فهم الآخر من أجل الحد من النزاعات في المستقبل
منحنا آغا خان ما يزيد عن الساعة، أثناء وجوده في برلين، للحديث عن النجاحات التي حققتها المؤسسة التابعة له. وأكد بصوت هادئ بأن مكافحة الارهاب الدولي لا يمكن ربحها بالسلاح. وبالنسبة له فإنه من المهم بمكان مكافحة أسباب الارهاب. إنه يتكلم عن الفقر وفقدان الأمل في كل مكان من هذا العالم، وهو ما يجب معالجته.
وأثنى آغا خان بدوره على التعاون المشترك بين مؤسسته وبين الحكومة الألمانية، الذي يمتد لسنوات طويلة. فلقد تم التعاون المشترك في مشروع تنموي أقيم في زنجبار. وفي السنوات الأخيرة تم توسيع مجال التعاون الثنائي المشترك ليشمل باكستان وطاجيكستان وأفغانستان. ويعمل كلا الطرفين حاليا في مشروع حديقة الأزهر المشترك في القاهرة. فهناك سيتم تحويل موقع كان للقمامة سابقا مساحته حوالي 30 هتكار إلى حديقة عامة للمدينة، ينبغي لها أن تمنح ما يزيد عن 200000 مواطن من سكان المناطق الفقيرة المحيطة أيضا إمكانيات عمل مختلفة.
لقد كانت مفاجأة للكثيرين في برلين. آغا خان يدعم حرفيا ويؤكد على إستمرار تواجد القوات الأجنبية في إطار قوات حفظ السلام إساف ISAF في أفغانستان:
"لا أعتقد أنه بإمكان بلد من البلدان النامية تحقيق أي تقدم مستمر، في حال عدم ضمان الأمن الداخلي. إن الأمن الداخلي هو شرط للتقدم. ومادام هذا الشرط عصي على التحقيق ضمن الإمكانيات الداخلية، يجب أن تقوم قوى خارجية به. ولا أستطيع فيما يتعلق بأفغانستان الجزم بأي تصور حول المدى الزمني المستقبلي الذي يتطلب تقديم المساعدة الخارجية لهذا البلد."
ولا يخفي آغا خان سرا في نقده للحكومة الأفغانية المؤقتة وذلك في مجال تقاعسها فيما يتعلق بمكافحة زراعة وتجارة المخدرات:
"إن الأمر المتعلق بالمخدرات في حالة تسيب تامة وخارج سيطرة الحكومة بالكامل. وبعد شهر سيحل موعد إنتخاب رئيس البلاد. ثم يلي ذلك بوقت قصير الإنتخابات البرلمانية. إن مسألة المخدرات ستقلق مضاجع الكثيرين."
ويحدد آغا خان إيضا موقفا من الحوار بين المسلمين والمسيحيين. فيؤكد من طرفه بأنه لا يمكن أن يقوم أي حوار جدي سوى عندما يفهم الغرب بأن للعالم الاسلامي تاريخ طويل عريق ومتعدد الثقافات:
"لقد حان الوقت لكي يبدأ الغرب بالتفكير بإعادة صياغة خططه التدريسية. ففي الوقت الحالي يتم التغاضي الفعلي عن تاريخ يمتد لأكثر من 1400 عام لما يزيد عن مليار مسلم. يجب أن نفكر جليا بماذا سنعلم الأجيال، لكي تعيش أجيال المستقبل إلى جانب بعضها البعض وتتفاهم مع بعضها البعض في عالم معولم. لا نستطيع أن نتحمل هذا القدر من عدم المعرفة بعد اليوم – وسيكون خطر كبير علينا جميعا لو تنكرنا لوجود بعضنا البعض."
ويضيف آغا خان بأنه لم يعد ذو معنى الحديث في الغرب عن المسلمين في المحافل الثقافية عالية المستوى وحسب. ولا يتعلق الأمر في هذا الخصوص بعملية تلقين ديني، وإنما في فهم الآخر بشكل أفضل، من أجل الحد من عوامل النزاعات في المستقبل.
هاردي غراوبنر، دويتشه فيلله 2004
ترجمة مصطفى سليمان