أمينة ديميربوكن-فيغنر - تحمل قلبا برلينيا ودفترا حـزبيا
اُنتخبت أمينة ديميربوكن-فيغنر- بنسبة 8ر66 بالمائة من الأصوات عضواً في الهيئـة الرئاسية لحـزب الاتحــاد الديمقراطي المسيحي. وبهذا أصبحت أول امرأة ذات أصـول تركيـة تتقلد هذا المنصب. في المقابلة التالية تتحدث السياسية عن عملها الحزبي وعن "الثقافة الألمانية الرائدة" وعن الاندماج.
سـيدة أمينة ديميربوكن - فيغنر منذ ديسمبر / كانون الأول 2004 وأنتِ عضـو في اللجنـة الرئاسية الاتحاديـة لحـزب الاتحـاد الديمقراطـي المسيحي مـاذا يعنـي ذلك بالنسبة لكِ؟
أمينة ديميربوكن - فيغنر: أقول بداية إن هذا لشرف كبير بالنسبة لي ودليل ثقة منحني إياها حزبي على الصعيد الاتحادي، يدل على أن المجـال يُفسـح للمهاجريـن أيضاً إذا ما نشطوا في مجـال السياسة وقدّمـوا الإنجـازات. وهكـذا فإن انتخابـي هو خطـة صحيحـة وهامـة في المجتمـع المتنـوع.
تم انتخابك في اللجنة الرئاسية الاتحادية بنسبة 8ر66 بالمائـة من أصوات حزبكِ. هل يستدل من ذلك على حـدوث تغيير توجه في صفـوف حـزب الاتحـاد الديمقراطي المسيحي بما يتعلـق بسياسة الحزب التي كان يتبعها إزاء الأجانب؟
ديميربوكن - فيغنر: تغييـر توجـه ؟ لا أدري ماذا تعني بذلك.
لحـد الآن لم يكن حـزب الاتحـاد الديمقراطي المسيحي معروفـاً بأنه ينتهج سياسـة وديـة إزاء الأجانب.
ديميربوكن - فيغنر: أعتقــد أن هذا أمـر لا يتحمل الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلاّ جزءاً بسيطـاً من مسؤوليته، فقد كنت دائماً من بين أعضـاء الحزب، ولاسيما في برلين، الذين نبهوا منذ عـدة سنوات إلى سياستنا السليمـة في مجـال الاندمـاج وإلى مضامينها الفكريـة، غيـر أننا لم نجـد، بشكل أو آخـر، آذاناَ صاغيـة.
وكنا كحزب معارض نجابه صعوبات جمة في إيجـاد من يصغي إلينا بخصوص فحوى ما نعرضه من مواضيع. وفي السنوات الأخيـرة أصبح من السهل جـداً دفعنا بصفة العـداء للأجانب بدلاً من مناقشة الأفكـار التي يطرحها حزبنا.
ولكن وعلى سبيل المثال، أليس جمع التواقيع في ولاية هَسـن ضد الجنسية المزدوجة هو عملية تتعارض حتماً مع الاندماج؟
ديميربوكن - فيغنر: بخصوص هذه الحالة أستطيع أن أذكر لكِ عشرة اجراءات اندماج أخرى تكللت بالنجاح ولم تجد قبولاً لدى الرأي العام. وهكذا فإن هذه المقارنات غير صحيحة.
لماذا تشعرين بأن حـزب الاتحـاد الديمقراطي المسيحي هو المكـان المناسب لكِ ولم تصبحي مثلاًَ عضواً في حـزب الخضر أو الحـزب الإشتراكي الديمقراطـي؟
ديميربوكن - فيغنر: لأنني لم أختـر هذا الحزب من وجهة نظر امرأة تركية. اخترتـه لكوني إنسان يعيش منذ سـنوات طويلة في ألمانيـا في برلين ويتماشى مع المدينـة ومجتمعها. وهكذا فإن المضمون كان مهماً بالنسبة لي هناك حيث كنت أجـد نفسي في الغالب مثلاً في مجـال السياسـة الأسـرية والداخليـة والأمنيـة.
