موائد رمضانية تبحث عن نكهة الروحانية
تحتفل غالبية بلدان العالم الإسلامي يوم غد السبت (22 آب/ أغسطس 2009) ببدء شهر رمضان، ومع اقتراب هذا الموعد تبدأ الجالية المسلمة في ألمانيا، والمقدرة بنحو أربعة ملايين شخص، بالاستعداد لهذا الشهر وإن كان ذلك يتم بشكل مختلف تماما عن البلدان الأصلية. وفي هذا السياق تقول سعيدة، شابة مغربية تعمل في مدينة بون الألمانية، إنه في أغلب المدن الألمانية لا توجد مظاهر الاستعداد لاستقبال هذا الشهر.
وتؤكد هذه الشابة المغربية أن هناك فرقا كبيرا بين رمضان في المغرب وفي بلاد الغربة. ومع ذلك فهي تحاول جاهدة خلق بعض الأجواء كما تقول: "بالنسبة لي أحاول خلق جو رمضاني كما تعودت عليه في المغرب بتحضير بعض الحلويات التي تصاحب مائدة الإفطار وشراء بعض اللوازم والسلع المميزة التي تتماشى مع الأطباق التي نحضرها خلال هذا الشهر". غير أنها تستطرد قائلة: "ظروف العمل لا تسمح لنا خلال شهر رمضان بالإفطار جماعة، ما يجعل شهر رمضان لا يختلف كثيرا عن الأيام العادية في ألمانيا".
غياب الأجواء الروحانية...
أما محمد، شاب سعودي يعيش في مدينة برلين، فلا يختلف رأيه كثيرا عن المغربية سعيدة، إذ يعتبر شهر رمضان في بلد المهجر إمساكا عن الطعام فقط دون الإحساس بالجو الروحاني لهذا الشهر، إلا أنه يذهب إلى بعض المطاعم التي تحضر الإفطار الجماعي للجالية المسلمة للإحساس بالأجواء نفسها التي يعيشها في السعودية بين الأهل. ومع ذلك فقبل حلول الشهر يجد محمد صعوبة في تحديد أول أيام الصيام كما يقول: "شخصيا لا أعرف أي مسجد أتبع لمعرفة اليوم المحدد لبداية الصوم، لأنه لا توجد وحدة في القرار، لهذا فأنا أفضل الصيام حسب بلدي".
رمضان في كنف العائلة...
وإذا كانت رؤية هلال شهر رمضان تخلق مشكلا بالنسبة للمسلمين بألمانيا، فغياب الطقوس التي تطبع الشهر يعتبر أصعب شيء يواجههم. غير أن الأمر يختلف قليلا عند ليلى؛ فهي عراقية تعيش وسط عائلتها بمدينة هانوفر، والاستعدادات تكون مختلفة لديهم، وذلك باقتناء المواد والسلع الضرورية لإعداد المأكولات المنزلية المميزة وتطييب البيوت. وفي هذا الإطار تقول: "نقوم بتحضير بعض الأكلات العراقية قبل حلول شهر رمضان، ونقوم بزيارة الأقرباء والأصدقاء حتى نشعر بالجو الروحاني لهذا الشهر، كما نحاول تعويد الأطفال على الصيام ولو لبضع سويعات، كما تعودنا عليه في بلدنا".
ومن ناحيته، يرى بهاء؛ شاب سوري متزوج وأب لطفلين، أن قضاء رمضان وسط العائلة يكون له وقع خاص على الصائم، إذ يقوي إحساسه بأهمية هذا الشهر ويقوي عزيمته من أجل إتمام صيامه. ويضيف في هذا الصدد قائلا: "قبل أن أستقر مع عائلتي في ألمانيا لم أكن أحس بشهر رمضان، وكنت أتمنى أن يمر في أسرع وقت، لكن بعد أن صرت أعيش وسط كنف الأسرة اختلف طعم هذا الشهر بالنسبة لي لأن الإفطار جماعة يجعل الإنسان يحس بحلاوة شهر رمضان".
صيف رمضاني....
ويتزامن شهر رمضان هذه السنة مع فصل الصيف، وهذا ما جعل العديد من العرب يفضلون قضاءه في بلدانهم، وصفاء واحدة منهم، فقد اغتنمت هذه الفرصة للاستمتاع بشهر رمضان وسط الأجواء العائلية بالمغرب، وذلك لاعتبارات توضحها. وفي هذا السياق تقول: "هذه السنة سأسافر لقضاء شهر رمضان بالمغرب للإحساس بالجو الرمضاني وطقوسه مع العائلة. ولأنني أجد الصيام في بلد المهجر صعبا بالنسبة لي، فالناس يأكلون في الشارع والأجواء الرمضانية منعدمة".
وإذا كانت صفاء قد انتظرت حتى تزامن شهر رمضان مع عطلتها الدراسية، فأيمن، يعمل في ألمانيا منذ 5 سنوات، يسافر إلى تونس كل سنة في شهر رمضان كما يقول "أحاول أن أقضي ولو جزءا قليلا من شهر رمضان في بلدي لأنني لم أستطع بعد التأقلم مع جو رمضان في ألمانيا، فالأكل مختلف ومدة الصيام أطول". و بين من يستعد لاستقبال شهر رمضان بالمهجر ومن يفضل السفر إلى بلده الأصلي للاستمتاع بالجو الروحاني، يعتبر هذا الشهر مناسبة للتواصل والزيارات العائلية، ما يضفي عليه طابعا اجتماعيا لدى المسلمين.
سارة زروال
حقوق الطبع: دويتشه فيله 2009
قنطرة
رمضان في ألمانيا:
رحلة روحانية ساعات صومها طويلة
يعد شهر رمضان مناسبة دينية مهمة في المجتمعات الإسلامية، إلا أن إحياء شعائره وطقوسه تختلف من مجتمع إلى آخر ودرجات مشاقه تتفاوت من بيئة إلى أخرى. والمسلمون في ألمانيا هم امتداد لهذه الاختلافات، غير أن عدد ساعات الصيام الطويلة التي تصل إلى 15 ساعة يوميا يشكل تحديا كبيرا يحتاج كثيرا من الصبر.
خلافات المسلمين حول رؤية هلال رمضان:
الرؤية العيانية ام الحسابات الفلكية؟
يشكل تحديد التوقيت الدقيق لبداية ونهاية شهر رمضان مصدرا للخلاف في العالم الإسلامي، وذلك بسبب الطرق المختلفة التي تتبع في تحديد رؤية الهلال، إذ يبلغ الفارق أحيانا يومين بين بعض الدول الإسلامية. تقرير كتبه كرستيان لونن عن أسباب هذا الخلاف.
الصيام في سجن ألماني:
شهر رمضان خلف جدران عالية
مائة سجين مسلم يقضون عقوبتهم في سجن مدينة هايلبرون الألمانية، البعض منهم يأدون فريضة الصيام ويحصلون على مساعدة إدارة السجن ومتطوعين من الخارج. تقرير شتيفين فيلغر.