الانتخابات الهولنية- مسلمون تحت قبة البرلمان وسط تراجع الأحزاب المعادية للإسلام

أظهرت النتائج الأولية للانتخابات الهولندية تراجع الأحزاب المعادية لأوروبا وكذلك الأحزاب التي تتخذ من شعار معاداة الإسلام مادة انتخابية ودعائية، حيث لم تعد مثل هذه الموضوعات تجد اهتماما كبيرا لدى الناخب الهولندي. أنس بنضريف من أمستردام والمزيد من التفاصيل.

 

عاشت هولندا البارحة تشويقا كبيرا قبل الإعلان على نتائج الانتخابات البرلمانية في وقت متأخر من الليل والتي فاز بها الحزب الليبرالي بفارق مقعدين عن غريمه حزب العمل. وفاز الحزب الليبرالي الذي كان يقود الحكومة السابقة بواحد وأربعين مقعدا يليه حزب العمل بتسعة وثلاثين مقعدا، بينما كان أكبر الخاسرين هو حزب الحرية اليميني المتطرف الذي يقوده خيرت فيلدرز بفقدانه ثلاثة عشر مقعدا بالمقارنة مع انتخابات 2010 . وأظهرت النتائج الأولية بصفة عامة خسارة الأحزاب المعادية لأوروبا كالحزب الاشتراكي ودخول حزب جديد لأول مرة بالبرلمان بثلاثة مقاعد يدعى حزب فوق الخمسة والخمسين والذي يمثل شريحة المتقاعدين وكبار السن.

قراءة النتائج

الصورة أنس بنضريف
"يعزى تراجع شعبية حزب الحرية إلى فقدان وهج شعار المعاداة للإسلام في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب هولندا"

​​ويعزى تراجع شعبية حزب الحرية إلى فقدان وهج شعار المعاداة للإسلام في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب هولندا وسيطرة مواضيع كالبطالة والصحة والتعليم على اهتمام الناخبين. كما عرف حزب اليسار الأخضر انتكاسة كبرى بالفوز بثلاثة مقاعد فقط وذلك لصراعات داخلية من أجل زعامة الحزب في الأشهر الماضية، بالإضافة إلى أن مواضيع البيئة لم تعد تغري الناخب الهولندي وهو يعاني من آثار الأزمة. وعرف الحزب المسيحي الديموقراطي أكبر خسارة له في تاريخ الانتخابات البرلمانية بعد ان قاد الحكومة مرات عديدة ، فيما يبدو نتيجة معاقبة الناخب لتحالف الحزب مع حزب الحرية اليميني وتذبذبه في القضايا الأخلاقية وهروب فئة كبيرة من مناصريه الى الحزب الليبرالي .

مسلمون في البرلمان

وعرف عدد المسلمين الذين وصلوا إلى قبة البرلمان تراجعا بالمقارنة مع الانتخابات الماضية. ويمثل حزب العمل الاستثناء بوصول ثلاثة مرشحين ذوي أصول مغربية وتركيان. بينما اقتصر الحزب الليبرالي الفائز على مرشح فائز واحد. وفاز مرشحان ذو اصول تركية بألوان الحزب الاشتراكي بينما فازت مرشحتان من اصول مغربية بمقعدين عن حزب اليسار الأخضر وحزب الديموقراطيين الستة والستين. ويعتمد قانون الانتخابات الهولندي على نظام اللائحة الذي يسمح بفوز المرشحين
عن طريق الأصوات التفضيلية.

وصرحت خديجة أعريب من حزب العمل والتي تعتبر قيدومة البرلمانيين المسلمين بأزيد من أربعة عشر عاما تحت قبة البرلمان لموقع قنطرة ان النتائج المحصل عليها تعتبر قطيعة مع ماض سياسي اتخذ من مشاكل الهجرة والاندماج حصان طروادة لخلق جو من الكراهية ضد المسلمين. وترى خديجة أن الحكومة القادمة ستقوم ببذل المزيد من الجهد في ميادين التعليم وخلق فرص العمل  التي يعاني منها الشباب المسلم في هولندا. وتشير القراءات الأولية أن عددا كبيرا من المسلمين صوت إلى حزب العمل، الذي فسرته البرلمانية خديجة بوعي المسلمين بنجاعة الورقة الانتخابية التي أحسنوا استعمالها لكبح فرامل اليمين المتطرف.

تراجع الاهتمام بمواضيع المسلمين

 ا ب
مظاهرات احتجاج في لندن ضد زعيم الحزب اليميني المتطرف في هولندا

​​وفي تعليق على نتائج الانتخابات صرح الإمام الشاب ياسين الفرقاني الناطق الرسمي للجمعية الإسلامية بهولندا والتي تضم المغاربة والأتراك داخل فعاليتها لموقع قنطرة بأن النتائج في مجملها مطمئنة . وأضاف أن انحسار اليمين المتطرف في ظرف عامين أظهر وعيا لدى الناخب الهولندي بشعبوية برامجه وأن فترة توهجه كان مرحلة عابرة. وبالنسبة لآثار النتيجة على الجالية الإسلامية يقول ياسين أن الائتلاف الحكومي القادم الذي سيضم حتما الليبراليين و حزب العمل سيكون متوازنا وسيركز على تقوية الاقتصاد وخلق فرص عمل. ولا يعتقد أن قضايا الجالية الإسلامية ستكون محل نقاش واسع في المفاوضات لأن على عكس الانتخابات الماضية لم تكن مواضيع كالإسلام والاندماج مؤثرة في النقاش العام.

وكان شهر يونيو المنصرم قد عرف دعوة عضو ينتمي إلى مجلس الشريعة بلندن إلى إنشاء مجلس مماثل في هولندا للنقاش حول الشريعة في هولندا، الأمر الذي دفع الحزب الليبرالي الفائز لإدراج منع الشريعة في برنامجه الانتخابي. النقاش الثاني الذي رأى طريقه إلى الحل هو عدم إدراج الحظر المفروض على طقوس الذبح الحلال في برامج الأحزاب بعد منعه في مجلس الشيوخ بعد معارضة شديدة للجالية المسلمة واليهودية. وفي المقابل اقتصر موضوع حظر النقاب على أحزاب قليلة تنادي بمنع ارتداء النقاب حين يشكل إخفاء الوجه خطرا أمنياً .



أنس بنضريف- أمستردام
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2012