ثالوث الانتخابات الرئاسية المصرية.....إسلامي– مدني– فلول
هي أول انتخابات رئاسية بعد الثورة، والتعددية الثانية في تاريخ الجمهورية الحديثة، بعد انتخابات 2005، التي جرت عقب تعديل المادة 76 من الدستور لتتغير طريقة اختيار رئيس الجمهورية من الاستفتاء إلى الانتخاب. في 2005، خاض الرئيس المخلوع حسني مبارك المنافسة أمام مرشحين غير معروفين، كان أبرزهم المعارض السياسي أيمن نور مؤسس حزب الغد، ونعمان جمعة القيادي في حزب الوفد. ولم يصدق الكثيرون آنذاك ما وصفوه بـ"المسرحية الهزلية". بل أخذوا يتبادلون النكات لأشهر بعدها حول ما عرفت بـ"لعنة الانتخابات"، التي طالت وصيفي مبارك، نور وجمعة، وغيرهما، من أحكام بالسجن الجنائي وحوادث طرق أدت للوفاة في بعض الأحيان.
ثلاث تيارات تخوض انتخابات الرئاسة
على النقيض، يأتي المشهد الانتخابي بعد ثورة 25 يناير. "ففي حين خلا نقاش الانتخابات الماضية من أي برامج سياسية، يصنف الناخبون مرشحيهم في هذه الانتخابات وفقا لـ 3 تيارات سياسية رئيسية: الديني، والمدني، وما يطلق عليهم "الفلول" من رجال النظام المخلوع. ومن أولئك الذين خدموا لسنوات في حكومات النظام السابق تحت مظلته الحزبية، دكتور عبد المنعم عمارة، الوزير الأسبق للشباب والرياضة، والنائب في مجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل. يقول عمارة لـ دويشته فيله هناك 3 قوى موجودة أولها تيار إسلامي منقسم على نفسه، ويمثله دكتور عبد المنعم أبو الفتوح ودكتور محمد مرسي ودكتور محمد سليم العوا. وهناك تيار ليبرالي يمثله هشام البسطويسي وحمدين صباحي وخالد علي، وهم أيضا منقسمين على أنفسهم. وهناك من يطلق عليهم رجال النظام السابق وهم عمرو موسى وأحمد شفيق.
ورتب عمارة الـ 5 الأوفر في الفوز من وجهة نظره كالتالي: «موسى أو شفيق ثم أبو الفتوح يليهم صباحي وفي النهاية مرسي». وقال: غالبا سينتهي الوضع بصعود واحد من التيار الإسلامي أمام مرشح عن النظام السابق للجولة الثاني". بسؤاله عن سبب وضعه مرشح الإخوان في ذيل قائمة الأوفر حظا، قال "مرسي ميزته أن وراءه تنظيم محترف. لكن أخطاء الجماعة في مجلس الشعب ثم تخبطهم في طرح مرشح رئاسي أحدث هزة عميقة داخل التنظيم. كما أن رغبتهم في الهيمنة على مقاليد السلطة من برلمان ولجنة تأسيسية ورئاسة بدا ظاهرا للجميع خلال الأشهر الماضية. أرى أن هناك كثيرون فقدوا ثقتهم في الإخوان».
العريان: وقوف الإخوان خلف مرسي يقويه ولا يضعفه
إلا أن دكتور عصام عريان، نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة" دافع عن الحزب ومرشحه قائلا لـDW إن «وقوف الإخوان المسلمين خلف مرسي يدعمه ويقويه ولا يضعفه كما يقول البعض". وأضاف:"هناك إيجابيات كثيرة تدعم موقف مرشحنا وتعزز فرصه في الانتخابات الرئاسية"، لكنه اكتفى بذلك ولم يوضح نقاط القوة تلك، قائلا "نحن في فترة صمت انتخابي ولا يحق لي الحديث".
في الوقت نفسه، انتقد عمارة أداء المرشح أبو الفتوح في حملته الانتخابية، قائلا "مدخله في البداية أعجب الكل، لكنه نسى أنه من الصعب إرضاء جميع الأطراف. الإنسان عندما يسعى لإرضاء الجميع، ينتهي به الأمر بألا ينجح في إرضاء أحد". وأضاف "هذه نقطة ضعف برنامج أبو الفتوح. وموسى استغل هذه النقطة خلال مناظرتهما التلفزيونية".