من المؤكـد ان هناك دائمـا وأبدا مواضيـع تثير جدلاً في الحـزب وان هناك من يتبنى أفكـار معارضته، وهذا أمـر اعتيادي في حزب جماهيري ديمقراطي. فهناك تنوع في الأفكار وفروق في الآراء وهذا أمر حتمي في حزب جماهيري ديمقراطي وإلا فإن الركـود هـو النتيجـة.
سيدة أمينة ديميربوكن - فيغنر، أنتِ سيدة مسلمة كيف يتم الجمع بين كونكِ تدينين بالإسلام وبين تأكيد حزبكِ على طابعه المسيحي؟ من خلال اسم الاتحاد الديمقراطي المسيحي؟
ديميربوكن - فيغنر: الجمع ممكن تماماً. خاصة وان كل من الدين الإسلامي والمسيحي واليهودي ثلاثة أديان إبراهيمية أي تنتسب إلى إبراهيم الخليل. إنها ثلاثة أديان عالمية وان ما يجمعها هو أكثر بكثير مما يفرق بينها. وهو أمـر غير معروف تمامـاً بالنسبة للـرأي العام. إنني أعمـل منذ سنوات طويلة من أجل الحوار بين الأديان وأعيش هذا الحـوار كذلك في حياتـي الزوجيـة المختلطـة ثقافيـاً ودينياً.
هل تسبّبْ أو سببتْ لك عقيدتـكِ صعوبات أو جدالات داخل الحـزب؟
ديميربوكن - فيغنر: على العكس. العقيدة أثارت اهتماماً كبيراً، فكثيراً ما وجهت لي دعـوات استطعت خلالها التحـدث عن الإسـلام وإبـداء معلومـات حوله وجـرت حـوارات مثمـرة جداَ ما زالت جاريـة حتى الآن.
إنكِ تدعين إلى انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وهناك من قِبل رئاسة الاتحاد الديمقراطي المسيحي اعتراض على العضوية الكاملة لتركيا في الاتحاد الأوروبي. ماذا يعني هذا بالنسبة لكِ؟
ديميربوكن - فيغنر: سـبق وأن قلت إن السياسـة تتعامـل مع مواضيع مختلفـة وهـذا لا يعني دائماَ الاتفـاق على رأي واحـد وقضيـة انضمـام تركيا على سبيل المثـال أحـد هـذه المواضيع وما علينـا إلاّ الانتظـار. الآن حصلت تركيا على موعد لإجراء مفاوضات حول انضمامها والسؤال الآن موجّـه لها، فعليها أن تضـع موضـع التنفيـذ عمليـات الإصـلاح وتطبق الـ 350 قانونا التي تم اصدرها خلال السنوات القادمـة.
وسنناقش مستقبلاَ وبكل تأكيـد عمليـات التنميـة،غير انـه حسب تقديري لابد من التأكيـد على التعامـل مع تركيـا بنفس الطريقـة التي تم التعامـل بها مع بقيـة البلـدان المنضمـة إلى الاتحـاد الأوروبـي أي إعطـاء تركيـا فرصـة منصفـة لتطويـر نفسها.
أنت تعنين أن الاتحـاد الديمقراطي المسيحي من الممكـن ألا يغيّـر موقفـه بخصوص انضمـام تركيـا إلى الاتحـاد الأوروبـي؟
ديميربوكن - فيغنر: لست الصوت الوحـيد الذي يدعـو إلى عضويـة كاملة لتركيا إذا ما توفـرت فيها المؤهلات. وهنـاك في الحـزب بعض من يفكـر باتجـاه مشابه، ولا بـد من إجـراء محادثـات مشتركة بهـذا الصـدد.
مـاذا يوحـي لكِ مصطلح " الثقافــة الألمانيــة الرائـدة" ؟
ديميربوكن - فيغنر: بالتأكيـد لم يناقش هذا الموضـوع بشكلٍ كافٍ في أوسـاط الـرأي العـام وكذلك في صفـوف حزبنـا. وليس هناك مناقشـة حول الثقافـة الألمانيـة الرائـدة. ان مصطلح الثقافـة الرائـدة هو مصطلـح صاغـه الدكتور بسام طيبي ،(عالم اجتمـاع سوري الأصل)، الذي كثـيراً ما قـال انه لم يتحـدث عن الثقافـة الألمانيـة الرائدة وإنمـا عن ثقافــة أوروبيـة رائـدة.
