجه خاص التراث العلماني الذي خلّفه نهرو وذلك بسبب التوترات التي طرأت مجددا على الهند في مطلع القرن الحادي والعشرين في صفوف الأديان والطبقات (بالمفهوم التقليدي الهندي).
كان نضال نهرو الدؤوب من أجل تكريس علمانية الدولة الهندية حافلا منذ البداية على نحو كبير شامل للنزاعات. فقد طرأت على حزب المؤتمر الذي وحد في سنوات تأسيسه الأولى كلا من الهندوس والمسلمين وأتباع السيخ تحت شعار الكفاح من أجل نيل الاستقلال، في عشرينيات القرن الماضي على الأقل ملامح شرخ أولية في صفوفه.
من عوامل ظهور هذا الشرخ ، الأمر الذي كان شاشي تارور محقا في الإشارة إليه، سياسة "فرّق تسد" التي مارستها السلطة الاستعمارية البريطانية.
يشدد شاشي تارور على أن أفضل الصفات التي تحلى بها نهرو كونه تمسك حتى بعد توليه منصب رئيس الحكومة بالمبادئ الديموقراطية التي آمن بها. قام نهرو بالتعاون مع الرئيس اليوغوسلافي تيتو والرئيس المصري جمال عبد الناصر بإنشاء حركة الدول غير المنحازة التي وقف أعضاؤها موقفا محايدا حيال الاستقطاب بين الشرق والغرب وطالبوا بنزع السلاح.
كما أن نهرو انتقد قيام الاتحاد السوفيتي بقمع الانتفاضة المجرية في العام 1956 بقدر انتقاده للتنكيل بحركات التحرير المناوئة للاستعمار في العالم الثالث من قبل الإمبريالية الغربية.
أرضية أخلاقية
من جانب آخر ينتقد شاشي تارور أولويات السياسة الخارجية لنهرو. فهو يقول "كانت بياناته الخارجية متسمة بالتعقيب تفصيلا على السياسة الدولية ومن أرضية أخلاقية متشددة في هذا السياق، مما جعل تلك البيانات تبدو وكأنها صادرة عن حركة للتحرير أكثر من كونها حكومة تابعة لدولة ما".
لا شك أن تقييم تارور هنا صائب، فنهرو لم يعر مفهوم السياسة المبنية على "القوة" اهتماما يذكر، بل كان ينظر إلى السياسة الدولية على حد تعبير عبد الناصر على أنها تنبع من مصالح البشرية بكاملها. ويأسف تارور لكون "هذه الرؤية قد وقفت حجر عثرة أمام تشكيل علاقات ثنائية مع دول كان من شأنها خدمة مصالح الهند".
لكن النقد الأشد حدة وجهه تارور إلى نهرو في سياق التصورات الاقتصادية التي كان الزعيم الهندي يؤمن بها والمرتبطة ارتباطا وثيقا بالاشتراكية. يفسر تارور رفض أول رئيس للحكومة الهندية للاستثمارات الأجنبية بالتجارب التي كانت ما تزال حاضرة في ذهنه من العهد الاستعماري البريطاني.
نهب الاقتصاد الحربي البريطاني في أواخر سنوات الحرب العالمية الثانية كميات هائلة من ثروات الهند الطبيعية مما تسبب في وقوع نكبات جوع من أمثلتها أن أكثر من ثلاثة ملايين هندي لاقوا حتفهم في العام 1943 في منطقة البنغال وحدها. على الرغم من ذلك يرى تارور خطأ في رؤية نهرو المبنية على الربط بين الاستقلال السياسي من جانب وبين الاستقلال الاقتصادي والاعتماد على الذات من جانب آخر.
الليبراليون الجدد في الهند أيضا
يعتقد المؤلف تارور على عكس نهرو بأن النمو الاقتصادي للهند الذي لاحت معالمه الأولية في مطلع التسعينيات من خلال فتح الأسواق يؤدي إلى تحرير المجتمع والتغلب على الحواجز القائمة في صفوفه سواء طبقيا أو دينيا.
هناك قراءة تختلف عن ذلك داخل الهند لا سيما من قبل نقاد التوجه الليبرالي الجديد للسياسة الاقتصادية وهذا أمر لا يتطرق إليه المؤلف الطامح في الوصول إلى أعلى منصب في الأمم المتحدة. هؤلاء النقاد يعتبرون التوترات الواقعة مؤخرا في صفوف الطبقات والأديان المختلفة تعبيرا عن تفاقم الصراع من أجل البقاء. فمنذ أن اعتمدت الهند مبدأ المنافسة التجارية الحرة زادت حدة الهوة القائمة بين الأغنياء والفقراء.
يطالب في هذا الصدد أحد زملاء تارور، المقرر الخاص للأمم المتحدة جان تسيغلير، بتوفير الغذاء للجميع ويلاحظ قائلا "فيما أفرزت النهضة الاقتصادية للهند في قطاع التكنولوجيا الحديثة ثروات جديدة اليوم ما زال هناك في نفس الوقت 400 مليون فرد يرزحون تحت طائل سوء التغذية".
وصف نهرو الصراعات المحتدمة بين الطوائف الدينية قبل فترة قصيرة من نيل الهند لاستقلالها بأنها "محض غطاء لمصالح اقتصادية قوية". يروي طارق علي، وهو ممن ألفوا كتبا في سيرة حياة نهرو، بأن حزب المؤتمر لم ينشر رسالة نهرو العلمانية بالصورة الكافية المطلوبة التي كان من شأنها أن تحول دون تجزئة شبه القارة الهندية.
كان لدى نهرو قناعة حول ضرورة تعريف المصالح المشتركة للهنود وفقا لانتماءاتهم الطبقية لا الدينية. لكنه من المؤكد أن شاشي تارور لا يؤمن بهذا التراث الذي خلّفه نهرو.
غيرهارد كلاز
ترجمة عارف حجاج
حقوق الطبع قنطرة 2006
قنطرة
لنتعلم من الهند!
أصغر علي انجنير أحد أبرز المفكرين المسلمين في الهند الذي يرتكز في كتاباته على الإرادة الحرة التي حسب اعتقاده هي جوهر الديانة الحية. مقال بقلم فاطمة صغير
تحرك ديني في الهند ضد الإرهاب الإسلامي
من منبع شعورهم بالالم من نعت المسلمين الدائم بـــ "الارهابيين" بدأ العلماء المسلمون من أتباع المدرسة التقليدية في الهند بحملة تؤكد على ان الاسلام دين سلام وليس دين عنف.
صراع ديني بطريقة مُسلية
وصلت موجة بوليوود الآن إلى الغرب. لكن ما مدى النقد الاجتماعي والتسيس في هذه الأفلام الهندية التي تتناول بالدرجة الأولى مواضيع الحب والاستهلاك والثراء؟ هذا التقرير الذي أعدته بويه أنصاري يقدم الإجابات عن هذه الأسئلة