في المقابل، وخلافا للرأي العام السائد بين القوى السياسية في مصر، اعتبر عمارة أن المرشح شفيق حظوظه جيدة، معتبرا أنه "أجاد استخدام الحملة المضادة له من منطلق (كلكم عليا ولا إيه؟!)، فغالبية الصحف ضده من (التحرير) إلى (الشروق) وحتى (المصري اليوم) إلى حد كبير. كما أنه استغل كاريزمته لاسيما بين النساء، ولا تنسي أن هذا العنصر ساهم في إنجاح رؤساء أمريكيين من قبل مثل باراك أوباما وجون كينيدي"
من جانبه، رأى البدري فرغلي، النائب الأسبق في مجلس الشعب عن حزب التجمع اليساري، أن "ذوي الاتجاهات المدنية يتقدمون الآن، مقابل تراجع الاتجاهات الدينية. فالتيار الديني يملك التنظيم والمال، لكن 95 % من الرأي العام مدني". بمواجهته بأن الرأي العام الذي يتحدث عنه هو نفسه من اختار التيار الديني في الانتخابات البرلمانية، قال: المصريون أعطوا أصواتهم للإسلام السياسي على أنقاض نظام سياسي فاسد ثم اكتشفوا بعد فترة ممارسة أنهم أخطئوا. الأغلبية المدنية تزداد قوة بعدما أبدت التيارات الدينية نيتها السيطرة الكاملة على مقاليد البلاد، على حد تعبيره.
كما رفض فرغلي استطلاعات الرأي التي تفيد بتقدم شفيق، قائلا إن هذه النتائج "تخرج عن مؤسسات الدولة التي مازالت تدين بالولاء لحسني مبارك. الحزب الوطني مازال موجودا داخل المحافظات بتشكيلاته، ويجتمع هناك بدلا من الاجتماع في مقرات الحزب". وكانت استطلاعات الرأي قد وضعت شفيق في المقدمة، ما أثار غضب الكثيرين ممن يرونه أحد أبرز رموز النظام السابق، ويدللون على ذلك بأنه كان آخر رؤساء الحكومة الذين لجأ إليهم مبارك أثناء الثورة لتهدئة الغضب الجماهيري.
وعلى الأرض، لم يحقق شفيق نتائج تذكر في انتخابات المصريين بالخارج، والتي جرت في الفترة من 11 – 17 مايو الجاري، ووضعت المرشح المستقل أبو الفتوح في المقدمة على مستوى أمريكا وغالبية دول أوروبا، في حين احتل مرشح "الإخوان" الصدارة في دول الخليج، لاسيما المملكة السعودية، صاحبة أضخم كتلة تصويتية للمصريين في الخارج.
جدل حول صحة إعلان نتائج انتخابات المصريين بالخارج
لكن الناشط السياسي جورج إسحق، وعضو لجنة المجلس القومي لحقوق الإنسان لمراقبة الانتخابات، قال إن "الإعلان المبكر لنتائج المصريين في الخارج كان خاطئا. المؤشرات قد تحفز الناس أو تحبط آخرين، وهذا إجراء غير قانوني. الناخب داخل مصر حائر، وبهذه النتائج، زادت حيرته". إلا أن الناخب باسم ياسين، ويعمل مدير تسويق بإحدى شركات الدعاية، أكد أن نتائج انتخابات المصريين بالخارج لم ولن تؤثر على قناعته، بسبب ما وصفها "خلل التركيبة المشاركة، والتوزيع غير المتكافئ للمصريين بالخارج، بما أسهم، على سبيل المثال، في استحواذ المملكة السعودية على أعلى أصوات للمصريين من ذوي الميول الدينية، والتي صبت معظمها في اتجاه تيار واحد".
وأضاف "لا أعتبر هذا مقياسا لتفرد مرشح أو تيار معين بالأصوات". وأشار ياسين إلى أن قناعته بمرشحه المستقل حمدين صباحي مازالت كما هي لم تتغير، بل رأى أن "الفرصة سانحة له الآن، نظراً للالتفاف الجماهيري الملحوظ حوله في الفترة الأخيرة، لاسيما بعد مناظرات المرشحين التي أسهمت في صعود أسهمه بشكل واضح"، على حد قوله.
أميرة محمد ـ القاهرة
مراجعة: عبده جميل المخلافي
حقوق النشر: قنطرة 2012