ولكن وعندمـا نتحـدث عن الثقافـة الألمانيـة الرائـدة نعني بذلك تطويـر وامتـلاك قانـون قيم مشترك ونسترشـد بالنظـام القانونـي في البلاد وعـدم الخـروج على الدسـتور والقانـون الأساسـي ونحترم المساواة بين الرجـل والمـرأة حينذاك لا أعتـرض على المصطلـح.
لكن شبح مصطلح "الثقافة الألمانيـة الرائدة" يحـوم منذ مـدة في أنحـاء البلاد دون تعريفـه بشكل صحيح؟
ديميربوكن - فيغنر: التعريف يكمـن في الاتجـاه الذي عدّدتُ جوانبـه: النظام القانونـي ونظام القيـم والدسـتور والقانـون الأساسـي ومسـاواة الرجل والمــرأة واللغــة الألمانيـة والتسامـح والتعدديـة والديمقراطيـة وليس عنـدي اعتـراض على هذه المفاهيـم الرائعـة. على العكس يجب أن تـُرسـخ أكثر في المجتمـع لأننا مجتمـع لم يعد متجانساَ بل متعـدد الألـوان والطـوائف وعلينا أن نعمـل على أن نصبـح شراكـة في المصير كمـا عبــرت عن ذلك بشكل جيــدة السيدة ميركل.
الاندمــاج مع الحفـاظ على الخـواص الثقافية! أين يبـدأ هذا بالنسبة إليك وأين ينتهـي؟
ديميربوكن - فيغنر: ليس بالامكــان ذكر قيـم إحصائية عندمــا يأتي المـرء إلى مجتمع كما حدث ذلك في ألمانيا في الخمس وأربعين سنة الأخيـرة يضاف لذلك إنني أفتـرض بطبيعة الحال وجـوب تعلم اللغة الألمانيـة واحتـرام الدستور والقانون الأساسي والنظام القانونـي والقِـيم وكذلك القبول بمساواة الرجل والمـرأة، وعندمـا نفهـم هذه القواعـد ونتقبلها كقانون قِـيم مشترك فليس هناك ما يحـول دون أن يعتني كل واحد بقِـيمه الثقافية دينية كانت أم لغوية.
وأنا قد أكـون بالنسبة لهـذا المجتمـع شخصـاً يمثل التكامـل بأعلـى درجاتـه، وبالرغـم من ذلك فانه من المهـم بالنسبة لي أن أستطيع التكلـم باللغـة التركيـة وأحتفي بأعيـادي كاحتفائي بالأعيـاد المسيحية وأن احتفظ ببعـض القيـم التي أخذتهـا من ثقافتـي الأخـرى، فليس بمقـدور المرء أن يرمـي جزءاً من هويته، التي تربـّى عليها في كنف عائلته، في سـلة المهمـلات وإلا فان المرء بهذا يتخلـى عن ذاتـه. وهكـذا لا يكتب النجـاح للتكامـل عندما لا يعـود المرء يعرف ماهيــة جذوره.
منذ شـهر يناير/ كانون الثاني أصبح قانون الهجرة في حيز التنفيذ. هل تعتبرين القانون التشريعي الجديـد كافياً أم انه مبالـغ فيـه أم ْ له قسـط ضئيل في الاندمـاج؟
ديميربوكن - فيغنر: ليس مبالغاً فيه على الإطلاق. انه أولاً خطـوة صحيحـة وهامـة نحو الأمـام لكنـه بطبيعة الحال غير كافٍ كما هو الحال مثلاً في مجال تعلم اللغة، فالأشخاص الذين أعطيناهم 600 حصـة لتعلـم اللغـة الألمانيـة يُسرّحون بعد ذلك فليس هناك عـروض للاستمرار كما لا توجـد عـروض استمرار في التأهيـل كما هو الحـال مثلاً في بلـدان الهجرة التقليديـة وهكـذا فإن هناك بطبيعـة الحـال في السنوات القادمـة حاجـة لمواصلة تحسين الوضـع.
لدينا ســؤال أخيـر. يعتبر النازحـون إلى ألمانيا مهاجرين. إن هذا التعبيـر لا ينطبق طبعاً على الجيل الثانـي والثالث والرابع الذي ولـد في ألمانيـا ولكنه صحيح من الناحية السياسية، ولأن تعبير أجانب أو مهاجرون غير صائب يطلـق عليهم اليوم مصطلح "ذو خلفية مهجرية". ماذا تعتبرين نفسـكِ ؟
ديميربوكن - فيغنر: ان تحديـد المصطلحات مهم جـداً من ناحية، غير ان الأهـم من تحديـد المصطلحات هو الإحساس بالقـدوم إلى هذا المجتمـع. إنني أحس بارتياح في هذه الأجواء. نحن هنا جماعـة نتكلم بلغـة نحن وعلينا أن نشجع ونطـوّر هذه الأجـواء.
بقي أن أقول إنني برلينيـة من أصل تركـي ومن الواضـح أيضاً إنني مسلمـة ولدي خصال مختلفة جدا ويجب اعتبار ذلك شيئاً ايجابياً وفهمـه على انه فرصة وليس شيئاً يهـدد بالخطر.
ناقشتْ الجالية التركيـة طـوال عـدة سنوات موضوع ما نحـنُ ومن نكـون. هل نحـن أجانب؟ هل نحـن مهاجـرون؟ وهل نحن أناس من أصـول غير ألمانيـة؟ أخـي الذي ولـد هنا يقـول: أنا برليني وكفى! هذه هي لغـة الجيل الأصغـر. انه جيل أكثـر وضوحـاً من الجيل الثانـي الذي أنتمي إليه والذي كان عليـه أن يناقش طوال عـدة سنوات موضوع فهـم الذات. وهناك الجيلان الثالث والرابع اللـذان يختلفان بالمـرةعن سـابقيهما. واللذان لا أرغب بإقحامهمـا في هـذه المناقشـة المصطنعـة.
أجرى داغمار تريبشوخ / صحيفة إثنوتريد
ترجمة لمياء أحمد
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2005
ولــدت أمينة ديميربوكن - فيغنر عام 1961 في كيليس – تركيـا. قدِمت إلى ألمانيا سنة 1969 وعادت عام 1977 إلى تركيا لمدة سنتين للحصول على شهادة المدرسة الثانوية هناك.وبعد عودتها إلى ألمانيا درست اللغة الألمانية وآدابها والصحافة في جامعة برلين التكنولوجية.
وبعد تخرجهـا عملت في الفتـرة ما بين 1983 – 1988 كصحافيـة في إذاعـة برلين الحـرة كما في مجال الإشراف الاجتماعي في مركز التأهيل المهني في برلين – نويكولن وكذلك في مؤسسـة رعاية العمـال في منطقة كرويتس بيرغ وفي الوقت نفسه عملت كمدرسة للغة الألمانية في الاتحاد الدولي وفي المؤسسة الاجتماعية لرعاية الشباب. ومنذ عام 1988 تعمـل أمينة ديميربوكن كمكلفة بشؤون الأجانب في منطقة برلين تمبيل هوف/ شونيبيرغ.
في عام 1992 اكتسبت الجنسية الألمانيـة وانتمت سـنة 1995 إلى حـزب الاتحـاد الديمقراطي المسيحي. ومن أجل تمازج واندماج المهاجـرات والمهاجرين والوقوف ضد تمييزهم بذلت جهداً كناطقة باسـم الإتحـاد التركـي في برلين- براندنبورغ ومتحدثـة صحافيـة للجاليـة التركيـة في ألمانيا وكعضـوة في الهيئـة الرئاسية لإتحـاد مكافحـة التمييز العرقـي في ألمانيـا (جمعيـة مسجلة).
إن أمينة ديميربوكن مسلمة مؤمنة وعضو في حزب ألماني ومضى عام على اقترانها بميخائيل فيغنِر البروتستاني وممثل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي ومستشار البناء في مجلس البلديـة. وينـوي الزوجان تربيـة ابنتهما سيرافينا البالغة من العمـر عشرة أشهر بمفاهيـم الديانتين.